طبيب في الأردن

92 17 23
                                    

قطعت الحدود بعد معاملات ورقية كثيرة طويلة استقلت بعدها حافلة أخرى وكانت حامدة شاكرة على غير العادة.. لم تنتبه على أنها في السابق كانت وفي طائرة خاصة تتذمر من نوعية المياه نفسها، لكنها الآن تشعر بسعادة عارمة داخل باص عادي مكتظ بالركاب.

وصلت إلى العاصمة فحجزت في فندق بسيط هذه المرة، ثم خرجت في اليوم التالي مباشرة
إن السير في الطريق يساعدها على تصفية وترتيب أفكارها، لقد أمضت ما يكفي من الوقت في السياحة، ثم فكرت في شراء هاتف جديد لكنها أدركت بأن لا جدوى من ذلك في حين لا تحفظ رقم أي أحد، وتذكرت والدها والسيدة هناء.. ماذا لو أرادت الاتصال بها ؟ ثم ماذا عن التحدي.. لقد نسيت بأن ما أوصلها إلى هنا في المقام الأول هو التحدي..
،هل يعقل بأنها فاشلة مع الرجال إلى هذا الحد ؟ لقد افتقرت على الدوام إلى مقومات الأنوثة، كما أن عقليتها وشكلها لم يكونا مساعدين، إنها لم تكسب اهتمام نصف رجل حتى...

وكانت تقطع الطريق وسط شرودها عندما خاطبت نفسها بحزم : يجب أن أكف عن توريط نفسي مع شباب لا أعرفهم بتهور وطيش

في هذه اللحظة بالذات دوى صفير سيارة يسارها فجأة لكن الأوان فات على تجنبها، فقذفتها بعيدا.

لم تشعر بأي ألم بينما تحدق في زرقة السماء، ممددة منتصف الطريق، غارقة وسط دماءها، بل إنها لم تشعر بشيء حتى أطرافها..

تجمع الناس حولها بعضهم قلق والبعض فضولي وحسب، وارتفعت الأصوات لكنها لم تكن تصلها، لم تسمع أي صوت بل ثقلت جفونها وشعرت برغبة ملحة في النوم فتمتمت قبل أن تغمض عينيها : إذا عشت هذه المرة.. فسأعود للبيت

دام الظلام زمنا لا تعرفه لكنه بدى دقائق معدودة لأنها حين فتحت عيونها توقعت أن تجد السماء الصافية ،لكنها فوجئت بسقف أبيض،
جابت المكان ببصرها قليلا " هناك منضدة على يمينها وباب على يسارها وغطاء فوق جسدها، خفضت بصرها أكثر لتجد أنبوبة متصلة بذراعها فأدركت بأنها في المستشفى.

انتفضت مضطربة الملامح فوضعت قدميها على الجانب الآخر من السرير، وما إن وقفت إذ بشخص يفاجئها، ظهر أمامها فجأة فارتدت إلى الخلف لتجلس، ورفعت رأسها

شاب يبدو في أواخر العشرينات ذو شعر بني فاتح وعيون عسلية حادة فوقها نظارات طبية رقيقة، بشرته فاتحه وجسده معتدل، يرتدي مئزرا أبيض، عرفت من خلاله بأنها الطبيب يملك ملامح هادئة رصينة رأت في عيون الألفة والسكينة، هذا كله قبل أن يبتسم لها ابتسامة ساحرة طفيفة، أشعرتها بارتياح بالغ ،وبينما تتأمله وضع يده على كتفها ليسندها على المخدة قائلا بصوت عذب رقيق : غير مسموح لك بمغادرة السرير يا آنسة

ستة قلوب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن