ناجٍ

72 6 5
                                    



تمضي الحياة بنا ونحن ما بين نهوض وسقوط، تترك بعض الأزمات أثاراً محفورة في النفس، لا تكاد تُخطئ معظمنا، وتتدرج هذه الأثار من السّطح وحتى أعمق نقطة في داخل كل فرد، ألا وهي صورتنا الذهنية عن أنفسنا!

وهنا أريد وبشدة أن أربت على هذه الآثار الملتهبة وأنفخ عليها برفق.

إن سبق ومررت بمعضلة هي أشبه بعاصفة رعدية ضربت أرضك؛ فأحرقتها، وأمطرت على أحلامك؛ فأغرقتها، وانتهت بعد أن جرفتك أشلاءً إلى وجهة لا تُدركها؛ فأنت ناجٍ.

عندما يرتد نفسك الأول بعد أن رفعت ذقنك بثقل كي تسحب من هواء الحياة الذي بات ثقيلاً على صدرك، احمد الله.

-لقد كُتبت لك فرصة جديدة-

أدعوك لتحتضن كلماتي ذُعرك، كي تهدأ وتداوي نفسك، بكل ما قد حملته في صدرك استرح ودعنا نتحدّث.

في حين أن لو كانت علاقة سامة أهلكت فؤادك، أو صدمة قوية زعزعت مرساتك، أو قراراً اتخذته مُغرراً، آمن بأنه ليس خطأك!

علينا أن نقذف بالاتهام حيث يقف المتهم، وننزل الناس والمواقف منازلها، اختلاط الأمر بينها كارثة؛ ففي حين تكون ضحية، ستبدأ بإلقاء اللوم على نفسك؛ فتصبح أنت شرير القصة، في حين كان للحقيقة وجه آخر أنت تُشيح عنه النظر نحوك؛ لأنك! انقلبت على نفسك.

أنت ذكي، وحسن النية، وصافي القلب، ورائع بطريقتك، أنت قوي وفذّ، إياك أن تُحمّل فضائلك أوزار اختيار أو فرصة طاهرة أتيتها لمن لم يستحق، إنها تجربة مريرة، ولكن تحسس رحمة الله التي حرفت مسارك بسرعة قصوى مثل مكابحٍ تقيك شر الاصطدام!

إن ما أتكلم عنه يا أصدقاء ليس مشكلة صغيرة تُعكّر مزاجك، ولا موقفاً صعب قد يمر يومك بسلام إن تغاضيت عنه، بل شيء أقوى، شيء يقض مضجعك ويأكل قلبك، شيء يسرق من عمرك أشهر وأعوام، شيء يمتص بقايا السلام من حياتك، يقلب كيانك وكينونتك رأساً على عقب، حيثُ تقف قبالتك هلعاً لتقول
"هذا ليس أنا"

لن أتحدث بطريقة سطحية وأخبرك بأن لا تسمح لكل هذا السوء أن يفقدك قيمتك؛ لأن في الحقيقة ستتعرض نواتك لهجوم غاشم حتى تصبح في عين نفسك محض شك، شكوك منسوجة حول ما تستطيع فعله وما تفكر به وما تقوله، لن تلتفت إلى معادلات الصواب والخطأ، بل تُسائل نفسك هل أنا جيد؟ هل أنا طيب؟ هل أنا قوي؟ قادر؟ أو ببساطة هل أنا كافٍ أصلا؟

وهنا قد تهرب إلى كل شيء بحثاً عن نفسك، وتتحمل مواقف أو كلمات أو أشخاص ما كُنت تطيقها لو كنت في حالتك السليمة، فقط كي تجد من جديد قيمتك، تلك التي اختبأت في داخلك كي تبحث عنها لديك وليس في الخارج كما فرضت عليك الحالة الراهنة.

استغرق في البكاء قدر ما تريد، واسرد القِصّة ألف مرة إن كان ذلك يشعرك بالارتياح، أنظر إلى عيني شخصٍ تحبه ويحبك وأخبره بأنك تتألم، تحسس قلبك وأقرأ عليه "وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم"
انظر إلى السماء وناجي الله بأنينك وثقل صدرك، خذ وقتك في الاستفاقة.

وبينما تأخذ الأمور مجراها إلى حيث كتب لها الله، راقب بحرص، وبيقينٍ راسخ بعدل الله ولطفه وحكمته بك، كن مستعداً للحظة التي ستكفّ المصاعب فيها عن فرض نفسها عليك؛ لتقف أخيرا في نقطة فاصلة ما بين "أنا عاجز" وبين "أختار أن أنتحب" فبعد كل هذا الوقت ستحين اللحظة التي سيعيد الله فيها السيطرة إليك حيث ستجد أنك قادر على اتخاذ خطوة صغيرة إلى الأمام، ولكن أنت من يقرر آن ذلك، عليك إيجاد الدافع أو الرغبة للتخطي، فالشعور بالشفقة تجاه نفسك لذيذ، قد يسرق أياماً من عمرك لن تُعوّض.

_____________________________________

"بسم الله رب الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يُغادر سقما"

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

"بسم الله رب الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يُغادر سقما"

رب القلوب المتعبة، رب المشاعر النازفة أغثنا واشف صدورنا وتقبلنا وهون علينا العيش مادمنا باقين، وألهمنا الصبر والسلوان برحمتك يا أرحم الراحمين❤️‍🩹.

—————-
القادم: (تعافي)
في انتظار النشر....💕

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 10 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

فلسفة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن