هل نحن نُصنع؟

5.2K 283 194
                                    


فكر معي مليًا ما إن سبق وحاول أحدهم أن يصنعك؟
أجل أي حاول أن يشكل كيانك وفق ما يريد!

قد تقول كلا لم يمر الأمر بي!..
ولكني أجزم بأنه قد حدث معك.

دعني أقل لك شيئًا..هل سبق وحاول أحد والديك أن يحددا من أنت؟

إن الأمر غير منوطٍ بكونهما اعترضا المجال الذي تريد دخوله أو حاولا منعك من ارتياد مراكز تدعم ميولك، إن الأمر أعمق..!

ربما حاول أحدهم معاملتك كشخص مدلل، وفرضا عليك التعامل بهذه الطريقة وبالطبع انصعت لها بكونك شعرت بأنها طريقة مريحة، لم تكن لتكون شخصًا مدللا إن لم يعاملك والداك هكذا وبالتالي... صنعاك مدللًا!

ربما الأمر مناقض لذلك تمامًا كأن يحكم عليك أحدهم بأنك شخص سيء!
نعم أنت الشخص العاق الكاذب والفاسد، بالرغم أنك في داخلك لم تكن كذلك، ولكن وفقًا لمعاملتهما لك بدأت تصرفاتك تنزح لكونك سيئًا حقًا... بذلك هما صنعاك!

توقف للحظة وأبحث عن الأمور التي تشابه هذه!
ربما تجد الكثير ربما ليس والديك بل معلمك بل صديقك أو حتى إخوتك، لعلمك لست وحدك من مررت بهذا الأمر، نعم!
جميعنا مررنا به بشكل أو بأخر، إن من أحد هذه الأشكال هي الظروف قاسيها وجيدها.

فمثلا قد تجرك الظروف السيئة لأن تتغير وتصبح كئيبًا وسوداويًا ومتشائمًا ضد كل شيء حتى بعد رحيلها بالتالي.. صنعتك!

أو ربما تكون شخصًا عاديًا هادئًا؛ فتجري الرياح الجيدة وتهديك بعض الفرص لتصبح شخصًا ضاحكًا وسعيدًا، وتتغير كليًا.. لقد صنعتك!

توقف للحظة، لماذا تجعل كل شيء يصنعك من جديد!
أو يغيرك بشكل جذري!

نعم نحن نتأثر ولكن بمقدورنا أن نقود ذلك التأثير؛ ولكننا ببساطة سمحنا لهم بالقيادة!

فكر لدقيقة واحدة في سؤالي
"لماذا يقودني كل شيء؛ ويجعلني في كل مرة على حال؟"

بينما لديك القوة لقيادة نفسك!

إن اقتنعت بكلامي فلتجلس معي على نافذة ذكرياتك، وضع الشخص أو الشيء الذي كان يقودك أمامك ولنتحدث إليه

ولتكن والدتك مثلا

أنت شخص سيء!
-ولكن لماذا؟

لطالما كنت شقيًا في طفولتك!
-ولكني لم أعد ذلك الطفل الذي ولدته!

ستفاجأ بالأسباب..!
قد يخلط الجميع بين ما نحتاجه وبين ما يريدونه وهذا ما يجعل عبارة
"لأجل مصلحتك"
تبدو وكأنها
" عليك فعل ذلك لأجل أن تصبح ما أريده أنا، أو لتكون ملائمًا لرغبتي!"

لا يهم إن كانت رغباتهم سيئة أو جيدة، المهم أنها ليست رغبتك الشخصية هذا كل شيء!

والأن ماذا إن كان صديقك؟

اسمع أنت تجيد عزف الكمان، ما رأيك بأن تعزف البيانو بدلاً عنه؟
- ولكني لا أحب البيانو، بل الكمان أكثر.

بلا بلا أرجوك، إن صوته أجمل كذلك لتلحن لي، هيا أنا بحاجتك والصديق وقت الضيق.
- ولكن المعذرة أنت لا تمر بحالة ضيق! أنا حقًا أحب الكمان ولا استلطف البيانو!

نيته ليست سيئة ولكنه ضغط عليك بحجة الصداقة، لتترك ما تحب وتذهب إلى ما يحب
وقد تخسر فرصة لأجله، وتضطر للانغماس فيما يريد هو، ولو أنك قبلت لكان ذلك خطأك وليس خطأه؛ لأنك لم تعترض بلطف وتعبر عما تريد!

حسنًا ماذا إن كان حدثًا سيئًا..؟

-في تلك اللحظة بالذات جعلتني جريح القلب، ما السبب؟
ببساطة لأنك فكرت بعمق فيما حدث.

-ولكنه كان مؤلمًا، من الطبيعي أن أحزن.
نعم كان لك أن تحزن لشهر على الأقل، بينما تلبسك الحزن لعامين وها نحن نقبل على الثالثة، ألم يحن الوقت لتتركني في حال سبيلي؟

بهذا يبدو أنك بالغت في الحزن، اليس كذلك!

اكتشف مالذي يجعل المأزق يسلب طاقتك؟
وعندما تكون صريحًا معه ومع نفسك ستدرك منبع الألم أو الشوكة التي مازالت عالقة، وفي حوار عقلاني لبضع ثوان صدقني لستنتزعها بنفسك، ولن تحتاج لطبيب!

الكثير من الأمور التي قد تمر بها ولا تعبر عن نفسك بكل وضوح أو لنقل كما يجب، أو حتى قد تبدأ بصنع الأوهام من حولك لتعيش من خلالها، وتخدع نفسك ولا تصدق معها، وتلك أخطاء ترتكبها بحقك.

ذكر نفسك دائمًا أننا كبشر نختلف وكوننا نرفض ونقبل بعضنا لا يعني أن فينا جيد وسيء، بل فينا أنواع والأنواع قد تتناقض، هذا هو الأمر ببساطة!

ولأجل ذلك قد لا تتفق مع كلامي هذا أو مع جزء منه أو حتى مع نقطة، وذلك طبيعي أنا لن أرفضك؛ فأنا لا أعرف ما تمر به ولا كيف مررت عبر كل ما صادفته، ولكن يا صديقي هناك بعض القواعد التي تسير بها الأمور بشكل عام، وهناك قواعد قد تضعها لنفسك وتظنها صائبة أو حتى قد تظنها سيئة، وأنت لديك عقل بإمكانه أن يفكر ولديك مطلق الحرية لتقرر إلى أين تسير أو إلى أين تسير بك الأمور!

لذا قف أمام كل شيء وعبر عنك ولا تسمح لشيء بأن يصنعك بل كن أنت القائد دائمًا.

فلسفة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن