الجزء الثاني 6

758 15 0
                                    


_عارفها صعبه عليك ، و عارفك مخلوعه و ما قادره تصدقي بس لازم تصبري ، الموت سنة الحياة و لكل أجل كتاب ، هي سبقتنا باليوم بس و دعواتنا ليها حـ تكون مرافقاها ، ما حاجه ساهله إنو الواحد يتقبل حقيقة موت شخص قريب منو ، وفاة حبوبه إخلاص كسرتنا كلنا ، صدقينا كلنا ما كويسين و كلنا مصدومين زيك بس مجبورين نقوي نفسنا ، أنا قدامك و قدام الناس بحاول اتماسك و عشانك أنا مقوي قلبي و صابر ، و انتِ مفروض عشاني و عشان أهلك تحاولي تشدي حيلك و تقوي نفسك ، شوفي أمك هسي رغم الفاجعه الصابتها نست نفسها و بقت شايله همك انتِ ، شوفي خالتك سارا بتغمر و لمن تقوم بتجي جاريه ليك انتِ عشان تشوفك ، شوفي رشا أختك رغم حالتها البطاله الهي فيها بس مع ذلك خايفه عليك أكتر من خوفها على نفسها ، شوفي أبوك ، شوفي أخوك كيف بحاولوا يتظاهروا بالقوه عشان هم رجال و ما عايزين ينكسروا ، ما عايزين يضعفوا قدامكم عشان ما يضعفوكم معاهم ، مشوا دفنوا حبوبتك بـ يدينهم و مع ذلك صابرين ، شوفيني أنا طيب ! حاسي بالعجز ، حاسي نفسي مكتف لأني ما قادر أعمل ليك شي ، ما قادر انزع الوجع الجواك ، ما قادر اخفف عنك ، حاسي بإحساس مميت لأني شايفك في الحاله دي ، حاولي تبكي طيب !... أبكي عشان ترتاحي و تبردي قلبك ، أبكي عشان تصدقي إنو حبوبه إخلاص بقت في رحمة ربها ، أبكي عشان تقدري تدعي ليها ، عشان تقدري تثبتي و تصبري ...

طبعاً ناصر كان بتكلم معاي و هو ضاميني عليهو و محتويني بـ يديهو ، و أنا قاعده على الأرض و هو ذاتو قاعد معاي ، كان بتكلم معاي و أنا حاسه نفسي في عالم تاني ، من شدة الوجع و الخلعه الدخلت فيني ما كنت قادره اتكلم ، ما كنت قادره أتحرك أو أبدي أي ردة فعل ، رغم إني لاحظت للجرح العميق الفي يد ناصر و للخدشه العلى جبينو بس ما كان فيني حيل اسأل ، قلبي كان ميت و عقلي ما عارف يصدق شنو و يكذب شنو ! كل شي بالنسبه لي كان زي الحلم ، كل حاجه حصلت بسرعه و في لمح البصر حالنا إتبدل ، حتى جية ناصر دي و قعدتو و كلامو معاي كلو كنت شاكه إنو ما حقيقه ! للحظات إختلط علي الواقع و الخيال فما عرفت أفرزهم !
شويه كدا خالتي سارا جات داخله و هي ساكته و عيونها دي واقعه من شدة البكى ، قالت لينا أطلعوا بعد دا ، ناصر وقف على حيلو و وقفني ، قال لـ سارا طالعين دقائق بس ، بعدها هي طلعت ، ناصر قال لي حـ تتحركوا بعد دا ، ما معروف نتلاقى متين تاني بس حـ ألحقكم بإذن الله ، كل العايزو منك إنك ما تضعفي ، لازم تقوي نفسك و تشدي حيلك شويه ، و ختي في بالك إني أكيد حتى لو ما كنت معاك فأنا معاك ، في أي وقت و في أي زمان بتقدري تتصلي علي ، و أنا حتى لو انتِ ما إتصلتي حـ اتصل و أتطمن عليك ... لمن رفعت عيوني و عاينت ليهو قال لي أنا كمان ما هاين علي أخليك في الحاله دي ، ما هاين علي انتِ تكوني في مكان و أنا في مكان تاني ، بس كلو حيكون تمام و حـ ألحقكم ان شاء الله ، باسني على جبيني و ضماني عليهو مسااافه و هو بقول لي : ما أوصيك على نفسك ، إياك تهمليها ، و بطلي عناد و قوة راس ، و اسمعي كلام أهلك و ما تعذبيهم و تقلقيهم عليك لأنو الفيهم مكفيهم ... اتكلم معاي دقااايق و أنا ساكته ، بعدها بعد عني شويه و خت يدينو على أكتافي و قال لي لازم تصبري و تشدي حيلك و تقوي نفسك ، أنا بعرفك انتِ أقوى من كدا ... لمن ما رديت عليهو قال لي من هسي بديت أقلق عليك ! اتكلمي معاي ، ان شاء الله تقولي حرف واحد بس !
لمن برضو ما إتكلمت معاهو إتنهد و قال لي خلينا نطلع بعد دا ، شكلو اليوم دا حيكون اسوأ من يوم أمبارح ، ربنا يستر عليكم و يوصلكم بخير و سلامه ... طبعاً الوقت داك الساعه كانت 6 صباحاً ، أصلاً من أمبارح ماف زول فينا نام ، من الصباح بدينا نسمع أصوات ضرب الطيران و المضادات ، المهم ناصر شال الطرحه الكانت على السرير و لبسني ليها ، و شال لي شنطتي الكانت على السرير و أنا طوالي إتحركت و مشيت على باب الغرفه ، قال لي حتى وداع ما عايزا تودعيني ؟؟
ما إتلفت عليهو و ما رديت عليهو ، واصلت مشي لحد ما فتحت الباب و طلعت لـ ناس أمي ، كانوا بعاينوا لي لحد ما وصلتهم و أنا ساكته ، أبوي طوالي قال قوموا يا جماعه ماف وقت ، طوالي جات أمي ساقتني و طلعنا برا الشارع ، طبعاً مااااف ولا زول و الجيران الكانوا معانا طلعوا الصباح بدري ، في ناس شنط ما شالتها ، قاموا طالعين بالملابس اللابسنها ، لمن طلعنا الشارع زيدان قال لـ ناصر وين الزول دا ؟ ناصر قال ليهو : قال قريب ، دقيقه اتصل عليهو و فعلاً إتصل على بتاع العربيه و قال ليهو أنا في بداية الشارع و فعلاً ما تمينا دقيقه إلا و شفناهو واقف قدامنا ، نحنا ركبنا و أبوي و زيدان بقوا واقفين مع ناصر و بتكلم معاهم ، بعدها أبوي و زيدان جوا ركبوا بعد ما ودعوا ناصر ، قبل ما العربيه تتحرك ناصر جانا بالشباك ، قال لينا يلا يا جماعه ان شاء الله تصلوا بالسلامه ، أمي قالت ليهو بصوت مبحوح الله يسلمك ، أبوي قال ليهو و انت ذاتك ما تقعد يا ناصر ، اسمع الكلام و أبقى مارق ، براك شايف الوضع كيف ماشي للأسوأ ، البلد دي تاني ما بتنقعد ، قال ليهو ان شاء الله يا عمي ... كنت حاسه بنظراتو علي بس خالص ما عاينت ليهو لحد ما العربيه إتحركت ، طبعاً كل الشوارع خاليه ، كل البيوت باهته ، الناس الكانوا لسه صامدين و قاعدين بعد الحصل أمبارح و بعد تأكيد خبر استيلاء الدعم السريع على معسكر الإحتياطي المركزي كل الناس طلعت من الصباح و في ناس من أمبارح مرقت رغم دناءة الوضع ، في القصف الإستمر أمبارح لحد الساعه 9 بليل الناس بالفي و بالمافي طلعت ، بعد مشينا بعيد شويه إتلفت وراي و شفت ناصر من بعييد لسه واقف جنب باب البيت ... قلبي لحظتها كان بعتصر من الألم بس للأسف برضو ما بكيت ، و نحنا طالعين الطياره كانت بضرب يمين و شمال و رشا خاته يدينها على أضنيها و بتبكي و أمي حاضناها و بتهدي فيها و هي دموعها نازله ، سارا إتلفتت علينا و قالت لي تعالي أقعدي جنبي هنا ، لمن مشيت و قعدت جنبها ختت راسي على كتفها و بقت ضاماني عليها ، هي و أمي رغم الفيهم و رغم وجعها و جرحهم النازف إلا انهم مع ذلك كانوا بواسونا أنا و رشا و هم ما لاقين زول يواسيهم ، رغم حرقة قلبهم على أمهم إلا انهم كانوا بحاولوا يطفوا حرقة قلبنا ، أمي و خالتي سارا صمدوا و أظهروا ثبات ما عادي ، صبروا و اتماسكوا عشانا أنا و رشا ، لمن مشينا بعيد بقينا نشوف في الطيران و هو بضرب و شايفين الصواريخ البتطلع زي شرارة النار ، رشا دي كانت بتبكي لحد ما طلعنا من الخرطوم ، طبعاً لاقينا إرتكازات دعامه ، ما عارفه قالوا شنو أو الحصل شنو ، كنت في عالم تاني ، مع الضهريه كدا نحنا وصلنا مدني ، بتنا هناك و تاني يوم طوالي اتجهنا على بورتسودان ، لمن وصلنا هناك تاني ركبنا عربيه وصلتنا لحد بيت كدا ، أول ما نزلنا لقينا خالي إيهاب في وشنا ، كل الصمود و كل الثبات الكان جوه أمي و خالتي إتلاشى لمن شافوا أخوهم ، خالي إيهاب ضماهم عليهو الإتنين و هو يبكي و هم يبكوا ، رشا ذاتا بقت تبكي معاهم و أصواتهم بقت عاليه لدرجة إنو ناس الحي جوا مارقين و باب البيت الكنا واقفين منو إنفتح و جات ندى مرت خالي طالعه و معاها راجلين و 3 نسوان ، جوا عزونا و دخلونا جوه و أمي و سارا لسه ماسكين في خالي إيهاب و ببكوا ، دخلهم جوه و إتكلم معاهم و حاول يهديهم شويه و هو بمسح في دموعو ، لمن إتلفت شافني خلاهم و جاني ، ضماني و أنا حاسه بدموعو في كتفي بس برضو ما بكيت ! حسيت قلبي إتحجر عديل ، كان صعب علي إستوعب إنو حبوبه ماتت و أنا أصلاً ما شفتها جنازتها فكيف حـ أصدق ، دخلني جوه و هو شغال لي دي إرادة ربنا نحنا ما بيدنا شي غير الدعاء ... شويه كدا الجيران جوا و البيت إتملا ناس ، ناس أمي طلعوا برا عشان الناس جوا يعزوهم و أنا قعدت جوه براي ، شويه كدا ندى جاتني داخله ، قعدت جنبي و قالت لي ربنا يصبركم على فراق حبوبه إخلاص ، والله لمن سمعنا ما صدقنا ، والله إيهاب دا لحد اللحظه دي ما مصدق ، ما تشوفيهو واقف على حيلو و بستقبل المعزيين والله هو من جوه منهار شديد ... اتكلمت معاي شويه و طلعت ، طبعاً البيت بيت خالها ، هي و خالي كانوا في سنار مع أهلها لأني في شهرها الأخير تقريباً ، لمن سمعوا بالحصل سبقونا و جوا بورتسودان و خال ندى هو الأصر إنو ننزل في بيتو لحد ما نسافر ، طبعاً كل معارفنا الفي بورتسودان جونا في نفس اليوم و لسه في ناس جاين من باقي الولايات عشان كدا أبوي أجل السفر شويه لحد ما يعملوا الفراش و يجوا الأهل يشوفونا و يعزونا بعدها حـ نسافر .....

زهرة فؤاديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن