#زهرة_فؤادي1
الجزء الثاني
مها حولي الزاكيمرات كتيره كنت بحس إنو البكى ما كفايه ، و إنو ما كل وجع أو جرح بشفى و بطيب بالبكى أو مع مرور الزمن ، حتى الفضفضه و النوم ما كفايه ، فشلت في إني ألقى طريقه أهرب بيها من الواقع المرير و المميت ، فشلت في إني أشغل نفسي و ألقى وسيله أسكّن بيها وجعي بس كل المحاولات باءت بالفشل لحد ما في الآخر إتوصلت لـ إنو المواجهه هي أنسب خيار ، و إنو قعادي مُكتفه حـ يزيد إكتئابي ، و إنو أنا ما حـ ألقى أي اجوبه لإستفهاماتي ما لم أمشي و أبحث عنها بنفسي ....
و أنا واقفه و سرحانه بعيد ، لفت إنتباهي صوت لؤي و هو بقول لي يا مهااا بصوت عالي ! لمن رجع لي تركيزي ، عاينت ليهو و قلت ليهو ايوه ! قال لي سرحتي وين !! لحظات و حتكوني على الهواء مباشرة ! قلت ليهو تمام جاهزه ، ركبت السماعات و شلت المايك و هو عدل الكاميرا ، بعدها بلحظات جاني صوت ضحى زهيري مذيعة قناة الحدث و هي بترحب بي و بتسألني عن الوضع الحالي في السودان و عن حال المواطن ....
رديت ليها :
كما يعلم الجميع فقد شهد الشهرين الماضيين إشتباكات عنيفة بين الجيش و الدعم السريع ، بعد ما يقارب السنتين من ما يسمى بإنقلاب 25 أكتوبر ، أدى إلى ضرب مساعي و آمال الإنتقال المدني في السودان ، و منذ إندلاعها في الـ 15 من أبريل الماضي كل يوم تشتد وتيرة الحرب و يزداد وقودها ... رغماً عن ذلك مازال العديد من السودانيين يأملون أن تضع الحرب أوزارها في أي لحظة ، كل يوم تُرفع الأكُف متضرعة و القلوب متوسلة إلى الله عز وجل بأن يخمد نار هذه الحرب ...
كذلك شهدت بعض أحياء أمدرمان القديمه و بعض مناطق الخرطوم تدوين مدفعي ثقيل منذ الساعات الأولى لـ صباح هذا اليوم ... إلى الآن ليس لدي علم لا بعدد الجرحى ولا بعدد الموتى و أتمنى ألا يكون هناك جرحى أو موتى ، هذه أبرز أحداث اليوم ضحى_ نتمنى ذلك ، شكرا لك مراسلة الحدث مها من العاصمه السودانيه الخرطوم ...
بعد خلصنا لؤي قال لي خلينا نمشي بعد دا ، لأنو ما معروف يمكن فجأه كدا يبدا إشتباك في المنطقه دي ، قلت ليهو تمام و إتحركنا ، طبعاً الحي الكنا بنصور فيهو كان فاضي ، و كان في هدوء حذر ، منظر البيوت و الشوارع و هي فاضيه كان مؤسف شديد و كئيب ، للحظات جاني إحساس إنو البلد دي ما حـ تعمر تاني ، و إنو الناس الفاتت ما حـ تجي راجعه ، قلت لـ لؤي حاسي إنو البلد دي حـ تتصلح تاني ؟؟ حـ تبقى أحسن من الكانت عليه ؟؟ شايف بصيص أمل ؟؟
قال لي خليني أحكي ليك قصة دولة رواندا :
رواندا دوله صغيره ، و كانت من أفقر الدول الإفريقيه ، بعد نالت إستقلالها و بسبب العنصريه بدا فيها الصراع الداخلي بين "الهوتو "يلي هم الفلاحين و عامة الشعب و كانوا الأغلبيه ، و "التوتسي " يلي هم الأقليه ، كل ناس كانوا شايفين إنهم أحق بالحُكم من غيرهم ، في سنة 1962 الهوتو استولوا على الحكم بعد ما ثاروا على الملك التوتسي ، لكن حتى بعد إستيلائهم على السُلطه الصراع كان قائم ، لحد ما جات سنة 1994 ، السنه التم فيها قتل الرئيس الرواندي التابع لـ " الهوتو " و موتو كان نتيجة إستهداف الطياره الهو كان راكب فيها ، الهوتو وجّهوا أصابع الإتهام لـ التوتسي و قالوا إنهم وراء المؤامره دي ، و التوتسي وجهوا نفس الإتهام لـ الهوتو رغم إنو الرئيس الرواندي دا من الهوتو ... المهم ثار الهوتو على التوتسي و حصلت مجزره كبيره راح ضحيتها ما يقارب المليون شخص ، و معظمهم كانوا من التوتسي ، المهم جزو من المسلمين التابعين لـ الهوتو اتعاطفوا مع التوتسي ، فـ كانوا بدسوهم في بيوتهم أو في مساجدهم عشان ما يتم قتلهم ، و لمن الهوتو اكتشفوا إنو أبناء عرقهم بحموا التوتسي ذبحوهم في الشوارع بحجة إنهم خاينين ....
قلت ليهو و بعدها حصل شنو ؟؟ أنا سمعت بـ حرب رواندا دي بس ما كنت عارفه التفاصيل ، قال لي :
عندنا هنا في السودان لمن تحصل مشكله بين قبيلتين مش بتدخلوا ناس كدا من القبيلتين أو القبائل التانيه عشان يعقدوا جلسة صلح بيناتهم ؟
قلت ليهو ايوه بنقول عليهم أجاويد ..
قال لي ايوااا يلا دا الحصل في رواندا ، رغم الصراع الدامي بين الهوتو و التوتسي و قتلهم لبعض بدون رحمه ، إلا إنو في أقليه من الهوتو و التوتسي ما كان عاجبهم البحصل دا ، فـ اجتمعوا مع بعض ، و قرروا إنهم ينبذوا العنصريه و ينهوا الحرب الحاصله دي ، و يوقفوا سيل الدماء ، فـ سعوا لـ محاكمة كل شخص إتورط في الإباده دي ، و دعوا كل أبناء البلد الطلعوا منها بسبب الحرب انهم يرجعوا عشان يساهموا في بناء بلدهم ، و فعلاً دا الحصل ، و في سنة 2000 انتخبوا رئيس من التوتسي و الرئيس دا نهض بـ رواندا ، انتشل الدولة من القاع إلى السطح ، و خلال 20 سنه اتعمرت الدوله الروانديه و إنتقلت من دولة الحطام إلى دولة الإزدهار ، و اليوم رواندا من أغنى و أجمل دول العالم !
قلت ليهو سبحان الله ، من أفقر دوله في إفريقيا إلى أغنى دوله في العالم !!
قال لي خلاصة القصه إنو ماف حاجه اسمها البلد دي إنتهت و تاني ما حـ تنهض ! نحنا ما وصلنا لـ مرحلة رواندا في فترة حربها و ان شاء الله حربنا ما تكون زي حربهم ، نحنا لسه عندنا فرص ننهي الحرب ، و ننبذ العنصريه ، و نضع الوطن في حدقات العيون ، و يكون كل همنا نبني بلدنا و ننهض بيها ....
قلت ليهو كلامك حقيقه بس حرب رواندا دي طولت شديد ! يعني حربنا دي لو استمرت سنوات طويله ما .... قاطعني و قال لي ما مهم الحرب حـ تنتهي متين ، الأهم إنو هل نحنا اتعلمنا الدرس و جاهزين عشان نبني البلد ؟؟ جاهزين نخت كل شي على جنب و نساعد في نهضة السودان ؟؟
قلت ليهو بالعكس مهم جداً الناس تعرف البلد دي ماشه على وين و أقصى مده ممكن تاخدها الحرب عشان تنتهي ، يعني محتاجه سنه ولا سنتين ولا أكتر ! قال لي قولي الحرب دي انتهت هسي دي بس الناس ما اتعلمت الدرس ، و لسه النفوس زي ما هي ، و لسه في ناس طمعانه في السلطه و لسه في ناس بتخطط و بتكيد ، الحرب دي حـ تقوم تاني ولا لا ؟؟ وقت ما تنتهي الحرب تنتهي المهم انها تقضي لينا على كل الخونه و المندسين و تخلصنا من أصحاب النوايا السوداء ، الما عايزين الخير للسودان ، بعدها برانا حـ نتكاتف و نبني بلدنا ، قلت ليهو المهم عن نفسي جاهزه و مستعده أنضم و أدعم أي مبادره حـ تنفع البلد دي و تنهض بيها ، قال لي كلو حـ يهون بإذن الله ، و كلنا عندنا أمل كبير إنو البلد دي حـ ترجع أقوى و أفضل و أغنى دوله على مستوى إفريقيا أولاً ، و بعدها على مستوى العالم......
قلت ليهو ان شاء الله .... بقينا نتكلم كدا لحد ما وصلنا البيت ، أبوي كان خاتي ليهو كرسي برا و قاعد فيهو و كان معاهو عم عبد العزيز جارنا ، سلمت عليهم و طوالي دخلت و لؤي قعد معاهم ، لمن دخلت جوه إتلاقيت مع أمي في باب الهول ، قالت لي قلقتي بي ! من قبيل أدخل و أطلع زي أم العروس ، ضحكت و قلت ليها ما مشينا بعيد ، قالت لي والله لمن تطلعي الشارع دا قلبي ما بريحني و بكون خايفه كدا لحد ما تجي داخله و أشوفك ! رشا جات و قالت لي حتى و نحنا شايفنك على شاشة قناة الحدث أمي كانت خايفه و شغاله تقول ليك كفااايه ياخ أنهي كلامك دا و تعالي راجعه ! كأنك حـ تسمعيها 😂😂
قلت ليها أمي طوالي في حالة قلق ، قالت لي عايزاني أكون في حالة سكون و إسترخاء و نحنا في وسط الحرب و انتي برا البيت !! طبعاً قالت كلامها دا بإنفعال شديد ، قلت ليها خلاااص خلااااص آسفه يا ماما ، بعدها مشيت على غرفتي ، أول ما دخلت كدا الكهربه قطعت ، تاني ما بتجي إلا بعد أيام أو أسابيع ! قعدت على السرير و إتنهدت و أول ما رقدت و غمضت عيوني تلفوني رن !!... أول ما سمعت الرنه دي قمت مخلوعه و قلبي شغال دق دق ، التلفون كان جوه الشنطه ، خطفت شنطتي و أنا متلهفه و أول ما فتحت الشنطه و شلت التلفون أطرافي إرتعشت ، و دقات قلبي زادت و حسيت إني بحلم! رديت بسرعه و قلت ليهو ناصر !!... ناصر انت كويس ؟ طمني عليك ! كنت متأكده انك حي و إنو كل الإنقال كذب... طبعاً عيوني إتملت دموع و صوتي إتغير بسبب إني عايزا أبكي ، ياخ الإتصال دا انا لي قريب الشهر منتظراهو ، شهر و أنا عايشه في قوقعة خوف و قلق ما عاديه ، شهر و أنا قلبي بنزف دم ، شهر و أنا كل ليله دموعي بتملى المخده ، شهر و أنا كل ثانيه و كل دقيقه و أثناء و بعد كل صلاة بدعي انو ناصر يكون بخير وين ما كان و يرجع لي بصحه و عافيه....
لمن قال لي فعلاً أنا كويس انتِ كيفك و ناس البيت دموعي جات نازله ، طبعاً كان في تقطيع في الصوت بسبب الشبكه بس قدرت أعرف من صوتو إنو ما كويس ، قلت ليهو ناصر نحنا كويسين انت وين و ليه صوتك دا متغير كدا و أحكي لي بالتفصيل الحصل شنو ، قال لي أنا كويس بس عندي شوية إلتهاب و حالياً قاعد في بحري مع واحد صحبي ، قلت ليهو ناصر نحنا جينا راجعين ... بقى يقول لي آلو ، آلو ما سامعك كويس يا مها ، قلت ليهو نحنا رجعنا ، قال لي الصوت بقطع .. طبعاً هو ذاتو صوتو ما كان واضح شديد بالنسبه لي ، بعدها الخط فصل و لمن تاني حاولت اتصل أداني إنو الرقم لا يمكن الوصول إليه ، طبعاً من الزعل قربت أضرب التلفون في الحيطه عشان ما قدرت أتكلم مع ناصر كويس ، بس هديت و قلت الحمدلله إني قدرت أسمع صوتو و أعرف إنو كويس ، طوالي مشيت لـ ناس أمي و كلمتهم إنو ناصر اتصل ، أمي قالت لي الحمدلله اها قال ليك مرق وين ؟؟
قلت ليها ما طلع لسه قاعد و حالياً في بحري مع واحد صحبو ، قالت لي ما عارفه المقعدو شنو بس ربنا يحفظو و يغطي عليهو ، ما قلتي ليهو اننا جينا راجعين ؟؟
قلت ليها قلت بس ما سمعني بسبب الشبكه ، قالت لي ماف مشكله المهم إنو اتطمنا عليهو ، برضو أبوي لمن جا داخل كلمناهو إنو ناصر إتصل ....
طبعاً في اليوم داك بليل قعدت أتقلب في السرير يمين و شمال و أنا بسأل نفسي حالياً ناصر بعمل في شنو و الوضع عندهم كيف ، اتذكرت إنو قال عندو إلتهاب فـ قلقت عليهو زياده ، اتمنيت لو كنت معاهو ، لو كنا سوا ، لو إنو الحرب دي ما قامت ، لو كنا عايشين حياة طبيعيه و سعيدين ، منو الكان متوقع إنو يحصل كدا ! منو الكان متوقع إنو البلد تصل للحافه دي ! منو الكان متخيل إنو حـ يجي يوم كل الناس دي حـ تتفرق و تتشتت كدا !
لمن أقعد و أفكر في الموضوع بسرح بعيد و بحس إنو دا كلو كذب كذب ! امبارح كنا كيف و هسي كيف !
حقيقة أكتر إنسان أنا فاقداهو حالياً ناصر ، بقيت اتذكر في أيامنا المضت و ذكرياتنا الكويسه و الكعبه و كل ما اتذكر حاجه قلبي يوجعني و دموعي تنزل !
يمكن أصعب إحساس ممكن الواحد يمر بيهو إحساس الشوق ، و الشوق ذاتو أنواع ، في شوق بخليك تشتاق لزول و هو جنبك ، و في شوق بخليك تشتاق لزول قبل شويه كان معاك ، و في شوق بخليك تشتاق لإنسان بعيد ، بعيد شديد و بيناتكم كيلومترات و حرب ! على الأقل في حالة الشوق الأولى و التانيه انت بتكون متطمن لأنك بتشتاق لزول متواجد معاك ، قادر تشوفو و تسمع صوتو في أي وقت ، بس أصعب و أقسى شوق ، شوقك للبعيد الما قادر تصل ليهو و تكون معاهو ، بالجد
الشوق زي العطش الشديد ، بخليك تلهث كدا لحد ما تلقى مويه تبل بيها ريقك أو لحد ما تموت ، ما حـ استغرب لو جا زول و قال لي إنو في إنسان مات بسبب شوقو لـ إنسان ! لأني جربت و عرفت يعني شنو تحن و تشتاق لزول و ما تلقاهو ، تناديهو و ما يسمعك ، تبكي عليهو بالأيام و تحزن و هو ما عارف ، قلبك يوجعك و ماف زول حاسي بيك ...
فعلاً الشوق هو قاتل القلب ، بحرقك كدا لمن قلبك يبقى رماد ، الشوق نار مشتعلة بإستمرار و ما بتخمد إلا لمن تلاقي الإنسان الإنت مشتاق ليهو ، فـ اللقاء جرعة شفاء ، و اللقاء ضماد الروح و اللقاء دواء كل فراق ، فليت اللقاء يكون يقيناً و ليت الفراق حديث منام ..❤️
طبعاً كان في أصوات إشتباكات ، الكهربه قاطعه و الدنيا ضلاااام و ماف أي أصوات غير أصوات الرصاص و المدافع ، شويه كدا رشا جاتني داخله ، قالت لي جايه أنوم معاك ، أو خلينا نمشي و ننوم مع ناس أمي ، قلت ليها أمي نايمه في الهول ؟؟
قالت لي لا لا في غرفتهم ، قلت ليها طيب تعالي نومي معاي هنا ، قالت لي طيب و طوالي جات رقدت ... طبعاً من رجعنا رشا ما بتنوم براها ، مرات مع أمي و مرات مع أبوي لمن يكون نايم في الهول و مرات كلنا بنمشي ننوم في الهول ، طبعاً تاني اتصلت على ناصر أكتر من مرهـ بس بديني إنو خارج نطاق التغطيه ، بعد حكاية ربع ساعه كدا صحيت رشا و قلت ليها الجو بقى سخن شديد أرح ننوم في الهول ، قالت لي وااااي ننوم هناك برانا ؟ و بعدين هنا في سخانه و هناك في سخانه! قلت ليها الهول أوسع من الغرف و حيكون فيهو شوية تهويه ، أول ما فتحنا الباب و طلعنا من الغرفه لقينا أمي في وشنا ، طبعاً كنا مشغلين فلاشات تلفوناتنا ، أمـي قالت لينا أطلعوا نوموا معانا في الهول ، قلت ليها ايوه أصلاً كنا طالعين ننوم هناك ، المهم مشينا الهول و نمنا كلنا هناك وسط أصوات الحرب ...." بيـني و بينك نبض لا يـهدأ و عـين لا تـنام و قلب لا يكف عن التغني بإسمك
بيـني و بينك حـب لا يـنتهي و حنين لا يـنطفئ و عشق لا يموت
بيـني و بينك حـكاية لا نهاية لها ، و قـصة انت بداية حروفها و أنا آخر نقطة فيها "🖤يتبع......