تبدأ أولى مشاهد حكايتنا فى إحدى أكبر شركات الإستيراد والتصدير فى الشرق الأوسط وتحديداً بجمهورية مصر العربية ... بل بالأخص بمكتب سكرتارية الرئيس التنفيذى للشركة.
نجد فتاة فى منتصف العشرينات ذات المظهر الجاد والزى الرسمى المتمثل فى جيب سوداء بالكاد تصل لركبتيها يعلوها قميص ناصع البياض تغطيه سترة تماثل الجيب بسوادها القاتم .. "آيات" .. مثال للجدية والإتقان فى العمل ذات مظهر عملى بحت عملها لا يشوبه شائبة، دائماً جاهزة بالأوقات الطارئة .. ذكائها يفوق عمرها بمراحل وكثيراً ما أنقذت الشركة من مواقف محرجة كادت تؤدى بسمعتها وطوال الأربع سنوات التى قضتها بالشركة لم يُسجل فى ملفها أى أخطاء مهما كانت صغيرة.«««الآن فلتبدأ حكايتنا«««
نراها تجلس خلف مكتبها والذى إمتلئ عن أخرة بأوراق إنكبت هى عليها تدققها بتركيز تنفيذاً لأوامر مديرها ليقاطعها صوت هاتفها المتصل بمكتب رئيسها.
آيات بتذمر/ تررررن تررررن ترررررن .. زن زن زن .. إية مش بيزهق؟؟ .. دة حرااااام .. دة إسمة إنتهاك لحقوق الإنسان، كل شوية تعالى يا آيات روحي يا آيات .. يخربيت آيات على اليوم إللى جت آيات فيه تشتغل فى المكان دة .. حسبى الله ونعم الوكيل.
ثم همت برفع سماعة الهاتف لتجيب...
آيات بهدوء مفاجئ/ أيوة يامستر هادي مع حضرتك .. تمام تمام .. أنا شغالة على الورق دة ودقايق هيكون جاهز على مكتب حضرتك .. لا لا ولا يهمك تأخير إية بس ما حضرتك عارف إنى بحب شغلى جداً .. تمام إتفضل يافندم.
ثم أغلقت الهاتف بعد أن ألقى على مسامعها عدة أوامر أخرى أصابتها بصداع نصفى.
آيات محدثة نفسها بغيظ/ يعنى عشان الواحد ذوق وحابب شغلة وبيحافظ علية يسوق فيها حضرتة ويطلع عينى معاة .. يدينى شغلة عشان هو يروح بيته وأنا أسهر بدالة .. منك لله يابعيد .. وأهو يوم تانى أهو أكون أخر واحدة تروح من الشركة.
ثم أكملت عملها بعد تذمرها اليومى المعتاد بسبب تكاسل رئيسها وإلقائة لمعظم واجباته على سكرتيرته الخاصة.
§∆§∆§∆§
§∆§∆§∆§
بمكان أخر...
تحديداً بمطار القاهرة الدولى نجدة يمشى بثبات، ملامحة جامدة لامبالية كالعادة وكأنه لا يوجود ما يثير إهتمامة على هذا الكوكب بأكملة .. عاد بعد رحلة عمل شملت عدة بلدان لتكون وجهتة الأخيرة هى بلدة ومسقط رأسه .. {مصر} .. يتجة نحو بوابة الخروج ليقابلة سائقة والذى سارع بحمل الحقائب عنه مهلالاً فرحاً بعودة سيدة إلى أرض الوطن...
السائق/ أهلاً أهلاً ياباشا .. مصر نورت برجوعك ياطائف بيه.
طائف بجدية/ شكراً .. حط الشنط وإطلع بينا على القصر بسرعة.
السائق/ أمرك يابيه.
ثم سرعان ما إنتهى السائق من أمر الحقائب ليفتح باب السيارة الخلفى لسيدة والذى لم يبدي أى إهتمام لترحابة وأستقل السيارة فى صمت مهيب.
§∆§∆§∆§
§∆§∆§∆§
بعد ثلاث ساعات«««
آيات/ وأخيرا اااااة خلصت .. ثم سمعت أصوات غريبة تصدر من معدتها .. أشوف فيك يوم يابعيد منك لله مأكلتش لقمة من الصبح بسببك.
ثم نهضت وبدأت تعدل من هندامها وإتجهت بخطوات واسعة إلى خارج الشركة .. وفى طريقها مرت على سوبر ماركت لا يبعد كثيراً عن منزلها لتشترى بعض إحتياجاتها
البائعة بصوت حنون/ إزيك يابنتي عاملة إية؟؟
آيات بحب/ أنا تمام الحمد لله إزيك أنت ياروءة وحشانى والله.
البائعة بمرح/ إية روءة دى يابت إتلمى آمال .. إسمى رقيات إية مفيش إحترام للأكبر منك ولا إية؟؟
آيات بغمزة/ أكبر منى إيه ياجميل دة إللى يشوفك يديكى عشرين سنة .. أجى إيه أنا جانب الشعر الأصفر الحرير دة ولا عيونك الخضر دول يوقعوا أجدعها راجل.
رقيات/ كلى عقلى بكلامك ياختى .. قوليلى متأخرة كدة ليه النهاردة؟؟
آيات/ المخفى إللى إسمه هادى دة هو السبب .. تخيلى رامى الحمل كله عليا وهو ولا هنا مفيش دم ولا إحساس بس أقول ايه منه لله.
رقيات بشفقة/ معلش يابنتى إستحملى .. أنت قدها أنا واثقة فى كدة.
آيات/ تسلميلى ياعسل أنت .. مليش غيرك يحس بيا .. إيدك بقى على طلبات كل أسبوع خلينى ألحق أروح أكل لقمة.
نظرت اليها رقيات بحب وشفقة على حال تلك الصغيرة .. فهى يتيمة الأبوين لا أقارب لها على حد قولها .. إنتقلت منذ أربع سنوات إلى حيهم هذا فى منزل وفرتة لها شركتها لتكون قريبة من محل عملها
إنتقت آيات ما تحتاجة لتتجه من فورها إلى منزلها فالساعة قد تعدت الحادية عشر ليلاً
قرب منزلها بمسافة ليست بكبيرة وجدت آيات شيىء ما متكوم أرضاً لم تستطع تبين ملامح هذا الشيء من شدة العتمة وهمت أن تتجاهله وقررت السير على الجانب الأخر من الطريق لكن ما أوقفها ولفت إنتباهها هو تحرك هذا الشيء ببطئ وصدور صوت شبيه بالهمهمة .. وبالطبع تغلب الجانب الفضولى بداخلها على خوفها وتوجسها منه لتتقدم عدة خطوات نحو الشيء الملقى أرضاً لتجد أنه ماهو إلا جسد بشرى متكوم على نفسه .. عادت خطوتين للخلف وقد خمنت أنه لابد أن يكون سكيراً أو مخموراً وقد فقد وعيه فجأة لذا سارعت بالأبتعاد خوفاً من إستيقاظه فجأة والتعدى عليها لكن أثناء إبتعادها سمعت آنة ألم صدرت منه لتتوقف مكانها تطالعه بشغف.
ثم عادت أدراجها نحوة لتقف أمامة مباشرة ومع ذلك لم تستطع إدراك ملامحه لشدة العتمة
آيات بصوت مرتجف/ أنت .. أنت سامعنى؟؟ إية جابك فى المكان دة؟؟ أحسنلك تقوم تمشى عشان فى دوريات شرطة بتمر من هنا.
لم تحصل على رد منه سوى همهات أخرى لم تفهم منها شيىء سوى "ساعدينى"
آيات بإستغراب/ أساعدك؟!!
ثم أقتربت منه أكثر تحاول فهم همهاته تلك لتشهق فور إتضاح الرؤية أمامها فهذا الرجل لم يكن مخموراً أو مريضاً حتى بل كان مصاب بشدة غارق بدمائه والتى على مايبدو أن طلقاً نارياً كان السبب بها.
آيات بفزع/ يانهار مش فايت!! إية عمل فيه كدة؟؟ وإية إللى جابك هنا؟؟
ثم التفتت نحوة تهزه ببطئ/ أنت .. أنت سامعنى؟؟ مين عمل فيك كدة؟؟ .. لكن لا رد.
ياربى أعمل إيه فى المصيبة دى .. طب أكلم الإسعاف ولا أعمل إية؟؟ أسيبه بدل ما يجيبلى مصيبة؟؟ بس بس دة كدة ممكن يموت .. أنا أكلم الإسعاف وهم يتصرفوا مليش فية بقى.
همت بإخراج هاتفها لتجدة يمسك بمعصمها فى وهن
....../ إسعاف لأ .. هتودينى وهتودى نفسك فى داهية.
آيات بتوتر/ طب أعمل إيه؟ قولى أعمل إيه؟ ماهو أنا مش هقدر أسيبك هنا.
......./ لا رد
آيات بغضب/ أنت بتتكلم فى أوقات وأوقات لا؟؟ .. ماترد عليا، طب بص حاول تساعدنى أنا هسندك لغاية مستشفى قريبة من هنا وهم يشوفوا حل معاك.
لم يستمع إلى حديثها بسبب شدة إصابته لكنه وجدها تساعدة لينهض فتحامل على نفسه بأقصى مايستطيع.
آيات بصوت عال/ غبية غبية غبية .. قولت مستشفى إيه جابني هنا دلوقتى وهعمل إيه فى المصيية دى؟؟
هتفت بهذه الجملة بمنتصف ردهة منزلها والتى وجدت نفسها أمامه هى وذلك المجهول لتدلف إلى الداخل وقد أنهكها إسناده والسير به تلك المسافة القصيرة فماذا عن إيصاله للمشفى.
توجهت نحو أريكتها والتى وضعته عليها فور وصولهم...
آيات/ بص إسمعنى خليك صاحي معايا وإلا هكلم البوليس وإللى يحصل يحصل، فوق كدة وحاول تسمع هقول إيه.
إنتبه إليها فور إتيانها بذكر الشرطة لتجدة يحاول فتح عيناه بصعوبة
آيات/ جات سيرة البوليس فوقت!! .. شكلك عامل مصيية فعلاً .. المهم إسمعنى أنا واخدة دورة تمريض ونجحت فيها يعنى ممكن أحاول أساعدك .. هااااى أنت هنا؟؟ .. سامعنى؟؟
أومئ ببطء لتردف هى بهمس...
آيات/ المشكلة إنك أول ضحية ليا .. أقصد أول مريض .. دة غير إنى أخدت الشهادة دى من خمس سنين.
همست بكلامها هذا أثناء إحضارها لأدوات الجراحة والتى لحسن الحظ متوافرة لديها بالمنزل.
بعد نصف ساعة«««
نجدها تتهاوي أرضاً بجانبة وقد نجحت بالفعل وبعد عناء فى إخراج الرصاصة وتقطيب الجرح بعدها.
آيات/ مين يصدق إن آيات إللى كانت بيغمى عليها لو شافت نقطة دم هتعمل المعجزة دى؟!!
مضت ساعة أخرى أمضتها بجانبه تراقب حالته بإهتمام وقد إنتبهت بعدها لعدم تناولها أى شيء طوال اليوم لتتحرك بتعب نحو مطبخها الصغير لتحضر وجبة سريعة قبل أن تعود مرة أخرى لمراقبته .. قضت طوال الليل بجانبه تراقب حرارته التى أرعبتها فجراً بإرتفاعها المفاجئ لتقوم برعايته والحرص على خفضها حتى شقشق الصباح عليهم فنجده نائم بسلام على أريكة منزلها وهى بجانبه أرضاً تستند بظهرها على كرسى مجاور له تغط فى نوم عميق
تململ فى مكانه عده لحظات قبل أن يفتح عيناه بتثاقل لتتجول حدقتاه بتعجب فى سقف الغرفة قبل أن يعى أنه بمكان غريب عنه .. إنتفض من مكانه ليتألم فور حركته المباغته تلك لكنه تغاضى عن ألمه محاولاً إسترجاع أخر ساعات يوم أمس لكن دون فائدة .. لمح أثناء إسكتشافه للمكان جسد أنثوى يفترش الأرض بجانبه .. فتاة ملامحها رقيقة تنام بوضعية غريبة مضحكة للغاية .. لاحظ تململها هى الأخرى قبل أن تفتح عيناها وتتثائب بأريحية لتنظر بعدها نحوه وترمش للحظات
...../ صباح الخير.
آيات بتلقائية/ صباح النور.
ثم رمشت مرة أخرى قبل أن تهب من مجلسها تهتف به...
آيات بصراخ/ أنت!! .. أنت مييين؟؟ وبتعمل إيه فى بيتى؟؟ دخلت إزاى؟؟ حراامى أكيد أنت حراامى.
تفاجئ هو من صراخها ذاك ليهب من جلسته بصعوبة يتجه نحوها ليغلق فمها بيده ويهتف بها
......./ أولاً أنت إللى هتقوليلى أنت مين وإيه جابنى هنا؟؟ ثانياً أنا كل إللى فاكرة إنى كنت مصاب وغالباً أنت إللى ساعدتيني والمفروض يا أنسة أكون أنا إللى مش فاكر إللى حصل مش أنت.
همهت بكلمات غير مفهومة ليبعد يده عنها
آيات/ أه أفتكرت أنت المصيية إللى وقعت على دماغى إمبارح .. ممكن تقولى يا أستاذ أنت مين؟؟ ومين إللى عمل فيك كدة؟؟
طالعها للحظات وكأنه يستشف إن كانت صديقة أم عدو .. أنهى تفحصه لها ليتوجه بعد ذلك إلى الأريكة يجلس عليها بهدوء ويردف بثبات
...../ طائف .. طائف العِمرى.
أنت تقرأ
شيطان العشق
Romanceهو/ غامض قاسى، لا صديق لة ولا غال لدية. هى/ ساذجة خرقاء، ستقع فى شرك من لا يرحم.