السادس عشر

512 17 0
                                    

.../ بسببى .. بسببى أنا.
ساد الصمت أرجاء المكان وتوقف كلاهما عن الصراخ لتجد آيات نظر طائف موجه بحدة إلى ما خلفها فتلتفت هى الأخرى وترى علا تقف على عتبة الغرفة تنظر لهما بندم وحسرة .. وجهها تغطيه الدموع وجسدها لم يتوقف عن الإرتعاش
كان طائف أول من أستيقظ وأدرك حالة علا ليتجه نحوها سريعاً يتلقفها بين ذراعية يهدهدها كالطفل الرضيع فى حين كانت هى تحاول الإبتعاد عنه بلا فائدة .. حاولت مراراً وتكراراً الحديث وتبرير موقفها هى وطائف لآيات والتى أصبحت تراقبهم بدهشة تحولت إلى غضب وإنفعال بمرور الوقت واخيراً قطعت آيات هذا الجو المشحون وتلك النهنات التى أثارت أعصابها
آيات/ ممكن أفهم بقى إيه بيحصل هنا؟؟ وكان قصدك إيه إنك السبب؟؟
حدجها هو بنظرة غاضبة وكأنه يخبرها أن سؤالها ليس بوقته لتبادله هى نظرة تحدى وإصرار
آيات بغضب/ متبصليش كدة مش كفاية ورطت آسر فى شيىء ملوش أى علاقة بيه لا وكمان بترمى بلاويك علية.
طائف بنبرة مكتومة ومازالت علا بأحضانه تبكى بألم/ أنا مش برمى بلاويا على حد لكن الظاهر إنك شيفانى الشيطان الوحيد إللى فى اللعبة.
آيات/ لأنك فعلاً كدة .. شيطان وعايز تإذى إللى حواليك بأى ثمن وأى وسيلة.
طائف بصراخ/ ليه مريض .. مجنون؟؟
همت بالصراخ هى الأخرى لكن تولت علا تلك المهمة دفعت بطائف جانباً لتصرخ بهم ببكاء
علا بصراخ/ كفاااااية كفاية كدة .. آيات طائف مغلطش آسر فعلاً هو إللى كان بيحاول يقتل طائف وكان السبب فى أذيتك أنت كمان.
ثم صمتت للحظات قبل أن تردف بحسرة/ وكله بسببى أنا .. كله عشانى.
ثم كررت بهستيريا/ أنا السببب .. أنا السبب.
§×§×§×§
§×§×§×§
فى إيطاليا»»»
بأحد قصور مدينة روما نجد شاب بالثلاثينات من عمره ذو ملامح مختلطة مابين البشرة البيضاء والعيون الزرقاء اللون ومابين خشونة وفحالة الشرق يقف بإحترام وثبات أمام رجل يبدوا وكأنه بأواخر العقد الخامس من عمره ذو ملامح أجنبية خالصة يجلس على كرسى مزخرف وكأنه صُنع خصيصاً لأحد الملوك .. بأحدى يديه يمسك عصا خشبية يعلوها مجسم صغير لتنين مجنح
طرق الرجل بعصاه أرضاً لينظر نحو الشاب بغضب وإنزعاج وينطق بلهجة مصرية ضعيفة
الرجل الكبير/ لغاية أمتى؟؟ لغاية أمتى هصبر؟؟ أظن إنى إستنيت كتير ومفيش جديد.
الشاب/ يابوص أنت عارف إن أكيد في سبب للإنتظار دة.
الرجل الكبير/ مليش دعوة بالسبب أنا إللى يهمنى هو إن أوامرى مش بتتنفذ .. يعنى إيه أأمر إن البنت تموت وألاقيها إختفت فى نفس اليوم لا والمسئول عن قتلها إختفى معاها .. الظاهر طائف إتجنن ياطوني وأنت عارف نهاية الجنون دة إيه.
طونى بتبرير/ يابوص طائف عمره ما خالف أمر ليك .. أكيد عنده مبرر لإختفاؤه، أوعدك إن مش هيطلع عليا صبح إلا وهكون وصلتله وعرفت هو ناوى علية.
الرجل الكبير/ يكون أحسنله وأحسنلك.
تنفس طونى الصعداء ففى حين إختفى صديقه الصدوق ورفيقه طائف بصحبة فتاة مُطالب بقتلها يقوم هو الآن بالدفاع عنه وتبرير أفعاله لدى رئيسهم
تنحنح ليردف بتساؤل
طونى/ أحم .. طب وبخصوص آسر يابوص تؤمرنى بإيه؟؟
الرجل الكبير بسخرية/ آسر .. الشاب الطايش بتاعنا  سيبه دلوقتى فى حاله وهشوف بعدين هتصرف معاه إزاى .. كفاية قرصة الودن إللى خدها.
طوني بضحك/ مش فاهم يابوص حقيقي أنت ليه أمرت رجالتنا يعملوا معاة الحركة دى؟؟
الرجل الكبير بغضب/ الباشا إتجرأ وكلمنى بيهددنى لو مسيبتش البت فى حالها هيورينى شغلى كويس.
إتسعت عينا طونى دهشة وقلق
طوني/ إتجنن دة ولا إيه!! وبعدين مش هو إللى خالف الأوامر من الأول ولسه شايف طائف عدوة.
الرجل الكبير بضحكة صفراء/ ماهو إللى عمله طائف برضوا مش شوية.
طونى بمكر/ ماهى كانت أوامرك يابوص.
حرك كتفاه لأعلى ولأسفل ببرائة مصطنعة
الرجل الكبير/ وأنا مالى؟؟ كنت قولتلة إنه يقتل أخته؟؟
§×§×§×§
§×§×§×§
ظلت بحالة هستيرية لفترة ليست بالقليلة وطائف يحاول تهدءتها فى حين ملت آيات من مراقبتهم لتتركهم بعد فترة متجهة بغضب نحو غرفتها
هدأت علا بصعوبة وتمالكت نفسها لتردف بهدوء
علا/ طائف أنا شايفة إنك لازم تفهمها كل حاجة وتعرفها إللى بينك وبين آسر لأنها من الواضح إنها على علاقة بيه فعلاً.
طائف بغضب/ مفيش داعي إنها تعرف أى حاجة باين أوى إنها كانت بتخدعنا كلنا ومش بعيد تكون بتستغفلنا وبتعمل كل دة لصالح آسر.
علا/ معقول أنت إللى بتقول كدة؟؟ مانت عارف وضعها إيه دلوقتى وكان هيحصلها إيه فى روما.
تنهد بحيرة وتحرك بتوتر ذهاباً وإياباً بالغرفة
طائف/ مش عارف .. حاسس إنى متلغبط وإن فى حاجة غلط فى الموضوع، آسر يحاول يقتلها ويهددها وبعدين يروح لمازن ويبلغه إن لو حد مسها ولا أذاها مش هيرحمه ودلوقتى هى بتقول إنها تعرفه ومش قادرة تصدق إنه السبب فى كل دة.
علا/ حاجة تحير فعلاً بس يمكن هو مكانش يعرف إنها هى إللى بتشتغل معاك.
نظر لها طائف بتفكير
طائف/ تفتكرى؟؟
اومأت بهدوء
علا/ مفيش تفسير للى بيحصل إلا دة.
أومئ هو الأخر ليسود الصمت المكان قليلاً ويجلس بجانبها يردف متسائلاً بحذر
طائف بفضول وقلق/ تفتكرى إيه ممكن تكون العلاقة بينهم؟؟
نظرت له علا محاولة تشفى سبب سؤاله والقلق الظاهر عليه
علا بمكر/ آيات وآسر ؟؟ مش عارفة بس كون آسر راح لمازن وهدده إنه يأذيها فأظن إنها تهمه جداً.
طائف بضيق/ قصدك إنها ممكن تكون...
علا/ بيحبها .. ممكن تكون حبيبتة.
قفز كالملسوع فور نطقها بلفظ "حبيبته" وكأنها بكلمتها تلك قد جعلتها ملك لآسر للأبد
ليهتف بعنف/ على جثتى .. يبقى يقربلها ولا يفكر حتى فيها مجرد تفكير.
وقفت علا لتهتف بإعتراض
علا/ ولوطلعت هى كمان بتحبه هتعمل إيه بقى؟؟ طائف بلاش جنان الله يخليك وإهدى شوية.
طائف دون وعر/ آيات بتاعتى أنا أنت فاهمة؟؟
تهللت أساريرها لترتسم إبتسامة واسعة على ثغرها جعلته يدرك ما تفوه به بإندفاع ودون تفكير
علا/ أنا كنت ملاحظة دة بس كل مرة بقول يمكن إحساسه بالواجب وإنه إللى إتسبب إنها تبقى فى الوضع ده هو إللى بيخليه يحميها ويفضل جنبها بس طلعت صح.
ألتفت سريعاً يوليها ظهره محاولاً التحكم بأعصابه وترتيب أفكاره فور إعترافه بملكيته إياها .. لما هذا الإضطراب؟؟ ولما الغضب والثورة فور تخيله إنجذابها لآسر؟؟ بل لأي رجلاً آخر أيعقل أنه...
علا/ بتحبها.
إلتفت نحوها مرة أخرى ليهتف بحدة
طائف/ مستحييييل أنت إتجننتي؟؟
علا بإستمتاع/ امال بتسمي حالتك إيه؟؟ لما قالتلك انها تعرف آسر و على علاقة بيه ولا لما قولتلك إنهم إحتمال يكونوا بيحبوا بعض.
طائف بتوتر/ آآآ...
علا/ طائف لو كدبت على أى حد تانى أو حتى على نفسك فمش هتكدب عليا أنا أختك وحفظاك كويس أوى وشايفة إهتمامك بيها والدليل هو إنك خالفت الأوامر عشانها وعشان تحميها منهم .. عشان كدة بقول إنها لازم تفهم كل حاجة وتعرف المستخبى كله .. مش هقول إنها هتشوفك ملاك بس على الأقل مش هتشوفك الشيطان الوحيد فى الحكاية.
نظر لها بتفكير محاولاً تقبل وجهة نظرها من حيث مشاعره نحو آيات والتى لم يكن هو نفسه على دراية بها حتى تلك اللحظة
§×§×§×§
§×§×§×§
مازن/ حمد لله على السلامة.
نطق بها مازن فور دلوفه لغرفة آسر بالمشفى لينظر له آسر بغضب ويعتدل جالساً على الفراش
آسر بغضب/ جاى ليه؟؟ تشمت فيا؟؟
مازن بسخرية/ تؤتؤتؤ ليه بس الظن الوحش دة؟؟ بقى ده جزاتى .. شوف وأنا إللى قولت إن عيب تكون فى المستشفى عامل حادثة ومجيش أشوفك.
آسر بتهكم/ لا فيك الخير، إخلص وقول عايز إيه؟؟
مازن بجدية/ إيه علاقتك بآيات؟؟
آسر بإهتمام/ ميخصكش يامازن، قولتك تخصنى وبلغ طائف بده أحسن له.
مازن بغضب/ ما تشيل طائف من دماغك بقى وكفاية غل وحقد.
آسر بغضب/ غل وحقد!! أومال لو مكنتش عارف إيه سبب عداوتنا كنت قولت إيه.
مازن بدفاع/ غلطة وندم عليها يا أخى إيه مبتغلطش؟؟
آسر/ غلطته مش هترجعلى أختى ولا سنين الوجع إللى شوفتها من بعد موتها .. ولو ندمان فعلاً خليه ميكررش غلطته ويسيب آيات.
مازن بمكر/ ياااااااه للدرجة دي تهمك؟؟
آسر/ وأكتر من كدة.
ثم أكمل بهدوء/.بلغه يامازن كفاية كدة، كفاية أوى لأن المرة دى مفيش ندم ولا رحمة .. المرة دى مش هفتكرله لحظة واحدة كان فيها أكتر من أخ ليا المرة دى مش هشوف غير شخص حرمنى من البنت الوحيدة إللى قلبى دق ليها.
§×§×§×§
§×§×§×§
مضت تلك الليلة الصعبة على الجميع ببطئ ليأتى صباح جديد بآمال جديدة عله يبعث بداخلهم بعضاً من الراحة والهدوء
تململت بفراشها بعيون منتفخة من شدة البكاء لم تذق طعماً للنوم بعد أحداث الأمس وكم المعلومات التى صدمتها بأقرب الناس إليها .. آسر صديق طفولتها دائم الترحال!! قضت الليلة السابقة فى تذكر فترة طفولتها علها تجد ماقد يجعلها تُكذب ماقيل بالأمس لكن بلا أية فائدة فلقد تباعدوا كثيراً فى فترة معينة خصيصاً أخر سبعة سنوات، تذكرت إتيانه على ذكر أخته الكبرى والتى قضت سنوات عمرها كاملة بالخارج .. فقط هو من كان يستطيع مرافقة والده عند زيارتة مصر لمراجعة أعمالة بها  تنهدت بتعب قبل أن تعتدل جالسة ومازال عقلها شارد تحاول إستيعاب أن تلك الشقيقة ماهى سوى علا شقيقة طائف بالرضاعة .. دائرة مغلقة معقدة لكن لما تتواجد بجانب طائف لا آسر وماسبب تلك العداوة بينهما؟؟ أيمكن حقاً أنه أراد أذيتها؟؟ قطع سيل تساؤلاتها تلك طرق على باب غرفتها لم تجب الطارق لرغبتها بالإنفراد بنفسها لكن عاد الطرق مرة أخرى وقد زاد إصراراً لتسمح له بالدخول فتجدها علا تنظر لها بإبتسامة صغيرة
علا/ صباح الخير ممكن أدخل؟؟
تجاهلتها ولم تجب لتتنحنح تلك الأخيرة قبل أن تدخل بالفعل إلى الغرفة وتغلق خلفها الباب
تطلعت آيات نحوها بدهشة لتراقبها تتجه نحو الفراش بخطوات بطيئة وتجلس على طرفه
علا بهدوء/ ممكن نتكلم شوية؟؟
آيات بحدة/ مفيش بينا أى كلام.
علا/ ماهو مش معقول هنفضل كدة طول فترة وجودنا سوا.
آيات/ إطمنى الفترة مش هتكون طويلة زى ما أنت متخيلة.
عقدت حاجبيها لتهتف بتساؤل
علا/ يعنى إية مش فاهمة؟؟
آيات/ يعنى أنا هطلب من طائف بيه إني أرجع مصر وبعد كدة هكون مسئولة عن سلامتى بنفسى.
علا/ بلاش تهور يا آيات الموضوع مش لعبة زى ما أنت متخيلة الناس دى مبتهزرش فى لحظة هتلاقى نفسك بين إيديهم وهيخلصوا عليكى.
آيات بحسرة/ هم ولا آسر؟؟
علا بحزن/ آسر مش عايز يإذيكى الموضوع كله كان سوء تفاهم.
آيات بتهكم/ سوء تفاهم كان هيتسبب فى موتى.
علا/ تهوره هو السبب لكن صدقينى هو هيتجنن عليكي وأظن أنت أدرى بعلاقتكم.
آيات/ علاقتنا؟؟ لا الواضح إنى الوحيدة إللى طلعت غبيه.
علا/ صدقيني مش لوحدك، أنا حسيت بنفس إحساسك ده فى يوم من الأيام.
نظرت لها آيات دون تصديق لتكمل
علا/ دلوقتى أو بعدين لازم تعرفى الحقيقة فأفضل تعرفيها منى أحسن .. زمان عيلتى وعيلة طائف كانوا أصحاب جداً عشنا طول حياتنا فى أمريكا الفيلا بتاعتنا كانت جنب فيلا العمري عيلة طائف  إتربينا سوا طائف أكبر واحد وأنا أصغر منه بسنة إلا شهر فرضعنا على بعض وبقينا أخوات .. رغم فارق السن الصغير بس دايماً كان طائف أكبر من سنه حسسنى إنه أكبر مني بسنين، المهم بعد خمس سنين بقى ليا أخ تانى .. آسر .. جه آسر وإتوليت أنا تربيته بعد وفاة ماما أثناء الولادة بقيت أنا أمه وأخته وطبعاً كل دة بمساعدة طائف .. كبرنا سوا وشوية شوية كل واحد إنشغل بحياته ومستقبله لغاية ما قررت أدخل كلية الحقوق لقيت معارضة كبيرة من بابا ووالد طائف بس طائف وآسر كانوا معايا وأقنعوهم .. طائف دخل هندسة وآسر زيه إتخرجنا ومن هنا أتغير كل حاجة
بدأ طائف وآسر يشتغلوا مع بابا وأبو طائف كانوا دايماً يتعاركوا وفى مشاكل مستمرة لغاية ماجت فترة وبعدنا خالص عن بعض كل واحد خد جنب من التانى .. مكنتش فاهمة إيه بيحصل، عدت الفترة دى وإنتهت المشاكل فجأة وبعد سنة سمعت بابا بالصدفة البحتة بيتكلم فى التليفون

شيطان العشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن