الثامن

370 11 0
                                    

ترقد على الفراش بهدوء وبملامح شاحبة أشفق عليها هو الجالس بجوارها يعتريه الندم والذنب لتركها وحيدة تعانى وتعيش مثل تلك المأساة .. هو من أقحمها فى ذلك متجاهلاً تحذيرات صديقه لتقع ضحية بريئة أخرى بعالمهم المخيف ذاك.
شعر بتململها بالفراش ليمنحها إهتمامه وكل حواسه إتجهت نحوها فيراها تجاهد لفتح عيناها وإستطلاع ما حولها .. مرت ثوانى قليلة على هذا الوضع قبل أن تلاحظ بزوخ النهار مما يدل على يوم جديد .. ثم ما لبثت وتذكرت كل تلك الأحداث المخيفة مساء أمس فتنهض بفزع تنظر حولها بذهول ثم تبكى بقوة وإضطراب فور رؤيتها لوجهه فتدرك كونها مازالت على قيد الحياة
راقب هو تصرفاتها بإمعان وتركها فترة تحاول مواجهة تذكرها للأحداث السابقة لكن ومع شروعها بالبكاء لم يستطع الإحتمال فتقدم نحوها يجلس بجانبها ويحيط كتفاها بيديه محاولاً تهدئتها
طائف/ إهدى إهدى .. أنت بأمان .. كل ده عدى خلاص مفيش خطر .. خلاص بقى يا آيات أنا معاكى أهو.
حاولت الحديث للتعبير عن ما عاشته تلك اللحظات القليلة من خوف ورعب لكن كلما همت بالحديث رُبط لسانها وزادت دموعها بالمقابل
رأى حالتها تزداد سوء .. جسدها زاد إرتعاشه .. علا صوت بكائها وأصبح أقرب لكونه عويل وصراخ فلم يجد مفر من إحتوائها بأحضانه يُمسد شعرها بهدوء وحنان ليهمس لها...
طائف/ خلاص والله كل حاجة بقت تمام ومش هسيبك لوحدك تانى رجلك على رجلى فى كل مكان بس إهدى شوية بقى .. محدش هيجى جانبك طول ما أنا موجود .. على جثتى لو حد أذاكى.
لتجيب هى بصعوبة وسط شهقاتها...
آيات/ ده .. ده ق.. ده قتله .. قتله قصاد عينى .. دم .. كان كله دم.
زاد من إحتضانها يغمض عيناه بغضب لرؤيتها مثل هذا المشهد...
طائف/ إنسى .. إنسى يا آيات .. إمحى كل ده من ذاكرتك .. صعب أنا عارف بس حاولى تنسى عشان ترتاحى.
بقيا فترة على هذا الوضع لتهدأ هى من نوبة بكائها تلك فتستيقظ على حقيقة وجودها بين ذراعيه .. تململت بحرج لتبعده بهدوء وقد أمتثل هو لرغبتها فلا داعى لإثارة غضبها الآن .. مرت فترة من الصمت ليقطعها هو بنبرة هادئة...
طائف بإبتسامة/ تحبى أطلبلك أكل ولا عاوزة إيه؟؟ .. أؤمرى أوامرك كلها مُطاعة النهاردة.
نظرت نحوه للحظات قبل أن تردف/ مش عاوزة غير حاجة واحدة .. عايزة أفهم إيه إللى حصل .. وليه حصل كده معايا؟؟
نهض من مرقده ليتحرك بعيداً قليلاً عن الفراش فيجلس بهدوء وإسترخاء على إحدى الأرائك الموجودة بالغرفة .. ويردف...
طائف/ مفيش داعى للكلام فى الموضوع ده عشان تقدرى تنسى إللى حصل وتتجاوزيه.
آيات بحدة خفيفة/ ومين قال إنى عاوزة أنساه؟؟ أنا عاوزة أفهم مين ده وكان عايز إيه؟؟ أظن ده من حقى.
طائف ببرود/ و بعد ما تعرفى؟؟
آيات/ مش فاهمة؟؟
طائف مفسراً/ أقصد بعد ما تعرفى يا آيات .. ناوية على إيه؟؟
آيات بهجوم/ أكيد مش هفضل ثانية واحدة فى الشغل ده .. إللى حصل ده أكد ليا إنك متورط فى بلاوى .. وأنا معنديش أى إستعداد إنى أتورط معاك .. ده جالى بالإسم .. كان عارفك وعارف إني السكرتيرة بتاعتك.
نهض من مكانه متجهاً لخارج الغرفة
طائف/ يبقى مفيش داعى إنى أفسرلك أى شيئ بما إنك إستنتجتى وقررتى خطوتك الجاية كمان.
تحركت بحدة لتغادر الفراش ... تهتف له بخوف
آيات/ تعالى هنا أنت رايح فين؟؟ أنت قولت مش هتسيبنى لوحدى تانى وتخرج.
إبتسامة صغيرة رُسمت على وجهه لم تراها هى حيث أن ظهره هو ما كان يواجهها .. سرعان ما مُحيت تلك الإبتسامة فور التفاته لها ليهتف بجمود مصطنع...
طائف/ متقلقيش أوى كده مش رايح فى حتة أنا معاكى فى نفس الجناح لو تفتكرى.
ثم تركها بالفعل متجهاً للخارج لتعاود هى الرقود بفراشها حيث أن التعب مازال يحتل جسدها.
§∆§∆§
§∆§∆§
مازن بعنف/ ما أنا قولتلك .. بس أنت بتستهبل وآخدها معاك فى وكر الدبابير.
هتف بها مازن على الجهة الأخرى من الهاتف ليأتيه صوت صديقه المُنهك...
طائف/ والنبى يامازن ما ناقص الكلمتين بتوعك دول .. خلى لسانك جوة بوقك وسمعنى سكاتك.
مازن بغيظ/ ولما أنت عايز تسمع سكاتى بتتصل تحكيلى ليه؟؟
طائف بعصبية/ بطل بقى إستفزاز أنا مش ناقص.
مازن ببرود/ من بعض ما عندكم.
طائف بغضب/ تصدق أنا إللى غلطان إنى حكتلك .. غور يلا من هنا.
مازن بهدوء حاول إستحضاره/ طب خلاص خلاص إهدى شوية .. متزعلش منى ياصاحبى بس دى أرواح ناس .. عارف إنك معندكش دم وأحم يعنى معدوم الإنسانية بس دى روح بريئة والصراحة بقى آيات دى أنا بعزها جداً.
أستشاط طائف من حديث صديقه ليهتف به فى ضيق وحدة...
طائف/ ما تحترم نفسك بقى إيه بعزها جداً دى؟؟
إنفجر مازن ضاحكاً ليهتف بمرح...
مازن/ يعني إللى ضايقك كلمة إنى بعزها ومش إنى قولت عليك معدوم الدم والإنسانية.
طائف بسخرية/ وأنت قولت حاجة غلط يعنى.
مازن/ نهايته .. محكتليش يعنى إيه إللى حصل معاها بالظبط؟؟
تنهد بضيق قبل أن يجيب...
طائف/ مش عارف .. أنا كنت برة بظبط أمور الشغل بتاع مصر ولقيت الفندق بيكلمنى إنه أغمى عليها وفى حد ضرب نار على موظف الرووم سيرڤس ( room service )
مازن بتنهد/ طب هى عاملة إيه دلوقتى؟؟ فاقت؟؟
طائف/ أه بس مفتحتش معاها الموضوع عشان حالتها متسمحش دلوقتى .. على العموم عايزك تعرفلى إيه إللى حصل وإللى جه ده تبع مين؟؟ وأنا برضوا من هنا هشوف هقدر أوصل لحاجة ولا لا.
مازن/ تمام يابوص إعتبره تم.
ثم أكمل بمرح/ وأبقى سلملى على يويو.
طائف بغيظ/ غور يامازن أحسنلك غوووور.
ثم أغلق الهاتف بوجه صديقه حانقاً عليه بسبب مرحه المتواصل فى أحلك الأوقات
§∆§∆§
§∆§∆§
أسر بإبتسامة/ إزيك ياهانم يارب تكونى بخير.
رقيات مرحبة/ تسلم يابنى أنا الحمد لله تمام كويسة أوى .. وأنت أخبارك إية؟؟ إتفضل إتفضل أقعد.
أمتثل هو لعرضها وترحيبها بسعة
آسر/ الحمد لله أنا تمام .. أسف لإزعاجك بس بقالى يومين بحاول أوصل لآيات تليفونها مقفول ولما روحت لبيتها ملقيتش حد
رقيات/ آيات!! آيات مسافرة يابنى .. هى مقالتلش ليك ولا إيه؟؟
آسر بتعجب/ مسافرة؟!! لا الحقيقة مقالتليش ولا جابت سيرة .. غريبة دى!!
رقيات بإبتسامة مبررة/ معلش متأخذهاش .. هى سافرت سفرية تبع الشغل والمدير بتاعها مطلع عينها كل يوم بحالة وجبلها حكاية السفر دى فجأة دى ياحبة عينى ملحقتش تجهز نفسها حتى.
آسر بغضب/ ويبقى مين بقى الأستاذ ده؟؟ ويطلع عينها بتاع إيه؟؟ أنا عارف آيات طول عمرها بتعمل إللى عليها وزيادة .. يبقى يطلع عينها ليه بقى .. إسمه إيه مديرها ده؟؟
رقيات بتذكر/ والله يابنى مش فاكرة .. أه تقريباً إسمه هادي .. هى دايماً كانت تقولى مستر هادي عمل كذا .. مستر هادي سوا كذا .. الله يسامحه بقى.
آسر بوعيد/ مممم هادى.
ثم هم من مقعده مودعاً إياها/ طب عن إذنك بقى ياهانم مضطر أمشى .. وآسف مرة تانية لإزعاجك.
رقيات بحنان/ إزعاج إيه بس؟؟ ده يكفى إنك معرفة الغالية .. نورت يابنى.
خرج من السوبر ماركت يجرى إتصالاً ما أصدر فيه عدة أوامر أهمها كان...
آسر/ وأعرفلى الشركة إللى شغالة فيها آيات رأفت حلمى .. ورئيسها بيكون واحد إسمه هادى .. عايز كل إللى يختص بيه .. أصله وفصله .. فى أقرب وقت فاااهم.
ثم أغلق هاتفه متوعداً لهذا الذى يعذب طفلته .. أياً كانت أسبابه.
§∆§∆§
§∆§∆§
آيات بتذمر/ أنا جعااانة.
سمع صوت متذمر من خلفه أثناء مشاهدته للتلفاز بعد إنتهائه من بعض الأعمال الكتابية ليلتف برأسه فيراها كطفلة مشعثة الشعر تقف على عتبة الغرفة على وجهها حنق طفولى وكأنه قد إلتهم طعامها ولم يُبقى على شئ تتناوله .. ضحك بداخله من هيئتها تلك قبل أن يشير لها بإصبعه إن تتقدم نحوه تأففت ثم أمتثلت لأمره بغيظ .. وصلت لمكان جلسته تعقد يديها أمام صدرها وتناظره بغضب
طائف بمرح/ بمنظرك دلوقتى ده ضيعتى هيبتك والرسمية إللى كنتى رسماها قدامى طول الشهر ونص إللى عدو على شغلنا سوا، ويمكن كمان مش الفترة دى بس لأ وطول فترة حياتك المهنية كلها.
نظرت له بغيظ لتتجاوزه فتجلس على أحد المقاعد الموجودة بالغرفة وتجيب...
آيات ببرود/ والله حياتى المهنية كلها فى كفة وإللى حصل فى السفرية دى فى كفة لوحدها.
فور إتيانها بذكر ماحدث تحولت ملامحه للجدية ليهتف...
طائف/ أطلبلك أكل؟؟
آيات بسخرية/ عرفتها لوحدك دى ولا أنت دايماً كده بتفهمها وهى طايرة؟؟
طائف متعجباً/ حقيقى محسسانى إنى بعذبك معايا!! لا ونظرتك دى كأنى باكل أكلك.
آيات بمسرحية/ أنت؟؟ لا سمح الله .. حد يقدر يقول كده برضوا.
طائف بدهشة/ أنا أول مرة أشوف واحدة بتعامل مديرها كده!! مش شايفة إنك واخدة راحتك على الآخر؟؟
آيات/ والله لما يكون أول مرة ينزل فى السوق مديرين زى ساعدتك يبقى توقع أى نوع من السكرتارية .. أكيد مش هينفع مع إللى زيك سكرتيرة طبيعية وإلا هيكون مصيرها حاجة من الإتنين .. مستشفى الأمراض العقلية أو المقابر.
إتسعت حدقتاه بدهشة لما تقوله فيردف بحيرة
طائف/ أنت مش خايفة من أى إجراء أخده ضدك؟؟
تحركت من مكانها متجهة نحو غرفتها لتعدل من هيئتها المزرية قليلاً وأثناء سيرها توقفت لحظات لتجيبه وهى تحرك كتفاها لأعلى ولأسفل بقلة حيلة
آيات/ مش عاجبك .. إرفدنى.
ثم إتجهت للغرفة تغلق الباب خلفها تاركة إياه ينظر بأثرها ثم ما لبث أن إنفجر ضاحكاً على جملتها الأخيرة تلك عند تذكره لإحدى الجمل فى فيلم عربى لأحمد حلمى .. " مش عاجبك طلقنى " .. ليزيد من علو ضحاته فيهتف وسطها بصعوبة
طائف بضحك/ أنا مشغل واحدة مختلة معايا .. مستحيل تكون طبيعية .. ده أنا إللى نهايتى هتكون المصحة مش أنت.
ثم هم بعدها بطلب الطعام لها وأكد على سرعة التوصيل
بعد عدة دقائق ليست بالقليلة خرجت من الغرفة لتجده مازال على وضعه لكن بإختلاف وجود حاسبه النقال أمامه على طاولة ما قد حركها من مكانها لتكون محاذية له بجلسته ويبدوا من عقدة جبينه أنه يقوم بمراجعة شيىء ما بغاية الأهمية .. ظنت أنه لم ينتبه لخروجها لتجده فجأة يُحدّثها ومازالت عيناه ترتكز على الحاسوب
طائف/ الأكل وصل هتلاقيه وراكى.
إلتفتت لتجد عربة الطعام قد وصلت بالفعل حركتها لتضعها هى الأخرى موازية لأحد المقاعد فتكون جلستها بجواره
آيات بهدوء/ حضرتك مش هتآكل؟؟
نظر لها بدهشة ليلتوى فمه بسخرية قبل أن يجيب
طائف/ حضرتك!! أنت بعد إللى حصل من شوية ده خليتى فيها حضرتك؟؟ ده أنا حسيت إنى أنا إللى شغال عندك مش العكس.
أجلت حلقها قبل أن تهتف
آيات/ أحم أحم ما حضرتك إللى بدأت.
طائف/ إللى بدأت؟؟ كلى يا آيات كلى الله يهديكى.
آيات/ يعنى مش هتآكل معايا؟؟
طائف/ لا أنا سبقتك.
مضت دقيقتين أو أكثر بقليل لتهتف فجأة بذهول
آيات/ الإجتماع؟؟ الإجتماع كان إمبارح بليل.
طائف بهدوء/ لغيته .. بعد إللى حصل إمبارح كان لازم يتلغى.
مضت عدة لحظات ومازال نظره معلق بحاسوبه وعندما لم يشعر بأى حركة بجانبه نظر لها بقلق ليجدها تبكى بصمت وقد أغرقت الدموع وجهها
طائف بقلق/ حصل إيه؟؟ موجوعة؟؟ فيكى حاجة؟؟
حركت رأسها يميناً ويساراً لتزيده حيرة .. بقى لحظات يحاول إستيضاح ما يدفعها للبكاء حتى أدركت أنه أتى على ذكر ماحدث بالأمس ليردف
طائف/ إللى حصل إمبارح؟؟
أومأت له بنعم ليكمل
طائف/ لو حكيتى هترتاحى؟؟
نظراتها أوحت له أنها لاتعلم ليجيب هو بدلاً عنها
طائف بحنو/ خلاص إحكى يمكن ترتاحى ومتنسيش إنى معاكى ومش هسمح لأى حد إنه يإذيكى تمام؟؟
أومأت بهدوء قبل أن تبدأ بسرد ماحدث

««««فلاش باك»»»»

إتجهت تفتح الباب ليطالعها رجل طويل البنية لا يبدو من عمال الفندق لتناظره فى دهشة قبل أن تسمعه يقول بلهجة مصرية وبإبتسامة واسعة لم ترتح لها
.../ جناح مستر طائف؟؟
أومأت له ببلاهة ليسألها مرة أخرى
.../ حضرتك سكرتيرة مستر طائف؟؟
لتومأ له ايضاً فتراه بعد ذلك يضع يداه بجيب سترته ليخرج منها مسدس غريب الشكل يبدوا عليه كاتم للصوت فيرفعه بكل هدوء مقابل جبينها ويهتف ببرائة
.../ الموضوع مش هياخد وقت كبير .. غمضى عينك وهينتهى بسرعة.
لتمتثل لأمره سريعاً تغمض عيناها فى حين تتحرك شفتاها بنطق الشهادتين
مضت ثوانى قليلة أثناء إنتظارها ذاك لتسمعه يشتم ببذائة فتحت عيناها فوجدته يتجه بأنظاره خارج الغرفة حركت عينيها الخائفة هى الأخرى إتجاه ما ينظر إليه لتجده عامل الفندق الآتى بالطعام والذى سبق طائف وأن أخبرها أنه سيطلبه لها فى طريقه للخارج .. وجدت آيات هذا العامل هو حبل النجاة لها لكن سرعان ما خاب أملها عندما وجدت هذا الراجل المجهول يوجه سلاحه نحو هذا العامل المسكين ليردعه قتيلاً غارقاً بدمائه أمام عيناها فتصرخ هي فى فزع .. صرخة أدرك هذا القاتل أنها ستثير جميع من حولهم وقبل أن يقوم بإسكاتها بطلقة أخرى من سلاحه حتى عمت ضوضاء وصراخ ليسرع هو بالفرار تاركاً إياها تسقط أرضاً وقد أحاطها الظلام من كل جانب

««««نهاية الفلاش باك»»»»

شيطان العشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن