على عكس اليوم الذي غادرت فيه الكوخ بغيظ، ظهرت ليلى اليوم و كأنها سيدة لطيفة و لبِقة.
متكئٌ على الأريكة، كان ماتياس يتأملها."أعتذر بصدق لدخولي عليك بهذه الطريقة، سموك"، قالت بتردد مع خفض رأسها لتجنب نظراته. جعلت رموشها الطويلة و الكثيفة مظهر عينيها المنخفضة لافتاً بشكل خاص. بعد أن لعقت شفتيها بتوتر للحظة، تابعت: "آسفة، لكني أود أن أسألك شيئاً."
في تلك اللحظة، بدأ الهاتف يرن.
نهض ماتياس ببطء من مقعده، ثم مر بجانب ليلى المتفاجئة ليلتقط الهاتف. بدا أن المكالمة تتعلق بمسألة عقد معقدة.
مازالت في حالة تفاجُئ، شاهدت ليلى ماتياس بينما كان يوجه المحادثة ببراعة مع الشخص على الطرف الآخر من الخط. من نبرته الهادئة ولكن القوية والتعليقات القصيرة و المهذبة التي كان يضيفها بين الحين والآخر، كان واضحاً أن سلطته و كرامته سمحت له بالسيطرة بسهولة على الطرف الآخر. شعرت ليلى وكأنها تتعامل مع الدوق هيرهارت المثالي الذي كان سكان كارلسبار يمدحونه دائماً. جعلها ذلك تشعر بأن شكوكها حول كونه من سرق نظاراتها تبدو سخيفة.
لا أعـلم لماذا جـئتُ هـنا أصلاً. لا يمـكن أن يـكون هو...إذاً، هـل كان غـراباً بعد كل شـيء؟ وهي تعد في ذهنها كم عدد أعشاش الغربان في الغابة، استسمحت المغادرة بصمت من الدوق الذي كان لا يزال على الهاتف.
بشكل غير متوقع، استدار نحوها، ووضع يده فوق السماعة، وقال "انتظري" كان هذا الأمر القصير يبدو وكأنه صادر عن شخص آخر تماماً مختلف عن الدوق المثالي الذي كان قبل لحظة.
تجمدت ليلى بإرتباك. ثم استأنف ماتياس محادثته الهاتفية وكأن شيئاً لم يكن. بينما كانت تراقبه، أدركت ليلى شيئاً آخر. أدركت أنه حتى عندما كان منخرطاً في أكثر المحادثات الاجتماعية، كانت عينيه هادئتين. بقيت عينيه إلى حد كبير كما هي حتى عندما ابتسم. ومع ذلك، كانت وضعيته دائماً لبقة ومستقيمة. حتى وإن لم يكن الشخص على الطرف الآخر من الهاتف يمكنه رؤيته، لم ينحني أبداً. بدا أن هذه عادة متأصلة لديه.
استمرت المكالمة لعدة دقائق أخرى. بمجرد انتهائها، توجه إلى الطاولة وسجل شيئاً ما. وضعت ليلى يديها المتوترتين خلف ظهرها.
فقط عندما بدأت تتساءل عما إذا كان قد نسي أنها كانت موجودة، نظر إليها ماتياس أخيراً وقال، "تفضلي."
"عفواً؟"
"اسأليني ما جئتِ لتسأليه."
كان شعور نظرته عليها غامرًا، فخفضت عينيها قليلاً. "أوه... حسناً، يتعلق الأمر بنظاراتي. كنت أتساءل إذا كنت قد رأيتها عند الرصيف الخشبي...في اليوم الذي قفزت فيه إلى النهر."
"همم...لا أظن أنني رأيتها..." نهض ببطء من مقعده واتجه نحوها. "لكنني أظن أنني قمت بإخفائها."
أنت تقرأ
ابكي ، أو بالأحرى توسلي
Romanceيتيمة في سن مبكرة، تشعر ليلى لويلين بأنها أسعد فتاة في العالم بعد أن انتقلت للعيش مع عمها بيل، البستاني الذي يعيش في عقار أرڤيس الخلاب في إمبراطورية بيرغ. بالنسبة إلى ليلى، تبدو أرڤيس كالجنة؛ فهي تحب استكشاف الغابة الواسعة، دائمًا ما تحمل دفتر ملاحظ...