الفصل الأول.

7.7K 263 27
                                    

『PART 1』

زوي

قبل سبع سنوات

صوت المحرك المتعطل لسيارة تويوتا كورولا القديمة التي كانت تخص والدي منذ التسعينات انبعث بصخب وسط الشارع الواسع. الأطفال ملأوا المكان، ضحكاتهم وصيحاتهم الصاخبة تناثرت في الأجواء، وشجاراتهم الطفولية التي طالما رأيتها غبية كانت تتردد في أذني. لطالما كرهت الأطفال؛ لكونهم مصدر إزعاج دائم، لكن الآن، للمرة الأولى، رأيتهم بعيون مختلفة. بدوا لي كملائكة ساقطين، أرواحهم البريئة مُنهكة، وطفولتهم التي كانت يوماً رمزاً للبراءة أصبحت عبئاً عليهم، حتى إنهم أحياناً يتصرفون بلا منطق. ضحكت بخفة على أفكاري، فيما كانت الدموع تغشى عيني، مما جعل الرؤية غير واضحة.

لقد بدأنا...

أصدرت عجلات السيارة صوت صرير مزعج وهي تحتك بالأسفلت القديم، وتوقفت عند حافة الطريق أمام ذلك المنزل الصغير، المختلف عن بقية المنازل المحيطة. كان المنزل مهجوراً، وكأن الحياة قد هجرته أيضاً. كل شيء فيه كان يشي بالكآبة؛ الأسود والرمادي كانا يسيطران على الأجواء، والألوان الباهتة أضفت عليه شعوراً بالخواء. لم أكترث لذلك، فهذا هو ما كان يعشقه دومًا؛ الهدوء الذي يتخلله عبق الكآبة. ومع ذلك، رغم كل شيء، كان المنزل نظيفاً بعناية فائقة، كأنه يعكس هوسه بالنظافة، ذلك الهوس الذي كان دوماً عكس ما يوحي به مظهره الخارجي.

خطوت خطواتي الثقيلة نحو الدرج الخشبي المؤدي إلى الباب الأمامي، حيث كانت الخشبات القديمة تئن تحت قدمي، وكأنها تعبر عن ثقل العالم الذي أحمله.

طرقة...

طرقة...

طرقة...

"لوكا، لقد أتيت. هل أنت هنا؟"

طرقة أخرى، لكن لم يأتِ أي رد.

قطبت حاجبيّ خلف النظارات الطبية، وبدأت مشاعر القلق تتسلل إلى داخلي. لم يكن لوكا معتاداً على التأخر، حتى عندما كان يغرق في نومه. رفعت بصري نحو النوافذ التي كانت مغلقة بإحكام غير معتاد. كان دائمًا ما يغلقها لدرء الجراثيم، كما كان يقول، لكن هذه المرة موصدة بقوة، وكأنها تحاول إبعاد شيء ما عن الداخل. شعرت بالمرارة تتسرب إلى معدتي، تنتشر فيها كالسم. تنفست بعمق، محاولاً السيطرة على مخاوفي، وأخرجت هاتفي لأتفقد جدول عمله في الكافتيريا.

الأحد... اليوم هو الأحد. الضباب الذي تراكم على زجاج نظارتي منعني من الرؤية للحظة، لكني استطعت بصعوبة قراءة كلمة "الأحد" والعبارة المكتوبة بجانبها: "دوام فارغ".

إنه لا يعمل اليوم.

ابتلعت ريقي بصعوبة، وبدأت أتفحص الرسائل التي أرسلتها له. كانت 12 رسالة كاملة، جميعها بلا رد: "مرحبًا، أين أنت لوكا؟ لديّ شيء أريد أن أخبرك به. ألو! هل تعمل أم أنك مع ثيو؟ سأأتي لزيارتك اليوم في المنزل..."، لم يرد على أي منها، ولم يرها حتى.

Maybe in another life.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن