الفصل الخامس عشَر.

4.4K 263 90
                                    

البارت طويل، و يلخص ما تبقى من الفلاشباكس. ☆

★لوكا★

قبل ثمانِ سنوات

اليوم الثاني

استيقظت في ذلك الصباح متعباً، جسدي يصرخ طلباً للمزيد من النوم. الجو المحيط في غاية السكون، الرطوبة الخفيفة تلامس جلدي، كما لو أن الطبيعة نفسها تُهيئني لمزيد من الراحة. خيمتي وخيمة جوزيف كانت قريبة جداً من النار، أكثر مما ينبغي. حتى أصبح جوزيف متوجساً من أننا قد نحترق في أي لحظة بسبب القرب المفرط، لكنه، على عكس قلقه، غرق في نوم عميق، مصدراً شخيراً عالياً.

تنهدت، ورأيت بخار أنفاسي يتصاعد في الهواء البارد. حملت السيجارة بين شفتي. كانت الساعة لا تزال مبكرة جداً؛ الجميع غارق في النوم، ولم يكن هناك أي حركة سوى صوت النار التي تلتهم الأخشاب من الليلة الماضية. حملت الولاعة و كدت أشعلها، استندت بظهري إلى جذع شجرة متهالكة، ثم رفعت بصري ببطء لأرى جسداً صغيراً يتسلّق شجرة على بعد خطوات.

عقدت حاجبي، وخرجت من حلقي ضحكة مكتومة حين أدركت أن الشخص الذي يتسلق ليس إلا نجمة صغيرة بشعر قصير، تتحرك برشاقة فوق أغصان الشجرة. نهضت ببطء من مكاني، متجهاً نحوها. لمحتها تجلس على غصن، تتطلع إلى شيء أعلى. عندما اقتربت، فهمت الأمر – كانت تحاول الوصول إلى جرو صغير كان محاصراً على حافة الغصن.

"هيا، صغيري، اقترب"، نادت وهي تمد يدها نحو الجرو المرتعش. الجرو حدق فيها بعينيه الواسعتين قبل أن ينبعث منه نباح خفيف ويتراجع خطوة إلى الوراء.

يا إلهي، لو استمرت بهذه الطريقة، فسوف يسقط هو وتتبعه هي. مسحت بيدي على جبيني، وحاولت أن ألتقط أنفاسي قبل أن أناديها: "توقفي لا تقتربي أكثر، ستسقطين"

استدارت نحوي، وعرفت أنها بالكاد ترى دون نظاراتها. ترتدي بيجامة حريرية، شعرها القصير مربوط بطريقة عشوائية. "إنه عالق، كان ينبح طوال الليل"

تنهدت، وأعدت شعري إلى الخلف بيدي بينما أشرت نحوها بحركة استسلام: "الغصن هش جداً، لو تقدمتِ أكثر فسوف ينكسر. دعيني أتولى الأمر، فقط انزلي."

لكنها لم تستمع، تركيزها منصباً على الجرو المرتعب الذي بدأ ينظر نحوي.

"لا... لا–" اندفعت نحو الجرو في اللحظة التي بدأ فيها الغصن بالتحطم، تقدمت باتجاهها في حركة خاطفة، أمسكت بالجرو وأمسكت بها، لكننا سقطنا معاً. أنا أولاً، ثم هي فوقي، ارتطم ظهري بالصخور، وشعرت بألم حاد ينطلق عبر عمودي الفقري.

رفعت رأسها عن صدري ببطء، أنفاسها متسارعة، عينيها متسعتين بالدهشة وهي تنظر إليّ، والجرو لا يزال محصوراً بين يديها كأنها تحميه. "يا إلهي!"، تلعثمت، ونهضت بسرعة، نظرت إليّ بذعر: "هل أنت بخير؟"

Maybe in another life.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن