★زوي★
الحاضر
صوت كعبي الحاد تردد في الممر الفارغ، كأنه إيقاع يعلن عن حضوري. اليوم، ارتديت تنورة سوداء ضيقة، تصل لأعلى ركبتاي قليلاً، وقميصًا أبيض ناصعًا، يعكس الضوء بنعومة، شعري المنسدل بحريّة تراقص على كتفي بعد تصفيفه بعناية.
ما إن وصلت إلى الباب حتى صدر صوت صريره.
مكتب المحامية ز. إيفاندر.
الكلمات مكتوبة بإتقان على إطار ذهبي بخطوط بيضاء مزخرفة. وضعت حقيبتي من ماركة شانيل برفق على سطح المكتب اللامع، وجسدي انساب إلى الكرسي الجلدي بخفة. و الذي تثاقل وزنه تحت وزني.
ريو، مساعدي، كان قد وضع أمامي الملفات التي تحمل كل التفاصيل المتعلقة بلوكا فيترون. تنفست بعمق، وحين فتحت الملف شعرت بتيار غير مرئي يجذبني إلى الوراء. الصفحة الأولى مألوفة، معلومات بدائية كما توقعتها، لكنها تأتي هذه المرة بشيء آخر، شيء أكثر عمقًا وقسوة، أكثر نضجًا. بل قد يكون أكثر رعبًا.
ما إن وقعت عيناي على اسمه حتى شعرت بحلقي يجف، وابتلعت ريقي بصعوبة. تلاشت في داخلي الرغبة في مواصلة القراءة، لكن شيئًا آخر، أشبه بمزيج متناقض من الاشتياق والحقد، دفعني للاستمرار. ذلك الشعور الذي يجعل قلبك يتسارع وتفقد السيطرة على جسدك، وكأنه يرفض ما يقرأه، و قد جعل قطعة الدونات التي تناولتها في السيارة تهدد بالخروج فجأة.
هل هو الاشتياق؟ أم ربما ذلك الغضب الدفين الذي أحمله منذ سبع سنوات، منذ أن غادرني بدون وداع، بدون كلمة، وترك فراغًا لا يُملأ. كانت تلك السنوات مريرة، وحين أضاف إلى جرحي ما فعله بسارة، أظن أن الكراهية تجاهه تعمقت أكثر.
سحقًا لفيترون وسحقًا لكل لحظة تعلقت فيها به! تنهدت بتعب، ورفعت القلم لأدون شيئًا، لكنني وجدت قبضتي تضغط عليه بشدة، حتى تحطم في يدي.
الصفحة التالية كشفت المزيد. العمر: 35.
"رجل العصابة لوكا فيترون." لم تعد تلك الكلمات مجرد لقب، بل تحولت إلى كيان يشع بالخطر. عاد إلى إيطاليا لينضم إلى واحدة من أكثر المنظمات الإجرامية شهرة، ساكرا كورونا يونيتا، حيث ازدهرت أعماله وارتفعت سمعته حتى تجاوز بعض العائلات المتجذرة في الجريمة. ذكاءه الحاد وأفكاره المبدعة جعلته يرتقي سريعًا في هذا العالم القاسي.
كان يتجاوز كل العقبات، حتى نال إعجاب عائلة كاستيلانو، وكان الأمر أشبه بتقدم سريع و تطور مشكوك به.
فيوليتا كاستيلانو. الاسم تردد في ذهني. خطبها؟ زواجهما سيُقام العام القادم؟ لم أكن أعتقد أن لوكا سيواصل تدمير الأرواح، والآن، ها هو يخطط للزواج، وكأنه لم يتسبب في أي ألم.
تحطم القلم بين أصابعي. مشاعر الغضب اجتاحتني، ورغبت بشدة في تمزيق الأوراق أمامي، لكنني على علم أنني بحاجة إليها أكثر من أي وقت مضى. يجب أن يُحاسب، يجب أن يندم.
أنت تقرأ
Maybe in another life.
Romanceكانت فتاة طموحة، وهبت حياتها ليكون والداها فخورين بها، مدللتهم الوحيدة، يونانية متغطرسة بقدر ما كانت لطيفة مع الناس. ذات يوم، صادفت رجلاً غامضاً، نرجسياً في نظرها، يعمل في كافتيريا لكسب قوته اليومي. لم تكن تعرف الكثير عنه، ولكنه اختفى فجأة وغادر حيا...