خرج الرجال من «العاقير» وهم يمتطون خيولهم، يتقدمهم مصطفى على الفرس «مارق»
وبينما يركضون عبر الأراضي القاحلة، حيث يتعالى صدى الغربان من حولهم. تبادلوا النظرات، وظهرت عليهم ملامح الانكسار الداخلي، وكأنها نذير شؤم يحذرهم من الرحلة المقبلة.قال مصطفى:
قلبي معكم، لماذا تبدون بهذه العبوس، لم نتحرك سوى بضع خطوات، فكيف ستبدو حالتكم عندما نكون بالقرب من «مصر»؟رد لبيد باستخفاف:
مصر، وهل سنصل إليها حقًا؟أجاب مصطفى بحزم:
وإن لم نصل، أليس من واجبنا أن نحاول؟ لن نعود خالين الوفاض، وحتى إن عدنا، فلن يكون عودتنا إلا نتيجة لتأجيل الموت.رفع مصطفى صوته موجهًا حديثه نحو جواده مارق:
هيا، يا مارق، أسرع! أريد أن أصل قبل أن تومض عيني. وقف مارق على قدميه الخلفيتين محركًا قدميه الأماميتين يمينًا ويسارًا في الهواء، ثم انطلق بسرعة مذهلة.انفجر الرجال بالضحك، وكان من بينهم حمزة الذي قال:
لنسرع خلفه، وإلا سيصل إلى مصر ونحن هنا واقفون.بعد ساعات من السير، أوقفهم الليل.
أشار حمزة: لنسترح هنا الليلة.فرد مصطفي: أنا أيضًا أرى ذلك.
ترجل كل منهما عن ظهر جواده، ثم انطلق زيدان حاملاً فأسه بين الأشجار بحثًا عن شجرة يابسة تصلح لإشعال النار. حيث عثر على شجرة متهالكة وبدأ يقطع بعض الأغصان الكثيفة حتى اكتفى، ثم ربط الأخشاب ووضعها على كتفه.
أثناء استدارته للعودة، لم يجد أحدًا،وفي تلك اللحظة سمع صوت امرأة مسنّة تناديه:
يا زيدان، تعال إلى جدتك، ألم تشتق لعناقها؟رد زيدان قائلاً: جدتي ثرين، لكن أين أنتِ؟ وكيف لحقتِ بي؟
ألقى الخشب الذي يحمله ووقف في مكانه يراقب ظل يتقلب حوله بسرعة مذهلة، ثم أمسك بفأسه.وقال: مرحباً بك يا 'موت'، أراكِ قد عرفتِ مكاننا.
تلاشى الظل، واستمع إلى صوت جدته من جديد: ألا تود معانقة جدتك التي تحبك أكثر من نفسها؟
أجاب 'زيدان': كانت ستنطلي عليّ الخدعة لو لم أكن قد دفنت جدتي قبل يومين!
بينما كانت تضحك، قالت: دفنتها قبل يومين، وسأدفنك اليوم.
ألقى 'زيدان' فأسه بقوة نحو مصدر الصوت، وركض بأقصى سرعته حتى اصطدم بمصطفى.
سأل مصطفي: ما بك يا 'زيدان'؟
رد 'زيدان' بصوت مليء بالذعر: إنها هنا.
أنت تقرأ
امرأة من عالم الجن
Paranormalفي عام 1850، تحولت قرية "العاقير" إلى مقبرة مفتوحة، لا ينبت في حقولها سوى الموت، ولا يملأ هواءها سوى الهمسات المخيفة عن "النداهة". لم يكن أحد يعرف ما إذا كانت هذه المرأة المسحورة كائنًا من الجن أو روحًا ضائعة، لكن الجميع أيقن أنها ليست من عالم البشر...