الفصل الثالث عشر: خاتم الدمار.

152 28 15
                                    

اجتمع الأصدقاء مرة أخرى لإحياء ذكرياتهم المشتركة، حيث عبّرت قلوبهم عن مشاعر المحبة والامتنان، معبرين في ذات الوقت عن دهشتهم من تصرفات مصطفى.

قال حمزة لمصطفى بنبرة مستنكرة: لقد كدت أن تتسبب في موتي، أيها الأحمق.
أجاب مصطفى بحزن: لم أكن أدرك ما أفعله، أرجوك، سامحني، يا أخي. ثم توجه إلى هاتور فقال: سامحيني، وسامحوني جميعًا، فقد كان ظلايموس  يتحكم بيّ كما لو كنت دمية بين يدية ، ولم أكن أعلم بذلك.

ضحك ليث متعجبًا من قوة مصطفى، وقال: ولكن يا أخي، كيف استطعت قتل الوحش؟ ومن أين حصلت على هذه القوة الهائلة؟

أجاب مصطفى بابتسامة تعكس إعجابه بعظمة حديثه: لقد ساعدني الخاتم منذ البداية.

سأل ليث: أي خاتم تقصد؟
رد مصطفى قائلاً: هذا هو خاتم الدمار، إنه الخاتم الذي حصلت عليه من سندان عند بوابة أرض الجن. يمنح هذا الخاتم حامله قوة استثنائية، حيث يجمع بين القوة السحرية والبدنية. بالإضافة إلى ذلك، يتجسد الخاتم في صورة رجل يُدعى «ثوكليد»،  يقدم لي «ثوكليد» النصائح والإرشادات كلما احتجت إلى مساعدته. لقد رأيته في عالم الأموات، حيث أخبرني بأنه يجب علينا الاجتماع معاً لنتمكن من النجاة. كما رأيته مرة أخرى خلال فترة معاناتي من فقدان الذاكرة، حيث ذكرني ببثينة والثأر.

قالت هاتور: لقد اطلعت على معلومات حول هذا الخاتم في مكتبة العوالم. إنه واحد من ثلاثة خواتم تُعرف بـ: 1. خاتم الدمار، 2. خاتم اليأس، 3. خاتم الموت. هذه الخواتم الثلاثة أبدعها الجنّي قلدير، هو ينتمي إلى أرض نيدر الفانية، وقد تم صنع الخواتم  منذ مجيء البشر إلى الأرض بهدف التنافس مع قوة الجن. كنت أعتقد سابقًا أن هذه الأسطورة ما هي إلا خيال، ولكن لكل خاتم من هذه الخواتم قوة فريدة، ومن يمكنه كشف أسرارها قد يصبح لا يُقهر.

قال حمزة: هنيئًا لك، يا أخي، فقد زادت قوتك بفضل معرفتك هذه. 
نظرت هاتور إلى زيدان وسألته: كيف تذكرتني؟ 
أجاب زيدان: لقد تذكرتك بقلبِي قبل أن أتذكر بعقلي، فهذه القطعة أضاءت عقلي وجعلته يدرك لماذا قلبي ينبض   لرؤيتكِ   
قالت هاتور: إنها من رموز الفكر العميق.  
سألت: من أين حصلت عليها؟ 
رد زيدان: لقد أخذتها من شخص يُدعى قادع. 
قالت هاتور: ماذا كنت تقول عندما كنت مهدده بالإعدام؟ هل حقًا تحمل في داخلك كل هذا الإحساس؟
 
أجاب زيدان: لا، فهذا جزء من الكل. فلو كانت السماء واسعة بما يكفي لتحتوي الأرض، لما اتسعت لتحيط حبي لكِ . 
أضافت هاتور: أحبك. 
رد زيدان، وهو يشعر بدفء مشاعره التي لا يستطيع السيطرة عليها: لم أسمعك جيدًا، هل يمكنكِ أن تكرري ذلك؟ 
فقالت: إذا كان بإمكاني وصف حبي، لقلت لشمس أن تغرب، فإن حبك قد أشبعني نورًا. 
وتابعت: أتعلم يا زيدان، إن الدنيا لا تزال تسحبني إلى أعماق اليأس والوحدة. ظلام الوحدة يحاول استعادتي حتى أتيت وأشبعته، فلا تترك ظلامي يأخذني مجدداً.

بكى زيدان بهدوء وهو يعبر عن مشاعر الحب التي تعصر قلبه، قائلاً: إن دنيانا واحدة، وما قدّره الله قد قُسّم على أعناقنا؛ جزء لكِ وجزء لي.

اقترب شخص ووضع يده على كتف زيدان، فالتفت إليه وهو يمسح دموعه، وابتسم حين رآه قائلاً: قادع.

ضحك قادع ثم احتضنه، وقال له: لقد فعلت ما عجزت عنه، حيث أعدت الذكريات إلى المستقبل وأعلمت الحاضر بماضيه، ولا أدري ماذا يمكنني أن أقدم لك.

رد زيدان: ما فعلته معي يا صديقي هو ما أنقذني، لقد أعدت لي عقلي وقلبي، وشكري لك لا يكفي، يا قادع.

في تلك اللحظة، اقترب مصطفى من خلف زيدان قائلاً: نرغب في الحصول على مفتاح العالم الثالث. فأجابه قادع بأن المفتاح مع الملك بندين، وأنه محتجز في سجن المملكة السفلى.

عندها، رفعت هاتور يديها وصنعت دوائر معاكسة، مما أسفر عن انبعاث ضوء مشع اصطدم بالأرض، وظهر من ذلك النور شخصية مهيبة، رجل ذو لحية تصل إلى صدره وشعر طويل، وعينان زرقاوان، عريض المنكبين وطويل القامة.

قال قادع: هذا هو الملك بندين.
تجمّع الناس حوله ومالت رؤوسهم في إقبال وإجلال. قام مصطفى بإزالة التاج ووضعه على رأس الملك قائلاً: هذا حقك يا مولاي.
فرد الملك قائلاً: أنتم من أخرجتموني من سجني. ماذا تريدون مني؟ ماذا بإمكاني أن أفعل لكم؟ لقد أنقذتم شعبي من النسيان. قلبي يتفتت منذ زمن طويل بسبب الأذى الذي عاناه شعبي من غياب الرعاية. إن من المؤلم أن أكون مسؤولاً عن قوم لم أستطع الحفاظ عليهم، فكل واحد منا راعٍ، وقد عجزت عن حماية رعيتي.

ردت هاتور قائلة: لقد تكبدت ما يكفي من المعاناة، وقد بذلت قصارى جهدك. لو كان بإمكانك تقديم المزيد لشعبك، لكان ذلك قد تحقق. فكن  واعياً لما يمكنك إنجازه، ولا تُلقي اللوم على نفسك بشأن ما لا تملكه، بل يجب أن تعمل على تعزيز مملكتك بشكل أكبر.

قال الملك بندين: إن كلامك صحيح، أحسنتِ يا ابنة تهان. ثم أضاف: أعلم أنكم تبحثون عن مفتاح الباب الثالث. بعد ذلك، قام بشد بعض الشعيرات من ذقنه ونفخ فيها، فتحولت إلى الباب الثالث. ثم اتخذ خطوات متقاربة إلى الأمام والخلف، وإلى اليسار واليمين، وكأنه يرقص، حتى انفتح الفضاء من باطن الأرض ليظهر له مفتاح وورقة داخل القالب.

وضعت هاتور المفتاح في الباب وقرأت الورقة قائلة: لا تبتعد عن المنافسة، فإن المغالبه هي بداية الفوز. عندها انفتح الباب وخرج منه ضوء ذهبي خافض.
.
.
.
.

.

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

.
.
.
.
.
.
.
آراؤك تهمني.
أي إضافة...
لا تنسوني من تعليقاتكم ودعمكم ♥♥

امرأة من عالم الجن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن