الفصل السادس عشر: عبور الشق المظلم الجزء الأول @

123 25 8
                                    

تجمّع الجميع أمام القصر، حيث قام الحراس بفتح البوابة لهم.

وفي سط الحشود، كانت الأجواء ملبدة، يمرون عبر تلك البوابات الضخمة المؤدية إلى الساحة الملاصقة للقصر . طالت الممرات المؤدية إلى قلب المكان، مع تلك الأعمدة الحجرية العملاقة التي تبدو كأنها شاهدة على آلاف السنين من التاريخ الدموي والسر المكنون.

"أين نحن؟" تساءل مصطفى مرة أخرى، بينما يراقب عن كثب ما حوله. كان تبار، بخبرته التي اكتسبها على مر السنين، ينظر بتعابير غامضة. "هذا المكان ليس للموتى فقط، بل هو مسرح لأعظم التضحيات"، قال بصوت منخفض، وكأنما يخشى أن يسمعه شيء ما في الظلام،: نُجر إلى افيارا.

على قمة الدرجات، حيث تتجمع سحب الضباب الكثيفة، برزت تلك الشخصية المغطاة بالعباءة السوداء. حركتها كانت بالكاد مرئية، لكن وجودها كان طاغيًا. لم يكن أحد يعرف حقيقتها، ولكن الجميع شعروا بأن مصيرهم بين يديها.

الهدوء هنا قاتل، لا صوت سوى نسمات خافتة تمس الأحجار كأنها تنقل نداء من عالم آخر. بين الأعمدة المهجورة، تشعر وكأن الزمن توقف؛ كل شيء هنا يبدو عالقًا بين الماضي والحاضر، وكأن لحظة انفجار شيء مجهول على وشك الحدوث.

في الأعلى انكشفت الغيوم فظهر القمر هو لا يبدو مجرد جرم سماوي، بل عين غامضة تراقب المكان بلا كلل، تحمل في ضوئها وعدًا قديمًا بالعذاب أو الخلاص، أو ربما كلاهما في آن. هذا المكان ليس عاديًا؛ إنه مسرح معدّ لاستقبال النهاية، أو لبداية لا عودة منها.


سأل زيدان من هذا الشخص الذي يقف اعلى الدرجات؟؟

رفعت المرأة الحجاب لتظهر نفسها.

هي امرأة غامضة تحمل هالة من الظلام والغموض. بشرتها داكنة كالليل، وعيناها سوداوين عميقتان، كأنهما بئر لا قرار له. شعرها الكثيف يتطاير بخفة، وكأنه يعكس سكون عاصفة لم تبدأ بعد.

ترتدي ثوباً حريرياً قاتماً، مزيناً بنقوش ذهبية دقيقة، يعانق جسدها بنعومة، لكنه يبدو وكأنه درع خفي من الأسرار. حول عنقها يتدلى قلادة ضخمة، كأنها تميمة قديمة محفورة بطلاسم غير مفهومة. أساور برونزية تحيط بذراعيها، تصدر رنيناً خافتاً، أشبه بأصداء خطوات أشباح في ممرات مهجورة.

في يديها، عصا سوداء ثقيلة، يبدو طرفها مدوراً بشكل غير طبيعي، كأنها أداة لطقوس غامضة. يحيط بها سرب من الغربان يدور في دوائر فوضوية حولها، وكأنهم رسل العوالم الأخرى. خلفها، في الخلفية الباهتة، تظهر ظلال أشخاص مجهولين، وجوههم خالية من الملامح، وكأنهم عالقون بين الحياة والموت.

امرأة من عالم الجن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن