الفصل الخامس عشر «مدينة فينتيريا» الجزء الثاني.

144 23 21
                                    

تأملت هاتور عينيه الغامضتين، حيث تحمل نظراته أبعادًا من الأسرار التي يسعى حثيثًا لإخفائها. تعكس عيونه عمقًا من المشاعر والأفكار المدفونة، تتوارى تحت عباءة من التردد والكتمان.
قالت هاتور: تتناول الحديث عن المسابقة وكأنها نذير شؤم أو قضاء محتوم، كما لو أنها قد ألحقت بك ضرراً أو أذىً.
هل شاركت من قبل في مسابقة 'أموات على حافة الفوز'؟

استخرج تبار خنجراً تتعطر نفحاته بعبق ذكريات الماضي، مما أثار في قلبه مشاعر الحنين لهذه الذكريات.
تألقت عينيه بومضات حزن، وبدأ لسانه ينطق بما يدور في خاطره.

قال: كنت أنا وزوجتي من صائدي وحوش السلطنة، ثم تنهد تنهيدة مؤلمة تحمل في طياتها الحب. وأكمل: لقد تعرفت على هند في وقت كان هناك مكافأة لمن يصطاد وحش 'كنتاد'. ولحسن حظي، كانت هي أيضاً تبحث عن هذا الوحش. وقد نشأت بيننا مشحنات لطيفة عندما رأيتها أمام وكر 'كنتاد'، حيث كانت تقول لي: 'اذهب، فإنك لا تستطيع تحمل الأمر يا صغيري'. بينما كنت أجيبها: 'لماذا جئت وتركت الأواني دون تنظيف؟'
تجلى تنافس سيفانا في لحظة استفاقة الوحش، الذي شنَّ هجومه علينا. وبينما كنا نبذل قصارى جهدنا للدفاع عن أنفسنا، سقطت «هند» ضحية له، لقد كان الوحش على وشك القضاء عليها. ولكن بفضل ما تبقى لدي من شجاعة، استطعت التسلل من الخلف وقطع رأسه، منقذاً إياها.

مددت يدي لأساعدها على النهوض، وفي تلك اللحظة، لم أكن أدرك كيف تسلل الحب إلى قلبي وقلبها. بدا لي وكأنني أراها للمرة الأولى، حيث كانت أشبه ببدر تتلألأ أمام ناظري. ولم يكن جمالها وحده هو ما أسرني، بل كل تفاصيلها، حتى الدماء التي كانت تلطخ وجهها.

بعد أن حصلت على رأس الوحش، طلبتُ من هند ان ترافقني الى افيارا لكنها كانت تقول إن الجائزة من حقك، فأنا لم أقتل الوحش . لكنني لم أكن راضيًا عن ذلك، فقلت لها:بل لم أقتله بمفردي، ولن أستقبل النقود بمفردي أيضًا.

توجهت معي إلى أفيارا، حيث تسلمت أفيار الرأس ومنحتنا 100 بانكور. عرضت عليها أن نتزوج، ورغم أنني كنت قصير القامة بالنسبة لها، إلا أن ذلك لم يمنعها من الموافقة. قضيت معها أجمل أيام حياتي، فقد كانت هند ملاذي في هذا العالم. اشتركنا معًا في مواجهة العديد من الوحوش، حتى أصبح عددها يتجاوز الآلآف ولم أعد أستطيع عدّها.

لقد ذاع صيتنا في مدينة فينتيريا، حتى علمتُ في يوم من الأيام برغبتها الشديدة في إنجاب طفل والتمتع بحياة مستقرة بعيدًا عن المخاطر والتهديدات التي تحيط بنا. وافقت على رغبتها وشعرت بالترحيب تجاه هذا القرار، لكنها أوضحت أنه من الضروري أن نضمن سلامة طفلنا المرتقب قبل أي شيء آخر.

امرأة من عالم الجن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن