"عزف النهاية"

191 26 20
                                    

في الليلة التي سبقت الهجوم، كانت الأجواء متوترة، الجميع متأهب، والسماء الملبدة بدت كأنها تحتضن أسرارًا مظلمة.
بينما خيم السكون على المخيم، تركزت الأنظار على السماء، كأنهم يبحثون فيها عن إشارة، عن أملٍ ضائع أو حتى تحذير يبرر لهم خوفهم. تدق قلوبهم كما تدق ساعة الخطر، تتأرجح بين الخوف والعزيمة، كلاهما حاضر في عيونهم، مزيج من الحماس والترقب يتخلله بريق من الصلابة.

كان زيدان مستندًا إلى ظهر حمزة عندما قال حمزة بصوتٍ خافت: "كنت أفكر فيما قاله فرحيس... إنه يرى أن علاقتك مع هاتور قد تُحدث خللًا، ربما تُضعف التوازن بين العالمين. كيف لجنية أن تُسلم قلبها لبشري؟"

ابتسم زيدان، ولكن في عينيه كان هناك مزيج من الحزن والتمرد: "يا حمزة، لا أرى فرقًا في هذا العالم البعيد. لا يهمني ما يقوله الآخرون. قلبي خفق لها، ولن أوقفه مهما كان. أنسيت أين نحن؟ نحن في عالم غير عالمنا، على كوكبٍ لا يتنفسه البشر. وتحدثني عن التوازن؟ كل هذا الموت والدمار، وتسمّيه توازنًا؟"

ابتسم حمزة، وقد بدت في ملامحه لمحة من العزاء: "أحيانًا يا زيدان، أشعر أن حبك لها تمرّد على الحزن والظلام، وكأنها اليد التي تمد لك لتنتشل قلبك من بحور العذاب. لكني أخشى عليك... أخشى أن يكون هذا الحب طريقك إلى الهلاك. ربما ليس حبًا، ربما هو اندفاعٌ في لحظة ضعف."

رد زيدان، بنبرة عميقة تتشح بالحزن: "يا حمزة، لا تتهم قلبي. لم أحبها فحسب... بل أعشقها. تذكر عندما سألتني عن تسرعي؟ كنت أحلم بها منذ زمن، كأنها النبع الصافي الذي يعكس أشعة الشمس. لم تخطف قلبي فحسب، بل سمعتها تهمس لي: 'أنا لك، وأنت لي.' فلا تطلب مني أن أعتبره تسرعًا."

رد حمزة محذراً: "أنا لا أشك في مشاعرك، ولكنني أحذرك. لقد انضمت لنا منذ شهر أو أكثر، لكن هل نعرفها حقًا؟ هل نعني لها شيئًا كما تعني لها؟"

استدار حمزة نحوه بوجهٍ جاد بعد أن كان مستندًا بظهره مقابل ظهره ، وقال: "تعلم، حدثني مصطفى عن هاتور كثيرًا..."

تساءل زيدان بصوتٍ مهتم: "وماذا قال لك؟"

أجاب حمزة بعمق: "قال إن هذه العلاقة لا يجب أن تستمر. إنه يشك في نواياها، يشعر أن وراءها أسرارًا كبيرة قد نجهلها، أراد أن يخبرك بهذا منذ البداية، لكنني منعته. أردت حمايتك، يا زيدان... رأيت حزنك ووجعك من قبل، عندما فقدت من تحب، وعندما وجدتك قد بدأت في استعادة نفسك، فرحت."

امرأة من عالم الجن _الجزء الأول _نداهة العاقير (مكتملة).♡ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن