الفصل التاسع: أريد المفتاح👉

258 34 5
                                    

عندما اختفت الوحوش وصاروا هباءً، ارتجفت الأرض وكأنها تستعد لاستقبال حدث جلل. كان العالم الأول يتنفس الصعداء للمرة الأولى منذ عصور. فجأة، ظهر باب العالم الثاني، بابٌ عظيم ظهر كأنه قطعة من السماء انشقت. أضواء متداخلة من الأزرق والذهبي كانت تنبثق منه، تصدر أنغامًا كأنها أغاني أرواح قديمة.

وفجأة السكان الأصليون للعالم الأول عادوا.
ظهروا وكأنهم منبعثون من حلم، وجوههم خضراء شاحبة تضيء بهالة رقيقة تتغير بتغير عواطفهم، وكأنها تروي . كانت ملابس الرجال فخمة بألوان داكنة مثل الأزرق الغامق والأسود، مزينة بخطوط ذهبية وحزام خصر جلدي يحمل رموزًا قديمة. على رؤوسهم، قبعات عريضة مزينة بخيوط تشبه الضوء، بينما النساء ارتدين أثوابًا طويلة، تشع كأنها نسجت من خيوط القمر، تتمايل مع كل خطوة وكأنها تعزف نغمة صامتة.
.

من بين الحشد، خرج ليث، محاطًا بالسكان الأصليين الذين بدا أنهم يتبعونه وكأنه قائدهم، أو ربما منقذهم. كان وجهه يحمل مزيجًا من الحيرة والعزيمة، بينما وقف أمامه حمزة الذي هرول نحوه بعينين مليئتين بالدموع.

صرخ حمزة ووجهه يختلط بالرهبة والفرح"الغائب قد جاء!"
عندما وصل إليه، وضع يده خلف رأس ليث وجذب جبهته إلى جبهته، وقال:

"لقد خفت أن أفقدك، خفت أن تُسلب مني كما سُلب منا كل شيء. لست فقط صديقي، بل أخي، وإن كنت قد رحلت بلا إنذار، لكان هذا أسوأ خنجر يغرس في قلبي. أما الآن وقد عدت، فأنا لا أملك إلا أن أشكر القدر."

ابتسم ليث، والدموع تسيل على وجنتيه، وأجاب بصوت متحشرج:
"

إن كنت تراني أخًا، فأنا أراك أبًا وأخًا وكل ما تبقى من عائلتي التي اغتالها الزمن. أنت لم تعوضني فقط عن الأخ، بل كنت كل شيء لي."
احتضن الاثنان بعضهما بحرارة، بينما التف الأصدقاء حولهما بوجوه غمرها الفرح والحيرة.

لكن مصطفى، الذي لم يخفَ عنه الغموض المحيط بالموقف، سأل بصرامة:
"من هؤلاء؟ ومن أي عالم جاؤوا؟ وأين كنت لقد أخفتنا عليك كثيراً؟"

تنهد ليث بعمق، وكأن الكلمات تزن أثقال العالم، ثم قال:
"لا أعلم. كل ما أذكره أنني دخلت منزلًا مظلمًا بحثًا عن مأوى، فوجدت امرأة مسنة مستلقية على وجهها. عندما اقتربت لمساعدتها، عضت يدي. بعدها... لا شيء. استيقظت هنا، وأحاطني هؤلاء الناس. يدّعون أنهم سكان هذا العالم، لكن ما علاقتي بهم؟ وما علاقتهم بما حدث؟ لا أعلم بعد."

عندما انحسر الظلام عن القصر وتلاشت أصداء اللعنة التي خيمت لسنوات، تقدم رجل مهيب بخطوات ثقيلة نحو المجموعة. كانت ملامحه صارمة ولكنها تعكس الوقار، وعباءته الملكية المطرزة بخيوط فضية تتمايل كأنها تستجيب لنبض كيانه. عينيه تحملان امتنانًا عميقًا، وصوته حين تكلم كان كصدى الزمن نفسه:

امرأة من عالم الجن _الجزء الأول _نداهة العاقير (مكتملة).♡ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن