قومي يا إيمان خلينا نلحق البص .. الوكت اتاخر كلو كلو .. سريع اجهزي لبسي الولد ده .. انا من صلاة الصبح قاعد منتظركم .. بس ابيت اصحيك ازعجك ..
قالت ليهو يا الامين .. ازعاج شنو؟ كان تصحيني علي الاقل اصلي في الوكت ..
انا هسي عايزة اصلي قبل اعمل اي حاجة ..صلاتي عندي اهم من سفرك .. وولدك لاهسع نايم ..البارح ساهر بي اصلو ابا ينوم بالهين ..
لكن مامشكلة انا هدومي مستفاهن في الشنطة .. وخلاس ما بناخد وكت .. مسكت طرف الملاية المتغطي بيها ولدها وكشفتها .. عشان تصحيهو ..
الامين . قال ليها براحة يا ايمان .. ماتزعزعي الولد تطيري قلبو ..
الوطه كانت صباح . وكت الامين ود اب كراع .. كان بتكلم مع زوجتو ايمان .. عشان هم مسافرين عطبرة .. الناس ديل اهلهم اصلا من منطقة واقعة بين شندي والدامر .. بالخط الشرقي ..
والامين كان شغال في الخدار .. عندو طربيزة خدار في الحلة .. لكن البلد بقت لافيها بيع لافيها شراء .. والناس كلها هجت خلت البلد ..
المشى الخرطوم والمشى شندي والمشى عطبرة ..
الناس كلها نزحت للمدن .. والاراضي الزراعية في جروف النيل بقت بور .. تراباً يابس .. بعد ماكانت خيراتها تملا المدن ..
بقت المدن تستورد الخدار من الخارج .. والسودان اسمو سلة غذاء العالم .. شوف العجب ..
والسبب هو المضايقة البلاقوها المزارعين .. من المحليات ومحصولاتهم بتروح كسور وبواقي طلبيات وضرايب وزكوات وقبانات وتحصيل ووو..
وكتير بعد المزارع بعد يحصد . قد يكون مطالب .. بدل الربح .. الامين كان شغال زراعة في اربعة عيدان حقات ابوهو .. ونفس الشي .. مالاقى غير الديون والمضايقة .. وناس الدكاكين ساكنو سك في الديون .. وكل مايسدد حتة تتفتح طاقة تانية ..
والحالة دي هو عندو فد ولد ..
قرر انو يسافر عطبرة .. ويسوقو مرتو وولدو الوحيد .. الاسمو الصافي 7سنوات .. يسوقهم ويمرق من الحالة الهو فيها دي ..
الكلام ده كان في بدايات سنة 95 ايام العيد الفات ..
الامين عندو واحد من اولاد الحلة .. ما ببقاليهو لكن بيناتهم خوة سنين .. اسمو عطيه ..الزول ده شغال في عطبرة .. عندو دكان بتاع خردوات في السوق ..
اها عطية ده كان جاء الحلة ايام العيد ولاقى الامين .. قال ليهو يا الامين ياخي تعال لينا في عطبرة .. الشغل فاتح والبلد بي خيرا .. اسمها عطبرة ام دالات .. رباية اليتامى ومركز الخيرات..
تعال لي هناك .. انا ساكن في بيت كبير .. نصو فاضي بفصل ليك جزء
تسكن فيهو لامن تدبر حالك ..
والشغل فاتح محل داير تشتغل في السكة حديد .. في مصنع الاسمنت ..
في السوق .. كان داير تعمل طربيزة خدار ذاتو ممكن .. نحن معارفنا راقدة ..
عطيه اصغر من الامين بي سنتين تلاتة .. وما متزوج لكن خاطب واحده من بنات الحلة .. وكانت بينو وبين الامين مودة من زمان .. وعطية شكلو داير يخدم الامين ويساعدو بي اي طريقة ..
اها الليلة يوم السفر .. وطبعا عطية وصف للامين الحي الساكن فيهو في عطبرة .. وقال ليهو تسأل في الحي الفلاني الشارع الفلاني ..
جمب بقالة اسمها بقالة فلان ..
اها يازول ايمان رتبت ولبست التوب الموخمج .. والكعب العالي .. ودرعت شنطتها في كتفها .. وساقت ولدها الصافي من يدو .. والصافي يسأل .. ابوي صح نحن ماشين عطبرة ؟ ابوي عطبرة فيها بيبسي؟ ابوي قالو فيها باسطة صح؟ .. ابوي انت الباسطة دي بعملوها بشنو ؟ وكل مرة يفك يد امو ويقيف يصلح شبطو .. ويجري يحصلها .. وتاني يسأل ..
والامين شايل الشنطة الكبيرة الفيها الملابس والمستلزمات .. وماشي ماشغال بالاسئلة البوجها الصافي .. ولاخاتي بالو ليها ..
ايمان قالت ليهو يعني يا الامين الولد مابسأل فيك . الامين قال ليها انا ماقادر اتكلم من الشنطة دي .. جاوبيهو انتي اسئلتو الكتيرة دي ..
قالت ليهو ايوة يا الصافي ياولدي .. نحن ماشين عطبرة وفيها بيبسي وباسطة ..
قال ليها اهم حاجة عندهم غنم؟
قالت ليهو والله عاد ياولدي دي ما اظنها ..
قال ليها اها يا امي عطبرة دي حقة منو؟
قالت ليهو عطبرة حقة الله.. قال ليها خلاس.. وسكت .. وبقى ماشي والمشوار من البيت لي شارع البصات جبدة شوية ..
الامين بالو مشغول بالمستقبل المجهول في المدينة الماشي عليها ..
وماعارف حتي المصير ح يكون شنو؟
هومعاهو قروش كويسة .. بلم فيها من العيد الفات قبل تلاتة شــهور .. من يوم اللاقا فيهو عطيه .
عشان يجهز بيها بيت السكن في عطبرة ..
اها وهم ماشين على الشارع البجي فيهو البص البمشي عطبرة ..
ايمان قالت ليهو يا الامين؟ قال ليها نعم يا ايمان ..
قالت ليهو بس اهم حاجة دايرة اوصيك بيها .. مسكنتك دي ماتسويها في عطبرة ..عطبرة دي مدينة .. وكلها حرامية واجرام يعني مازي الحلة .. هناك قالو في الغش والسرقة .. وفي حاجات كتيرة ..
نط الصافي قال ليها بصح يا امي ؟ .. يعني هسع انا بسرقوني ؟
قالت ليهو لالا .. مابسرقو الناس يالصافي .. بسرقو القروش ..
الامين قال ليها .. اها يا ايمان هسع في داعي للكلام ده ؟؟؟
انتي مابتصبري وتديني وصاياك دي لامن نصل وكت نكون برانا .. هسع خوفتي الولد .. وجبتي ليهو هلوسة .. وبقى ينقنق براهو .. بي كلام هي ماسامعاهو .. غايتو الولادة هينة .. لكن قاسية التربية .. نسوان ماعندهن اي فهم لنفسيات الاطفال .. الواحدة بس الكلام اليجيها في راسها طوالي تقولو .. بدون ماتراعي لي نفسيات الشافع ..
الصافي قال ليهو لالا يابا والله انا اصلو مابخاف .. والله كان جا زول يسرقني بعضيهو .. طوالي بفكني ..
اها يازول وصلو الشارع والبص جا .. والناس دي راكبة من المنطق البعيدة والقريبة .. وطبعا البص بيغشى حلة حلة .. يلقط الناس . وحدو الدامر .. ومن الدامر الناس الماشين عطبرة بركبو مواصلات (عطبرة الدامر) ..
طبعا ناس البص ديل كلهم بقو مجحمين في ايمان .. نسوان على رجال ..
الزولة سمحة وطويلة كدا ولابسة التوب البرتقالي حشمة حشمة ورابطة راسها .. بس خارباها بالكعب العالي الاحمر ده .. هي اساسا طويلة .. ولمن لبستو بقت اطول من الامين .. وملامح وشها مدهشة .. مترعة بالجمال .. السماحة الطبيعية .. لاتزوير ولاجلبطة كريمات ..
المهم .. الامين ما ختا بالو في نظرات الناس .. اصلا هو زول مسكين وطيبان لامن بيغادي .. وفي حاجات كتيرة مابفكر ليها ولابخت ليها بالو .. وهي ذاتها المسكينة ما جايبة خبر .. همها في ولدها .. تعال يا الصافي بي جاي .. اقعد كويس .. ماتملص شبطك.
كان بطنك طمت كلمني .. عشان اديك الكيس ده تطرش فيهو ..
والبص ده يدهج .. مرا بحبل ام على والمطمر والضيقة وسقادي وتبورة . وقباتي والعالياب . والزيداب والمكابراب ودخل الحصاية لامن قال سلام يا الدامر .. وبالسلامة البص وصل الدامر .. والناس بقت تنزل في حاجاتها .. اليوم كان يوم احد .. في ناس جايبين حاجات يبيعوها في سوق الدامر .. حبال . وجداد .. وبروش .. ومكانس وهبابات وهلم جرا .. وفي ناس جايين لاغراض يشيلوها .. وغايتو الاهداف تختلف .. المهم . الناس تكابس والرزق من الله مقسوم ..
الامين نزل الشنطة .. وايمان اتناولت الصافي من اباطاتو نزلتو
واتساوقو .. ماشين على مطعم يفطرو حتى يمشو على مواصلات عطبرة ..
والصافي يتلفت يمين وشمال .. اول مرة في حياتو يشوف ليهو مدينة ..
مع انو الدامر .. شايلة من اللمحة نص .. لاهي مدينة ولاهي قرية ..
زي ماقال المجذوب .. لا انت بادية تبدو بداوتها ولا انت بندر ..
الصافي يتلفت وامو قابضاهو من ايدو .. المرة دي قابضاهو قبضة فيها فايدة قدر ماناتل ابت تفكو ..
قال ليها يمة نحن هسع ماشين وين ؟
قالت ليهو ماشين نفطر .. نفطر .. ماجوعت؟
قال ليها بي باسطة؟ قالت ليهو ياولد باسطة شنو؟ البي الصباح؟ ..
الباسطة بنجيبها ليك بعدين بالليل ..
قال ليهو يابا يابا .. عليك الله تشتري لي بيبسي . قال ليهو كويس هسي مع الفطور نشتري لك ..
المهم غشو اقرب مطعم .. وفطرو وشربو البارد .. وجابو للصافي البيبسي الدايرو ..
ومشو على المواصلات ..
البتوديهم على عطبرة .. عطبرة قريبة من الدامر جدا .. فقط يفصل بينن نهر عطبرة .. وفي الوكت داك كان في كوبري حديد متهالك من زمن الانجليز .. وضيق ودمو فاير ..
وقبل ماتدخل على الكوبري وانت طالع من الدامر .. بلاقيك مصنع الاسمنت .. والجرادل المعلقة على الاسلاك البتجيب الحجر الجيري من الغرب ..
والصافي يتلفت ويتاوق ويسأل .. وبي طول حسو في المواصلات ..
يابا عان ديك .. يمة عان داك .. يابا ده شنو؟ يمة ده شنو؟؟ .
والناس راكبين ساكتين سااااي .. وكل مرة الصافي امو تقرصو في يدو .. اسكت ياولد .. اتكلم براحة . وهو يمسك ايدو اححح .. وينفخ فيها ..
ويتوسوس .. يمة الحاجات المعلقات ديل شنو؟؟ واحدات ماشات واحدات جايات .. دي ياهو المنتزهة ؟؟
قالت ليهو لالا .. دي حقة المصنع بتاع الاسمنت..
ودنقرت علي تكلمو في اضانو كدا .. قالت ليهو وكت يكونو في ناس كبار قاعدين .. ماترفع صوتك بالكلام كدا عيب .. خليك مؤدب واتكلم براحة .. ماتنسى الناس القاعدين معاك ..
قال ليها كويس يا امي اسف .. قالت ليهو مافي مشكلة حبيبي .. انت اسأل بس براحة .. وانا بقول ليك براحة بدون الناس يسمعو ..
طبعا كل الركاب في المواصلات عرفو انو الناس ديل جايين من كدي .. والولد ده اول مرة يشوف البلد دي ..
والامين راكب بالجنبة البيغادي .. وكل مرة يصلح طاقيتو .. وماشغال باي حاجة .. ونظرو برة العربية . الولد يتكلم ولا يسكت ابوهو ما قاعد ينهرو نهائي ..
اها يازول اول ماوصلو عطبرة .. الولد زاد اندهاشو .. لانو عطبرة طبعا عامرة شديد .. ومزدحمة بالسيارات والعجلات ..
والصافي بس يعاين ويتلفت .. ماخلا حتة ماتلفزا .. يابا انت العجلات ديل الكتار ديل بجيبوهن من وين؟؟ ..
وابوهو مطنش طناش عجيب .. وطالع منها كلو كلو ..
طبعا عطبرة امكن من اكبر المدن في افريقيا من ناحية كثرة الدرجات الهوائية (العجلات) ..
مدينة عريقة .. فيها الفة وامان مبالغ فيهو ..واغلبية الناس بتتعارف .. بخلاف باقي المدن الفي الدنيا .. وفيها اسر مشهورة
وفيها نسيج اجتماعي قوي جدا ..
عطية ساكن في حي اسمو الامتداد الشمالي .. وفعلا الحي ده بيقع في الطرف الشمالي لمدينة عطبرة ..
طوالي الامين ساق مراتو وولدو ومشو على مواصلات الشمالي .. ونزلو في المحطة المعنية .. بالشارع المعني .. وسأل من البقالة ..
في شباب كدا قالو ليهو وصلت القدامك في الناصية دي البقالة ..
مابعيدة من خط المواصلات .. ومشى طوالي نقر الباب التالت من البقالة ..
الامين بدق في الباب .. وايمان واقفة وراهو طوالي .. والصافي قعد فوق الشنطة الكبيرة من فوق منتظرين وبتهوزز ككدا يعني زي السايق عربية ..
الى اللقاء ..
أنت تقرأ
الصافي... طارق اللبيب
Poesiaالاحبة الكرام .. ان شاء الله .. نبدأ معا" رحلة جديدة عبر الخيال .. في مداين الجمال . ونسترخي في حديقة جديدة من حدائق ثمار الارواح .. مع رواية جديدة ان شاء الله كم انا متشوق الى تلكم الجلسات معكم .. في رحاب قلوبكم الطاهرة .. ولكم تحياتي .. #طارق...