(2) طرف الخيط

5.1K 187 40
                                    

إنتهت لين من عملها اليومي وذهبت لتتصفح مواقع الانترنت التي تشغل حيزاً من حياتها ورأت ما كتبه عبدالرحمن قاسم

رئيس إتحاد الطلاب بكلية التربية في الفرقة الثالثة بشعبة اللغة الانجليزية وسينتقل قريباً للفرقة الرابعة والأخيرة ،وبالمناسبة هو صديق معاذ منذ الطفولة ودائماً ما يتبادلان الحديث والزيارات .

كانت لين تعرف عبدالرحمن جيداً من خلال الاجتماعات المتتالية للاتحاد فهي كانت إحدى مساعدينه وهو أحد أبناء قريتها ،وايضًا إعتادت علي متابعة منشوراته في مجموعات الاتحاد علي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ،ولكن اختلفت منشوراته كثيراً هذا العام وقبل بدأ الدراسة ،ظنت لين أنه يسترق الطلاب ليمنحوه أصواتهم مجدداً في العام المقبل ليكون رئيساً للإتحاد فهي تعرف حقيقته التي تختبئ خلف هذا القناع لكنها أسكتت كل الظنون لأنها لا تريد أن تظن السوء بأحدٍ قط،وقد يكون مختلف تماماً عن والده لما رأته منه من شهامة .

أخذت منشوراته وجهة دينية ولكن الدين العصري الذي يحلل ما هو حرام ويحرم ما هو حلال أو يُحلل كل شيء حسب التيار المنتشر أو الوجهة السائدة وقد لقب نفسه بـ(الداعية) ظنته سيبتعد عن الاتحاد ويزهد عن الدنيا بأكملها ليشق طريقه مع الله بعيداً عن الدنيا ومناصبها الزائلة لكنه أخذ يُحرف ويُغير حسب ما يروق له وبالاضافة لذلك أعلن أنه سيرشح نفسه في العام المقبل ،فأكد للين ظنونها .

___________
وحينها تلقت إتصالاً هاتفياً من صديقتها ريم أخبرتها أنهن سيذهبن في اليوم التالي إلي السكن وستقلهن سيارة خاصة لتحمل كل متطلباتهن وأمتعتهن ألحت علي لين أن تذهب لكنها رفضت وبقوة ولم تفصح لها عن سبب الرفض .

كُن ست طالبات من مناطق متفرقة ولكن سيجمعهن سكن واحد وسيعشن تحت سقف واحد.

_________________

دخلت إلي غرفتها وأخرجت هاتفها من جيب سروالها وظلت تتصفح موقع فيسبوك حتي تنسى ما حدث ورفضها غير المبرر للذهاب معهن فوجدت رسالة من فتاة تسمي همسة بالانجليزية وقالت " أنها صديقة سارة التي ستسكن معها في الغرفة وهي زميلتها في نفس الشعبة وأنها أحبتها كثيراً من حديث سارة عنها " ،فقلبت طلب الصداقة وظلتا تتحدثان طويلاً وكأنها وجدت من تفهمها دون شرح كانت همسة بارعة في التصنع والتمثيل تبدو غامضة من الوهلة الأولى لرؤيتها ولكن كيف لها أن تراها من خلف شاشة الهاتف .

حكت لها همسة عن نفسها وعن مدى حب من يراها لها وعن طيبتها ومحافظتها علي أداء فروضها في أوقاتها وإلتزامها بالزي المحتشم الفضفاض .

أحبتها لين دون تراها فهي تشبهها كثيراً من خلال الكلام،فمن الممكن أن تعوضها من أصدقائها وتكون صحبة خير .

اتفقتا سوياً علي برنامج ساعات اليوم في السكن وكيفية قضائها وتبادلا أرقام الهواتف ،وألحت عليها همسة كثيراً أن تذهب معهم في السيارة إلي السكن لكنها تحججت بأن موعد السفر سيكون قبل الدراسة بفترة طويلة وهي لا تريد أن تفارق والدتها آلان.

انتفضت لين من مكانها عندما وجدت هذه الجملة وكأنها تجسدها تماماً
"جوا روحها حرب قايمة ،بس من برا سلام "

كانت كلما مرت برأسها خاطرة أو شعرت بشيء وجدت كل ما يجسده في هذا العالم الافتراضي الذي أصبح جزء ملامس لروحها .

قامت لتبحث عن أدوات التدوين ووضعت هاتفها بالخارج أمام التلفاز ، أخذت أدواتها ودخلت مجدداً إلي غرفتها وبدأت تحكي مع عالمها *المجهول* الذي تعيشه ،بل يعيشها هو .

كتبت

لأول مرة في حياتي أكذب أو أدعي الكذب ،لن أذهب معهم إلا لأنني لا أجد ما أذهب به فقد إنتهى راتب والدتي قبل نصف الشهر وهو عبارة عن معاش حكومي تحصل عليه شهرياً منذ وفاة أبي الذي لم أنطق اسمه كثيراً حتى في حياة عينه ،وتركنا أنا وأخي وأختي ،تزوجت أختي لكنها علي إتصال دائم بنا وتأتي أسبوعياً لزيارتنا ،أما أخي فقد تزوج وآثر زوجته علي أمه وأهانها مراراً وتكراراً من أجل (السنيورة) ،فهو مثال للابن العاق فعلا..
#توقيعي
سمعت نداءات والدتها المتكررة والسريعة فذهبت إليها فوجدت رقم مجهول يتصل بها ....

____________________

عبدالرحمن إعتاد دوماً أن يتابع الطلاب في المجموعات ،يقرأ طلباتهم ويجيب علي الجميع ،لكنه في الفترة الأخيرة أهمل كل ذلك ،جمع كتب كثيرة لدعاة العصر ،أو من يتخذون الدين مدخلاً لجذب الشباب ،ولم نجد منهم سوى كلاماً منافي لأفعالهم ،وجد سلاسة في طريقتهم وكيف أنهم سهلوا الدين وتمادوا في تساهلهم ،إقتنع كثيراً بفكرهم وبدأ يتقبله ويحفظ كتبهم عن ظهر قلب ،وكانت منشوراته في الفترة الاخيرة تدل علي ذلك ،وكانت تنتهي" بهاشتاج " الداعية ،إلي أن أسماه الجميع الداعية أي دعوة هذه التي قد أصبح سفيراً لها !.
________________________

تلقى عبدالرحمن إتصالا من معاذ طلب منه أن يخرج معه فهو منذ فترة طويلة لم يخرج من المنزل .
خرجا سوياً فأزاح عبدالرحمن الستار وأطلق العنان للحديث

ما رأيك بالتجديد الذي حدث ؟؟

معاذ: اتمني من الله أن يكون نحو الأفضل .

عبدالرحمن :- أري الشرود كثيراً في عينيك .

معاذ:- الدراسة تفعل أفاعيلها معي وأردت أن أخرج لأبدل هذا الجو الكئيب .

عبدالرحمن :- وهل تبدل الجو عما كان ؟

معاذ:- قليلا ،لكنني أريدك أن تفعل شئ لن تندم علي فعله ،فقط تعمق في كتب السيرة النبوية وخذ الدين من مصادره حتي تقنع طلابك أكثر .

عبدالرحمن:- ولكن هذه الكتب سلسلة وتجذبني إليها ،حتي حديث أصحابها في برامجهم يسحر العقل ويأخذه إلي عالمٍ آخر .

معاذ:- مع كامل إحترامي لهم لكني أراهم يتساهلون في الدين وانا لا أحبذ ذلك ،كن أنت المدافع عن الدين ،المواجه لكل من يُحرفه أظنك لا تحتاج نصيحتي فلديك ما يكفي من الوعي لفهم ما قلته وفي النهاية أنت وشأنك يا صديقي ، هيا لنعود ...

__________________
في اليوم التالي إجتمعن الفتيات أمام منزل سارة منتظرين السيارة التي ستحمل أشيائهن إلي السكن مع هذه العجوز الشمطاء ، كثيرة الأوامر سيئة الألفاظ
___

انتوا بتتفاعلوا مع كل القصص إلا قصصي بجد والله بازعل

سكن الطالبات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن