(9) دفء العائلة

2.6K 118 7
                                    

يوم الجمعة

عادت لين إلي منزلها مع علا التي كانت تسكن علي مقربة من منزلها وقد شاركهم في هذا الطريق عبدالرحمن الذي كان يجلس بجوار السائق وكل دقيقة يختلس النظر إليها في المرآة حتي لاحظ الجميع ،لم تتحدث بعد ،كان في الحقيقة يراقبها ليعرف تحركاتها اليومية ويعرف مكان منزلها بالتحديد ،علمت لين ذلك بفطنتها ،فهمست لعلا أن توقف سائق الاتوبيس ليهبطا سوياً علي قارعة إحدى الطرق ويركبا مواصلة إضافية بديلة وبالفعل قالت علا

- توقف إذا سمحت فها قد وصلنا ،هيا لين

نزلت الفتيات ولم تفارقهما القهقهات المتواصلة لأنهن قد هربن من نظراته السامة ،وركبتا المواصلة البديلة .

قد يُصاب بعضنا بمرضٍ يسمى حب التملك ،يغزو الأرواح فيصيبها ويجعلها ترى كل الأشياء الأقل من المعتادة أشياءاً خارقة ،حتى لو أطفأت الحياة ضوئها وأصبحت في مراحل شحوبها الأخيرة..
_________________________
وصلت علا لمنزلها أولا ،ثم تبعتها لين التي استقبلها الجميع إستقبالاً حافل فقد أحضرت والدتها الطواجن والوجبات والحلوى التي لا حصر لها ،وكانت أختها تُعد لشيء ما فلم تراها حتى آلان .

دخلت إلي غرفتها لتبحث عن أختها فوجدت الزينات معلقة وتساقطت عليها القطع الورقية الملونة ووجدت الغرفة مليئة بالهدايا التي تحبها ولطالما تمنتها ،تحدثت هدى لتنهي هذه الصدمة
" كل عام وأنتي بخير أعلم أن عيد ميلادك أقترب سيكون الاسبوع المقبل ولن تكوني معنا لذا قررت أن أفاجئك "

بكت لين من فرحتها وانكسارها ،بكت لأن الحياة لا تستمر معها علي نفس النمط ،قررت أن ترحل إلي السكن لتلحق مستقبلها فتأثرت سمعتها ،عادت لتنال جرعة من دفء العائلة.

لم تخبر أختها بشيء فهي تحب أن تُنهي مشاكلها بنفسها دون تدخل من أحد ،بعد قليل قُرع جرس منزلهم مقاطعاً لأحاديثهم وأسئلتهم المتواصلة ،جاوبت لين علي الفور

" من بالباب "

-نحن مندوبي المحل السوري للحلوى الجاهزة

فتحت الباب وكانت المفاجأة حلوى كبيرة تحمل صورتها وقد غنى لها الشباب أغنية ذات كلمات لم تسمعها من قبل كأنها كتبت لها .
كانت سهرة رائعة في هذا اليوم بعد أن إبتعدت عن هذا المكان الكئيب .
______
-في السكن

رحلت الفتيات جميعاً لزيارة الأهل ،ولم يتبقَ سوى همسة التي جُن جنونها بسبب حب عبدالرحمن للين دخلت غرفة لين لتبحث عن أي شيء تستطيع إذلالها به ،فدائماً ما تكون الغيرة هي مصدر كل المشكلات ،ومحاولة تقليد الغير تكون مرهقة وسببها يرجع غالباً إلي إنعدام الثقة بالنفس ،وكانت همسة خير مثال لذلك .

انتهت من تفتيش الأوراق ولم تجد ما تبحث عنه ،ذهبت لخزانة الملابس ،جمعت منها بعض الملابس التي ترتديها لين ولكن ليس بشكل متواصل وحملتهم إلي غرفتها وكأن شيئاً لم يكن .

____________________

في اليوم التالي

أحضرت لين الطعام مع أختها ووالدتها وعبأت لها الوالدة أشكال وألوان من الاطعمة لتأكل وتطعم صديقاتها ،فهن مثلها مغتربات في بلد بعيد لا اهل لهن ولا رفاق .

لم تكف حقائب لين لحمل ملابسها وأخبرت والدتها أن لديها ما يكفي من الملابس في السكن ،وذهبت إلي محطة القطار ومعها أختها ودعتها قبل أن ينطلق القطار بثوانٍ قليلة وعادت إلي المنزل .
________
كانت حقائبها ثقيلة للغاية اتصلت بسهر لتنجدها فهي صاحبة الأفضال في مثل تلك المواقف وبالفعل إستجابت وحملت معها الحقائب ،وها قد عادت مرة أخري إلي تلك الحياة المملة الرتيبة التي لا يحليها سوى العجوز وسهر ،أمسكت بقلمها وكتبت عن رحلتها وما حدث من أختها أغلقت أوراقها ،وقد شحب وجهها من تعب هذا اليوم وشعرت بصداع غريب فسقطت في نوم عميق ولم تستيقظ إلا علي موعد قيام الليل ،فقد يكون لدى الفرد منبه ذاتي يجعله يفيق يومياً بسبب إعتياده الاستيقاظ في هذا التوقيت .

في الصباح

حملت همسة حقائبها وأخبرتهن أنها ستذهب لزيارة أمها المريضة فدعوا لها وذهبت

كانت محاضرات لين متأخرة في هذا اليوم فجلست للاستذكار قبل اليوم الدراسي ،سمعت رنين هاتفها وأجابت
- السلام عليكم دعاء

دعاء - لقد سرق اللصوص حقيبة يدي واخذوا ما بها وكان هاتفي في يدي وليس معي أي دليل لإثبات شخصيتي ولا أوراق دخول الجامعة ماذا عساي أن أفعل أرجوكي ساعديني .

-أين أنتِ آلان

- علي ناصية شارع قريب من سكنك .

- حسناً نصف ساعة وسأكون عندك .

دخلت من صالة المذاكرة إلي الغرفة لترتدي ملابسها بحثت عن فستانها الزهري فلم تجده ،ظلت تبحث عن باقي ملابسها فلم تجدها ،وكلما وجدت شيء لم تجد ما يُكمله ظلت هكذا قرابة الساعة ،وهاتفها لم يتوقف عن الرنين .

ردت علي الهاتف ولم تجد شيئا ترد به سوى شهقة منذرة ببكاء

دعاء -لين هل أنتِ بخير ،أين أنتِ يا فتاة طال إنتظارك

لين- فتحت خزانة ملابسي ولم أجد أي ملابس أخرج بها، وملابسي التي أتيت بها من المنزل متسخة جداً .

دعاء- انا قادمة انتظري سأتصرف أنا ،قلت لكِ سابقاً لا تثقي بأحد كوني حذرة

ألقت اللوم علي نفسها لأنها من تركت باب غرفتها مفتوح ولم تغلقه بعد خروجها ،لأنها من وضعت ثقتها بفتيات لم تعاشرهن من قبل ،بل هم أصدقائها التي لطالما تباهت بهن أمام أبناء أعمامها وعماتها ،إنه أمرٍ مخزٍ إذا قصته على أحد لذا ستحتفظ به في ذاكرتها .

قُرع جرس باب السكن علمت علي الفور أن دعاء قد وصلت للتو .

دعاء-قلت لكِ سأتصرف ،كفي عن البكاء قد تورمت عيناكِ صديقتي قامت بشراء هذا الفستان اليوم وذهبت لحضور محاضراتها وتركته عند أحد المحلات إتصلت بها وسمحت لي بأخذه وسأدفع لها ثمنه .

لين- انتِ أفضل من عرفت علي الإطلاق .

دعاء- هل ستصومي معي غداً فهو يوم الاثنين سنة عن الرسول

لين -بالفعل
_________________________________
أضحي سعيد عليكم جميعا ،وكل عام وانتم إلي الله أقرب

أحبكم في الله❤💖💖

سكن الطالبات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن