(25) ستصبحين ذات شأنٍ

2.1K 93 14
                                    

كان والد عبدالرحمن بالخارج ينتظر هذه اللحظة ،لم يفعل شيء سوى إلقاء نظرات نارية أحرقت كيان لين دون علم أستاذها ،وصلت إلى منزلها وإكتفت بالبكاء في غرفتها فهي تكره أن يراها أحد في مرحلة ضعفها وتلك هي أضعف المراحل على الإطلاق فهي على عتبات فقدان شخص عزيز أخذ مكان والدها كان لها السند والأخ بعد أن إتجه أخيها في اتجاه المال وتركها وترك كل شيء يذكرها بها ،وفي مساء اليوم التالي إتصل الاستاذ أحمد علي هاتف المنزل ليخبرها بموعد ومكان التجمع حيث سيكون قبل منتصف الليل وسيقوم بتوصيلها هو بنفسه كعادة كل مرة ،وافقت والدتها علي الفور فعمل الخير متأصلاً في تلك العائلة البسيطة وقد مروا بظروف صعبة كثيرة جعلتها توجه ابنتها في هذا الاتجاه .
____________
حان موعد التجمع حضر البعض والكثير الكثير لم يحضر ،تم التوزيع علي خير وبعد أن انتهوا ودونوا بعض الاسماء الاضافية ممن هم في حاجة إلي المساعدة انطلقوا ليعود بلين إلي منزلها فكانت والدتها في انتظارهم علي أول الطريق ،فجأة ظهرت سيارة مسرعة وقام معلمها بإزاحتها بعيد في تلك اللحظة سقط هو وانهار جسده وغطته الدماء ،أصبحت التهديدات حقيقة ملموسة لديها تلمست الطريق وخطت خطوات مثقلة حتي وصلت إلي رأسه تحسست نبضه ،نعم مازال النبض ،مازال حياً ،لم يحدث شيء كدمة بسيطة وسيمضي كما كان ،حدثها عقلها بذلك ،لكن ما خفي كان أعظم ،إقتربت منه فكانت يتهدج كأنه إمام مسجد تارة يذكر الله وأخري يلقي الشهادة، فتحدثت
- مازلت بخير يا ابي !! نعم أنت بخير لا تقل غير ذلك !

- أرجوكي لا تقصِ ما حدث علي أي كائن إلا ولدي عندما يكون جدير بسماع كل ما رأيناه سوياً يا ابنتي ،التزمي بما علمتك به، اقتربي من الله أكثر ،ستصبحين ذات شأن ،ستصبحين ذات شأنٍ لا أعلم هل في الدنيا أيضاً أم لا ،لكن شأنك عند الله عظيم .

- إهدأ يا ابي سأخذك علي ناصية الطريق هيا تحرك معي ولا تُجهد نفسك بالحديث .

- حدثي أبنائي عني أعلم أنني سأترك فراغ وعتمة في حياتهم ،كل شيء دونته في أوراقي هناك في خزانتي لأكون حياً في وسطهم .

قال هذا الكلام متقطعاً لكنها إستطاعت تجميعه ليصبح بهذا الشكل ،كانت الحياة قد فارقته بعد أن لقنته الشهادة وهي شبه مغيبة نعم قد ذهب تفكيرها بعيدا ،فلا تعلم ماذا ستخبر ابنه وهل هو جدير بتحمل مسئولية مثل هذه وهي جلب الحق من أهل الباطل ،فالباطل دائماً ما ترجح كفته وخاصة إذا كانت المسألة كهذه .

جلست في مكانها تلملم الجراح التي حلّت بقلبها قبل جسدها تذوقت آلام لم يستطع أحد تحملها ،فقدان الأب منذ الصغر ،إنشغال الاهل عنهة كل شخص في وادٍ لا أحد يلق بالا إليها .

________
بحثت عنها والدتها في أرجاء القرية اتصلت علي هاتفها فقد تركته بالمنزل ،ثم اتصلت علي هاتف الاستاذ أحمد والذي كان خارج التغطية ،خرجت لتبحث عنها ومعها بعض نساء القرية وصلت إلي المكان الذي إذا ما مرت به لين به ذلك إلا وصرخت او وقعت مغشيا عليها من شدة آلامها ،رأت منظر الدماء وشكل ابنتها التي غرقت بها فصعقت كمن صعق بالكهرباء ،قلبت ابنتها التي فقدت وعيها بسبب ما حّل بها ،اتصلن بسيارة الاسعاف والتي تأخرت لوقت طويل ،وفشلت كل محاولات إيقاظ لين ،فظنتها في غيبوبة أو أنه حدث مكروهاً برأسها جعلها تصل إلي تلك المرحلة ،بعد طول انتظار وصلت سيارة الاسعاف ونقلتهم إلي المستشفي وكان تقرير الطبيب مفاجئ للجميع (سكتة دماغية)  فهم رأوا بعينهم الدماء ورأوا كيف غرقت بها الطرقات ورأوا بعينهم الجروح التي حلت بجسد المعلم ولكن حديثهم العادي مُنع ليحافظوا علي حياة الفتاة ولتستمر تحت الأجهزة بسبب تعرضها لصدمة عصبية .

سكن الطالبات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن