وصلتا أخيراً إلي المنزل وكان الوقت متأخراً للغاية ،لم تسنح لهن الفرصة للنوم ،لأنها ليلة غريبة بكل المعايير فعندما وصلن وجدن أخيهن قد عاد وأرتمي تحت أقدام أمه ،يبدو أنه لم يصل منذ مدة طويلة ،لأن باب المنزل كان مفتوحاً .كانت شهقاته تعلُ علي كل الأصوات وأمه لم يكف لسانها عن قول تلك الكلمة
" لن أسامحك إلي يوم الدين "
- صدقيني يا أمي لم أذق طعم السعادة والبهجة منذ ذلك اليوم .
- لن أسامحك .
- هل يمكنني فعل أي شيء حتي تسامحيني سأحضر كل أعمامي وأخوالي لك يا امي .
ظل ساهراً طوال الليل علي هذه الوضعية تحت أقدام أمه ولم يكف لسانه عن قول سامحيني ولم يسمع سوي لن أسامحك ،كانت أعينهم لا تكف عن الدموع بسبب تلك الحال التي وصلوا جميعاً إليها .. كان صوت آذان الفجر هو الفاصل ،قاموا جميعاً لأداء الصلاة ،وأخبرهم أخيهم أنه سيذهب لإحضار أعمامه وأخواله حتي تسامحه أمه .
_____
إتخذت لين قرارها بإنهاء هذه الخطبة واقتنعت هدي وكذلك والدتها بعد أن قصت عليها هدي كل ما حدث ،لم تكن تريد ذلك ولكن لا يوجد مبرر واحد لديها ،لأن الأمهات إذا اقتنعن بأحدهم لن يجدن مبرراً واحداً لرفضه
_________بالفعل قام بإحضارهم في الصباح ،ألحوا عليها كثيرا ولكنها أصرت علي ذلك ،لم يعتادوا منها كل هذه القسوة ،فهي امرأة لينة لا تنطق إلا بالخير ،عانت الكثير من الصعوبات حتي يكون ابنائها الأفضل علي الاطلاق .
لم تعطهم سببا واضحا جعلها بهذه القسوة ،رحلوا وظل هو ثم قالت والدته .
- حذاء زوجتك الذي ضربتني به أمام والدها خذه معك القبر علّه يشفع لك ،وخذ أيضاً تلويثها لسمعتنا معك وأذهب من هنا فلن اسامحك وسأموت غاضبة عليك ،لم يعد بقلبي متسع لأشفق عليك ،انظر إلي أختك الصغري كيف أصبحت ،أنا من فعلت بها ذلك .
- لين مقاطعة سامحيه يا أمي أرجوكِ .
- وايضا قالت هدي كذلك .
كان الإلحاح هو سيد الموقف هو كل ما يظهر في الأفق ،،حتي قالت الأم أخيرا
- عندي شرط واحد
- رد بفرح أمرك يا أمي
- طلق تلك الملعونة .
- طلقتها يا أمي وسأصير هنا تحت أقدامك فهو مكاني وجنتي ،لم أكن أعلم كل ذلك ،كأنها ساحرة ،هي من دمرتني ،لم اجد راحة بجوارها وابيها ذلك الرجل المجنون الذي يجمع الدنيا فوق كفيه ويري أنه سيحكم العالم ذات يوم .
انتهي هذا اليوم بسلام وعادت البهجة مجدداً لأسرتهم الصغيرة وكأن شيئاً لم يكن ،وفي اليوم التالي حضر عمرو وكأنه لم يفعل فعلته في الأيام السابقة ،لم تنطق إحداهن بكلمة واحدة وفجأة خرج أخيهن كالبركان الثائر وقال
- ما الذي جاء بك إلي هنا أيها الخائن !!- أي خيانة هذه !! لن أخونك علي الاطلاق ؟؟
- ولماذا كنت تحدث زوجتي في الليلة الماضية ،سمعت كل الاتفاقات بنفسي .. ماالذي فعلته هذه المسكينة لكل ذلك .
- أنا لا أعرف شيء سوي إنها طلبت مني العمل في وظيفة مرموقة لشركة تحت التشييد وممول هذه الشركة أجنبي ،ورأيت كل الاوراق بنفسي .
- أحمق ،لا تستحق شهادتك الجامعية .
تحدثت لين بعد أن أدركت فتح كل ملفات الماضي ،أن السر الذي حملته منذ سنوات سيجعلها تخسر الكثيرين ،تجرأت وقالت بعض الكلمات التي لا تعبر عن جزء مما بداخلها
" لست مستعدة لأخسر أخي مرة أخري بعد أن عاد مجدداً وحُرمت منه كل هذه الفترة بسبب زوجته هذه ،لم أكن انا من يفرق بين المرء وزوجه ،أما عنك أنت يا أيها العمرو فأذهب إلي حيث جئت ،لم أكن أنا الصفقة الرابحة ولم تكن أنت ما أحقق به ذاتي ،أجمع أموالك واشتري لك زوجة ،ولا تقترب من منزلنا مرة أخري لأنك ستري ما لم تراه في حياتك ،خذ أشيائك واذهب .
استمرت علي ذلك ،فقالت الكثير والكثير كأنها تشفي ما بداخلها .
تركت لين السكن لمدة أسبوع ولم تذهب إلي الجامعة واستغلت هذه الفترة في استعادة نفسها القديمة التي تضعها الحياة في مواقف صعبة لا يتحملها أحد ،وتعبرها بنجاح ،وكذلك لاستذكار ما تم نسيانه في الفترة السابقة .
____________
اتصلت همسة بعبدالرحمن لتخبره أن غرفة لين ليست مغلقة كالعادة وبإمكانها سرقة أوراقها ،فطلب منها أن تحضرهم في أسرع وقت وبالفعل قامت بفتح الغرفة وظلت تبحث وتبحث حتي وجدتهم أخيرا فاتصلت به مجدداً .
- عبدالرحمن عندي لك خبر غير سار
- لا تصدميني ،لم تجدي الاوراق .
- لا لم أجدهم .
- عندي لكِ مفاجأة إن وجدتيهم
سأبحث بعد قليل لأني مرهقة آلان ،فها قد نجحت خطتها فهي تسعي للوصول إلي عبدالرحمن ولو عن طريق أيذاء الغير .
لملمت الأوراق ورتبتهم بشكل جيد كان الوقت قد تأخر و في الغد لديها عمل كثير ،فمحاضرة الداعية ستكون غدا وستحضرها آلاف الفتيات الذي ينتظرت ذاك الفارس الذي يحكي لهم كلمات لا علاقة لها بالدين أو بأي شيء غيره ،عبارات تتعلق باللاشيء ،اللاشيء الممتع اللذيذ .
______
كانت امتحانات معاذ قد اقتربت لذا ظل عاكفاً علي كتبه ليلاً نهاراً .
ولكن في أثناء تركيزه الشديد تذكر تلك الرؤي التي تراوده بشكل يومي من أبيه وتلك الفتاة التي لا يعرفها فدائما ما تطلب منه النجدة ويسرع أبيه لنجدتها وينتهي الحلم دون أن يصل إليها ،ثم تأتي صورة لين في ذهنه وتزول سريعاً ،نعم فهو أحبها ولم يري سواها .
حتي أنه ظن تلك الفتاة هي مريم أخته التي لا يمر يوم دون أن يحدثها حتي لا تشعر بقسوة الدنيا بعد فقدانها لأبيه ،ولا ينتهي من توصية والدته عليها .
وكتب أخيراً عن تلك التي ملكت قلبه وكذلك عقله تلك الصورة التي لم تفارق عينيه
" انتِ جميلة كمقطوعة موسيقية عُزفت في شوارع باريس ،تحديداً في وقت الغيث،سعيدةٌ للسامع ،حزينةٌ للعازف "
أنت تقرأ
سكن الطالبات
Romanceأنتِ جميلة كمقطوعة موسيقية عُزفت في شوارع باريس ،تحديداً في وقت الغيث ❤ أسرار وخبايا مجهولة #مكتملة