(24) المنتصف المميت

2.1K 87 7
                                    

وإذا بالرجل يصفعها على وجهها صفعة مميتة بيديه الغليظتين جعلتها تفقد وعيها .
إستطاع الرجل أن يفرغ طاقة غضبه في كفيه حتى نزل على مؤخرة رأسها جعل العصافير تحوم حول رأسها وتفقد إتزانها وتذهب إلى عالم أخر ،بعد دقائق عاد لها وعيها تدريجياً ورأت كل الوجوه الصغيرة تنظر إليها نظرة شفقة ممزوجة بحزن ،فهم يتعرضون يومياً لتلك المآسي ،عيون صغيرة خضراء وزرقاء وسوداء وكل عين تشي بحكاية ،أطفال حالمة ولكن كيف لهذا أن يكون حلماً فقد قُتل قبل أن يولد وصدم بقذارة هؤلاء ،حُرموا من طفولتهم وآمالهم وآبائهم وأمهاتهم ،كيف حال الأمهات والآباء آلان بالطبع ثكالى ومنكسرين ،بعد قليل حضر صاحب الفخامة والعز الدكتور جمال بعد أن تلقي إتصالاً هاتفياً من ذاك الرجل الذي صفع لين وقال كلمات صريحة
( ان أردتي الحفاظ علي نفسك واهلك ومعارفك وأحبابك لا تتحدثي بشيء مما رأيتي ولن أقل الكثير ستخرجين على قدميكي اليوم لكن إذا قلتي أي شيء فلا تلومي إلا نفسك ..سمعتي ) .

خرجت لين وفي عينيها بريق من الألم والأمل وكل شيء عندها مختلط،لا تعلم هل تصمت فتموت آلاف الأرواح، أما تتحدث فيموت أحباؤها ،كانت في المنتصف المميت كأنها تدور في ترس ،أو أن الزمن لا يتحرك حولها  ،فذهبت بعد ذلك إلى منزلها بصحبة والدتها وكانت الدنيا تسّود من حولها لن تستيطع الوصول إلى نقطة تحدد بدايتها أو نهايتها هل تصمت على ما سمعت أثناء غيبوبتها المؤقتة نعم فهي سمعت حديث حول عدد من الأطفال يقتلون وتؤخذ أعضائهم والبعض الأخر يذهب للتسول وسرقة ما يملك الناس والبعض الأخر يستغل في بيع الأشياء كالمناديل وكتب الأطفال وما شابه ذلك ، كل هؤلاء الأطفال حرموا من طفولتهم ،حرموا من الشعور بالآمان ،حرموا من حنان أمهاتهم ،وعطف أبائهم من أجل أن يحيا الكبار ،لم تستطع الذهاب للمدرسة فقلق عليها أستاذها الذي يلازمها دائماً ويعاملها كأبٍ ثانٍ لها فكان نعم السند في كل مكان .

جاء الأستاذ أحمد لزيارتهم دون علمٍ مسبق وسأل عنها والدتها فأخبرته أنها لم تخرج من غرفتها منذ تلك الليلة ،بعد دقائق خرجت لين بهالات سوداء تحت عينيها ودموع غزيرة تغطي وجهها ووضعت يدها علي لتخفي كل هذا لاحظ أستاذها ذلك وقال
- ما الذي يمنعك من الحضور

- بعض التعب وسأكون على مايرام بإذن الله .
قال الاستاذ أحمد وهو متوجهاً إلي الخارج فقد أدرك أن هناك شيء ما تخبئه ولن تبوح به في المنزل أمام والدتها وأخيها
- ستكونين بخير بعد أن تأتي إلى المدرسة فقد فاتك الكثير يا ابنتي .
________________

في صباح اليوم التالي ذهبت إلى المدرسة وأطمئن عليها معلمها وطلب منها أن تخبره الحقيقة فعيناها تقول شيء ولسانها يصف شيئاً أخر لا علاقة له بهما .

- لا لا لن استطيع أخشى عليك الموت وعلى نفسي وعلى أهلي .
لم تتمالك وكأنها قالت جزءاً مما تكتمه أنها تحت التهديد .
- لا تخافي سيكون كل شيء تحت السيطرة لن يعلم أحد بإذن الله ،ما الذي يقلقك بنيتي لماذا أنت مرهقة وعيونك ذابلة ،ويبدو عليك  الانكسار ،تعلمين إنك عندي مثلك مثل مريم لا فرق بينكن أخبريني بالحقيقة الكاملة .

سكن الطالبات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن