طالما ضننت أن الحياة ستستمر بالجريان في طريق مستقيمة إلى الأبد ، تفكير أطفال ! و رغم كل العقبات و الحفر العميقة ، يضل الطريق يمتد و يمتد ، فأضل أسير و أسير ضنا مني أنها الأبدية ، لم تخبرني مارسيليا قط أن الطرق أحيانا تسلك منعرجات أخرى ، في نقاط ما ... و في أوقات ما حيث نبدأ فيها بإستقبال عالم جديد و مختلف عما عهدناه ، حيث لا مجال للتراجع ، إنه مدخل مسدود العودة لإتخاذ قرارات أكبر ، فلا تلك الشمس هنا التي نعرفها ، و لا هي نفس النجوم التي تضيء لنا ، إنها تخبوا بدل الأمر ... و لا هي تلك الكلمات التي أردنا سماعها يوما ، ربما كانت مارسيليا على حق في أمر واحدا فقط ... لقد كنت طفلة مختلفة ، لقد كنت الطفل الوحيد الذي تمنى ألا يكبر يوما ما .
أنا اريد العودة إلى الماضي ، حيث غرفة نوم صغيرة ، طعام ساخن و شتاء قصير ، كوب حليب و تهويدة من مارسيليا ... تنهشني رغبة عارمة في العودة بشدة و البقاء هناك دون أن اكبر يوما !! و لكنه أمر مستحيل .
أنا اريد العودة ! و لكن ...
...
أمسكت الخنجر بيدي اليسرى و جعلت اقطع التفاحة القابعة في يدي الأخرى بينما كنت شاردة الذهن استمع لكلمات كلودورف تلك ... فيردف هذا الأخير بصوت منزعج و علامات القلق قد رست على تفاصيل وجهه العبوس ، تنهد طويلا ثم نطق : إنه أبي ! أبي يجبرني أن اتقدم للزواج بملكة آينسوورث ...
هذا ما قصدته تماما ... هذه المواقف ، هذه الكلمات بالذات ما أردت أن أعيش لأسمعها ، و قبل أن ينتهي من جملته انفلتت حركتي عن السيطرة و اظلمت الدنيا في عيناي و ما عدت ارى سوى حمرة الدماء المترقرقة ، إذ غَرستُ الخنجر في يدي سهوا مني و فزعا فسقطت التفاحة و الخنجر المخضب و تطايرت قطرات الدم القانية لتأخذ يدي تنزف دما غزيرا كسيل أحمر لا ينضب ! لونه يستمر بالإحمرار ... إنه يشتعل كالجحيم ، الألم يندلع في دمي كشرر الحرب ، و الضحية الوحيدة هنا هي القاتل نفسه .
فتشهق كلوديا بفزع و انتفضت بسرعة تمسك برسغي بقوة و تصرخ بكلمات على شقيقها ثم اقترب هو الآخر مني بسرعة و كاد أن يمسك بي هو الآخر و يردف : انت تنزف بغزارة ! دعني اقو...
لكني صفعت يده من تلقائي و أعصابي تتمزق بعنف داخل رأسي الذي يضرب نواقيس الصداع ، فخُضّبت كفه الكبيرة هي الأخری بدمائي و تراشقت في المكان لأحدق فيه بغضب حارق و حقد عميق : إبتعد ... عني ! حالا !
فجمع يديه إليه و قطب حاجبيه ليرمقني بنظرة تعجب : ما خطبك ؟ لست السبب في ما حصل قبل كل شيء .
فقامت كلوديا و جعلت تبعده عني و تدفعه للرحيل من كتفه بينما تهمس له بهدوء : سأهتم بالأمر ، أحضر أنت الأحصنة كي نرحل ! هيا أسرع ...
![](https://img.wattpad.com/cover/136437638-288-k841461.jpg)
أنت تقرأ
الحاكم الاسود ( جزء أول و ثان )
Historical Fictionعشت في اعلى البرج وحيدة تماما ، عزلوني عنهم و نبذوني ... كل ما في الامر اني لم اكن ما كانوا يريدونه أنا ميكا الحاكم الاسود " توقف عن حركات الفتيات المدللة هذه و قاتل بشجاعة " كانت هذه الكلمات تتردد كل يوم على مسامعي !! هذا صحيح . لا يجب ان اكون فتا...