الفصل 18 (5) : حفلة مبيت و حديث فتيات : نهاية الحفلة .

1.2K 121 138
                                    


امنيتان إثنتان على لسان كل جندي بلغ شوقه للديار عنان السماء ، كل محارب تضرع للعودة الى زوجته و اطفاله ، حين تمتلأ عيناه بدموع الخوف و الحنين فإن امنيتان فقط تتنافسان على تفكير هذا البائس الذي وجد نفسه داخل سياج الحرب المغلق من امر آمر لم يرى وجهه قط ، امنيتان متناقضتان و متشابهتان في آن واحد ...

" لا اريد الموت هنا "

" اريد ان اموت حالا "

متناقضتان في الرغبة .

" اريد العودة الى موطني لينتهي هذا العذاب من حولي "

" اريد ان يقضى علي لينتهي هذا العذاب من حولي "

متشابهتان في الخلاص .

يصرخ هذا الإنسان المجرد بأفكاره لحظة سماعه لصوت تكسر العظام و تمزق اللحم ، حين تمتلأ رئتاه برائحة الدماء الطازجة و الجثث العفنة ، عندما يقع ضحية منظر الأشلاء المقطعة و الغربان السوداء تنهش من الاحشاء المرمية .

يريد شيئا بشدة و لا يعرف ما هو .

اما انا ، انا كما لم تكذب مارسيليا فقد كنت مختلفة ... لم أجد ابدا سببا للهروب من ارض المعركة ، طالما اني اتعمق في احضان الموت فإني لا اتوقف عن المضي ، لا شيء يربطني بالخلف ... و مع ذلك فإني اقاتل دون تردد !! انادي الموت ليأخذني لكني اعود لانقض و اقضي عليه.

اما حين ترمي نفسك من اعلى قمة و تمد يدك للأعلى فورها ، في تلك النقطة تماما ستدرك ان حتى لو كنا نكرة و او لا شيء يربطنا بهذا العالم فإننا نقاتل لنحيا ... لأننا نشعر اننا نريد ذلك ، نحن لا نريد قتل انفسنا إنما نريد التخلص من شيء بداخلنا إستعصى علينا .

فجعلنا نكره الحياة بأكلملها تارة ، و نتشبث بها تارة اخرى .

...

استيقضت فجرا علی صوت النسيم الخفيف يطرق النافذة كمنقار عصفور متلهف لقبلة الصباح ، حين فتحت جفناي المحتضنان و لمحت كم ان الجميع من حولي مستغرق في النوم العميق ، كانت كلوديا تنظر مباشرة في عيني بفيروزيتيها الناعستين ثم همست لي بإبتسامة ملائكية : صباح الخير ملكتي .

فهمست بدوري لها : صباح النور كلوديا ، استيقظت باكرا !!

فرفعت يدها ببطء و مسحت علی عيني اليسرى : لقد ايقضني بكاؤك ملكتي .

- أنا ؟؟

فهمست بإبتسامة مجددا : أجل فأنت تبكين ايضا في نومك ، و كنت تنادين بإسم هيدي !

الحاكم الاسود ( جزء أول و ثان )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن