على جانبي الأيسر تعيش كتلة صغيرة من الدماء و المشاعر، الجميع لديه واحدة ما... في الماضي كانت تدعى بالنسبة لي قلب أما الآن فتدعى بالنسبة لهم حجر ! حجر أسود و قاس لا يحس و لا يحب ، لا ينكسر ولا ينفطر ، لا يتألم ولا ينجرح ... إلى أي مدى تماسكت أمامهم كي ينسبوا إلي مثل هذا اللقب ؟!
. . .
حملت لفائفي بسرعة من فوق خزانة الملابس بينما كان ديريك يؤخر والدته عن الدخول متحججا بإضاعته لمفتاح الباب ، لم يسعني الوقت الكافي لإعادة ربطها على جسدي فخرجت بها من النافذة و انقدت إلى الثانية المفتوحة إلى بجانبها ... من حسن الحظ أنه هناك متسع من الجدار للمشي فيه و الترنح بين الغرف من خارج القصر و إلا اضطررت كل يوم إلى إلقاء التحية .
و الآن لمن تعود هذه الغرفة يا ترى ؟! أشعة الشمس كانت تضفي ضياءا خافتا على المكان و التي تسللت من خلف الستائر عنوة ليبدوا بنظافته و شدة الحرص على ترتيب الأثاث بشكل متناسق .
فجأة سمعت صوتا خفيفا يصدر من الحمام ليفتح بابه الواسع و تتقدم منه فتاة بمنشفة طويلة تلف كل جسدها و لا يبدو سوى كفيها المبتلين و عنقها ثم شعرها الأسود الطويل و المسدول بعض من خصلاته على نصف وجهها المحتـ .. وقفنا لثوان معدودة نتبادل النظرات و الصمت يعزف لحنه لتدوي بعد ذلك صرختها المجنونة : توقفي عن ذلك !
فغطت وجهها بكلتا يديها ثم هربت تختبأ خلف باب الحمام ، بإمكاني سماع صوت تنفسها القوي و الصادح إضافة إلى فرقعة الأصابع الحادة و الذي يزعجني صوتها كثيرا ، هاه ! و يقول شقيقها أنه لا يكاد يسمع صوتها .
- أتوقف عن ماذا ؟! شارلوت .
كنت أتوقع أن تطردني من الغرفة مباشرة لكنها أجابت على الفور بصوت مختنق و كئيب : توقفي عن التظاهر بأنه لم يحدث شيء.
- و ماذا حدث ؟!
" لقد .. لقد رأيت وجهي ! "
- و؟ هل لديك عين ثالثة ؟! لم انتبه صدقا .
فتحت الباب قليلاً و حركت أصابعها فوق الحافة لتردف بغصة حلق : ليس لدي عين ثالثة يا هذه !
من أحد الاشياء التي اعجب فيها بنفسي - دون تكبر - أنني أستطيع رسم ملامح الوجه المناسبة في كل موقف خاصة ملامح التجاهل التام أو الغباء الذي ينقذني أو الطرف الآخر من التساؤل المحرج ... في الواقع كان نصف وجهها أشبه بلوحة لورود حمراء لم يجف طلاؤها بعد ! فقام طفل بتمرير يده عليها عمدا ، عينها مسدولة الجفن بعض الشيء و تعرجات بشرتها مثل قماش الحرير الملقا فوق سرير دون ترتيب ... كان محترقا و لكنه كان حرقا من قديم الزمان .
أنت تقرأ
الحاكم الاسود ( جزء أول و ثان )
Ficção Históricaعشت في اعلى البرج وحيدة تماما ، عزلوني عنهم و نبذوني ... كل ما في الامر اني لم اكن ما كانوا يريدونه أنا ميكا الحاكم الاسود " توقف عن حركات الفتيات المدللة هذه و قاتل بشجاعة " كانت هذه الكلمات تتردد كل يوم على مسامعي !! هذا صحيح . لا يجب ان اكون فتا...
