00:03

1.6K 138 24
                                    

عودة إلى الوقتِ الحاضر

"صباح الخير.. صغيري".

جفلَ سوكجين عند سماعهِ هذه الكلمات، عيناهُ اتسعتا في خوف و صدمة، رافعًا رأسهُ على الفور ليرى من يُخاطبه.

شابٌ رماديّ الشعر، يرتدي بنطالًا أسود ممزّق من جهة ركبتيْه، و قميصًا أسود، تعلوه جاكيت جلديّة سوداء أيضًا. بدا هذا الشاب الغريب لسوكجين و كأنه قابض أرواحٍ أتى ليسحبَ روحه.

حاول سوكجين أن يستجمع نفسه و أن لا يُظهَر خوفه، و إقناعَ نفسه أن لا يتأثر بتلك الابتسامة الخبيثة على وجه ذلك الغريب. و قبل أن ينطق بأي حرف، أخذ ذلك الشاب يقترب منه ببطء، صوت أقدامه و ضحكته الخافتة تبثّان الرعب في نفس الفتى المُقيّد.

"م م..من..أ أنت؟" قال سوكجين، و هو يلعن نفسه في داخله لإنه فشل في إقناع نفسه بعدم التلعثم و إظهار الشجاعة.

"أنا؟" ردّ تايهيونغ، ولا تزال ابتسامة الاستمتاع على وجهه. مال للأمام قليلًا، مقتربًا من إحدى أُذنيْ الفتى الجميل، أنفاسه الحارّة تبثّ الاضطرابَ في جسدِه.

"أنا كابوسكَ الجديد.. أيها الوسيم".

لم يفهم سوكجين ماذا تعني تلك الكلماتُ تمامًا، لكنّه لم يكن يملكُ وقتًا كافيًا لذلك، فهو ما لبثَ أن أطلق أنينًا خافتًا عندما أحسّ بقبضةٍ قويّة تشدّ شعرَه للخلف.

أخذت الدموعُ تتجمّع في عينيه، و حاول قدر الإمكان ألّا يُطلق أي أنينٍ أو تأوّه، و أن يبتلع أي صوتَ بكاءٍ يحاول النفاذ من بين شفتيه.

مرّت بضعُ دقائق.. استمرّ فيها تايهيونغ يُحدّق في الفتى بعينينِ مليئتينِ بالشرّ و الجنون، أما الآخر فلم يتجرّأ على النظر في وجهِ مُعذّبه و اكتفى بعضّ شفتيه و النظر إلى أسفل، غير مستوعبٍ ماذا يحدث.

"سأتركُكَ الآن" أخيرًا قال تايهيونغ، قاطعًا الصمتَ الثقيل الذي خيّم على المكان.

"لكن اعلم أنّك ستتمنّى في ما بعد لو أنّني قتلتُكَ ها هُنا.. لكن لا..." ضحكَ بسُخرية.

"لن تنعمَ بالموتِ بهذه السهولة" أردفَ تايهيونغ و هو يضحك بصوت مرتفع، كالمختلِّ عقليًّا.

أفلتَ تايهيونغ شعرَ الفتى مع ضربِ رأسه بالحائطِ الذي خلفه، متجاهلًا صرخةَ الفتى المسكين جرّاء الألمِ المُفاجئ.
و قبل خروجه من الغرفة، أطفأَ الضوء الخافت الذي كان يُنير الغرفة قليلًا، مُلتفتًا للفتى المُقيّد.

"استمتع بالظلام" كان هذا آخر ما سمعه سوكجين قبل إغلاق الباب الحديديّ مرة أخرى.

حدّق سوكجين في الظلامِ لبعض الوقت، دون قول أو التفكيرِ بأي شيء. الصدمةُ قد أخذت منه كل مأخذ، و أحسّ كأنه على وشكِ فقدانِ عقله.

بعد بضع ثوانٍ، أطلقَ صرخةً عالية، حتى أحسّ برئتيهِ على وشكِ الإنفجار. ثم بدأ بالبكاء بشكل هستيريّ.. و هو يصرخ 'لماذا!' بأعلى صوته.

لا زال لا يعلم لمَ هو هُنا، لمَ هو بعيدٌ عن والديه، في مكان غير معلوم؟!

لمَ هو هنا يعاني في الظلام وحيدًا، بينما من المفترض أن يكون الآن في بيته الدافئ، مع والديه الذي يحبهما و يحبّانه؟

ما السبب؟!
ما الخطأ الذي اقترفه؟!

صوتُه أخذ يخفتُ تدريجيًّا، و مزيجٌ من الإرهاقِ و الغثيان أخذ يسيطرُ عليه، ليُغمى عليه بعد ثوانٍ.



ظَلامْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن