00:05

1.4K 121 49
                                    

مَضت السّاعاتُ طويلةً بشكلٍ مُبالغ على سوكجين، فأن يكونَ مُعلّقًا و مُقيّدًا في مجهولٍ، دون أن يعلمَ أصلًا لمَ هو هُنا، و وجودُ شخصٍ كهذا الحارس، الذي لا يفعلُ شيئًا سوى التحديقِ في الفراغ و الصمت.. بدا شيئًا غير ممتعٍ على الإطلاق، و مُثيرًا للمللِ بشكلٍ جنونيّ بالنسبة لسوكجين.

خطرَت في عقلهِ فجأةً أغنيّة كان يسمعها مرارًا في طريقه للمدرسة صباحًا. كانت لإحدى فرق البوب المشهورة، و كان دائمًا ما يستمتعُ بالاستماعِ لها، رغم أنه سمعها كثيرًا جدًا.

أغمضَ عينيْه ببطء، محاولًا تذكّر الكلماتِ و اللحن، ثم سمحَ لنفسهِ بالغوصِ فيها و بدأ بالغناء.

"لا تُفكّري بأيّ شيء
لا تقولِي أيّ شيء، ولا حتى كلمة
فقط ابتسمِي
ما زلتُ لا أستطيع تصديقَ ذلك
كلّ هذا يبدو كَـالحلم
لا تُحاولي أن تختفِي .... "

أفاقَ الحارِسُ من شُروده، ما إن تناهى إلى سمعهِ صوتُ الفتى و نظرَ إليه بذهول. فهو لم يكن يتوقّع أن يسمعَ صوتًا عذبًا و جميلًا في مكانٍ كهذا، و من شخصٍ كهذا.

"هل هذا حقيقيّ؟
هل هذا حقيقيّ؟
أنتِ
أنتِ
أنتِ جميلة جدًا لدرجةِ أنّي خائف

غير حقيقيّ
غير حقيقيّ
أنتِ
أنتِ ... "

صوتُ سوكجين رنّ في الغرفة.. كأنّه يبثّ الحياة في أرجائِها. كأنّ وجودَه يُشعّ نورًا يغطّي حُلكةَ المكانِ حولهم.

كانَ سوكجين يُغنّي بتأثّر..
فقد تذكّر كيف كانَ دائم الشعور بالسعادةِ و الدفء بوجودِ والديه. لكنّه الآن في هذا المكان البائس البارد.. يشعرُ بالوِحدة.

لاحظَ الحارِسُ تغيّر نبرةِ صوتِ الفتى، و كأنّه على وشكِ البكاء. فكّر في نفسه للحظةٍ لو يفكّ قيده و يحتضنه. هو لا يُريدُ أن يعترفَ لنفسِه أنّه قد أُعجب بصوتِ الفتى.. لكنّه قد فعل على أيّ حال.

مرّت بضعُ دقائق..
سوكجين يُغنّي مُغمضَ العينيْن.
و الحارِس مُثبتًا نظَرَه عليه.. يُنصتُ بإعجابٍ و ذهول إلى غناءه.

لكن، صوتُ المفاتيحِ و هي تفتحُ الباب الحديديّ أوقفَ سوكجين عن الغناء، و أفاقَ الحارسَ من ذهولهِ و أعاده للواقع.

نظرَ سوكجين للحارس ليجده يُحدّق به، لكن سُرعان ما نظرَ الأخيرُ لمكانٍ آخر ما إن تلاقتْ عيناهُما.
فكّر سوكجين بنفسِه، فاتحًا عينيْه باتّساع ما إنْ خطر بباله سؤالٌ معيّن..
"هل كانَ ينظرُ لي طوالَ هذا الوقت؟!"

و قبلَ أن يُفكّر بأي شيءٍ آخر..
صوتُ خطواتٍ قد قطعَ الصمت الغريبَ الذي سادَ المكان.

"أنتَ جونغكوك، لمَ لا تزالُ هنا أيها الأحمق؟
فترةُ حراستكَ قد انتهتْ بالفعل منذُ نصفِ ساعة!"

قال تايهيونغ و هو ينظرُ باستغراب للحارسِ الجالسِ على الأرض. كان جونغوك لا يزالُ تحت تأثير سحر صوتِ سوكجين، لكنّ وجودَ تايهيونغ سحبهُ مجددًا إلى الواقعِ غير المرغوب به.

"يا إلهي! إنّه ذلك المختلّ.. لقد ظننتُ أنّه لن يعود".

قال سوكجين في نفسه.. و هو يُحاولُ ضبطَ أعصابه، و تهدئةَ قلبِه الذي أصبحَ يدقّ بجُنون.

"اه هيونغ، لم ألحظ مُرور الوقت.. أنا أعتذر".

نهضَ جونغوك، نافضًا الغُبار الذي علق بملابسهِ كمحاولةٍ لإشغالِ نفسه، و عدم النظر إلى تايهيونغ.. أو سوكجين.

فقد كانَ يشعرُ بالإحراج.

"اه.. لا بأس" قال تاهيونغ ببطء، ملاحظًا الفتى المُحرَج أمامه. لقد شعرَ بأنّ شيئًا غريبًا قد حصلَ هُنا، فـجونغكوك لا يشعرُ بالإحراجِ عادةً.

"عملًا مُوفقًا أيها العميلُ تاء" قال جونغوك بعد أن انحنى قليلًا من باب الاحترام. أومأ تايهيونغ برأسه، ثمّ أعادَ إغلاقَ البابِ بعدَ خروج جونغوك.. و أوصدهُ.

"إذن إنّه أنا و أنتَ فقط من جديد.. أيها الصغير" قال تايهيونغ مُلتفتًا إلى سوكجين، و مبتسمًا بخُبث.

"سيكونُ هذا اليومُ طويلًا" أردفَ تايهيونغ، و قد أخذ بالاقترابِ ببطءٍ قاتل نحو سوكجين.

فشلَ سوكجين في تهدئةِ نفسه.. فهو الآن يشعرُ بالرُعب يملأ روحَه.

"رُبما سأطلب من العميلِ جيم أن آخذَ مكانه هذه الليلة.. ما رأيك؟" صوتُ ضحكاتِ تايهيونغ الخافتة بثّت الرعبَ في نفسِ سوكجين أكثر فأكثر.

لا لا أرجوك.. ابتعد عنّي
أرجوك

أزاحَ تايهيونغ بعضَ الخصلاتِ الشقراء عن وجهِ سوكجين، عيناهُ تقدحانِ شرًّا و جُنونًا.. ثم ابتسم.

"لتبدأ المُتعة الآن".

____________________

مُلاحظة:
الأغنية التي غنّاها سوكجين هي
Butterfly - BTS

ظَلامْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن