00:04

1.4K 116 27
                                    

يدٌ ما تهزّ كتفي، تضربُ وجنتايَ بلُطف، ربما في محاولةٍ لإيقاظي. و تناهى إلى مسامعي صوتٌ غير مألوفٍ يُناديني باستمرار.

حاولتُ أن أستجيبَ و أفتح عينيّ، لكن.. أشعر بالخوف. أكره الاعتراف بذلك.. لكنّني حقًّا خائف.

ماذا لو كان ذلك المختلّ ينتظرني لأستيقظ حتى يعذّبني مجددًا، أو ربما قد أتى مختلّ آخر ليُمارس جنونه عليّ.
ماذا لو استيقظتُ فوجدتُ الظلام لا زال يلفّني و يخنقني كالأفعى.
ماذا لو...

"أيها الفتى أرجوك استيقظ.. هل أنتَ بخير؟"

صوتٌ عذب، كأنه أنغام موسيقى. شعرتُ بالارتياحِ قليلًا، فعلى الأقلّ هذا الصوت لا ينتمي لذاك المختلّ، لذا فتحتُ عينيّ.

شعرٌ أسود، و وجهٌ وسيم.. كان أول شيءٍ رأيتُه عندما فتحت عينيّ.

" اه وأخيرًا.. ظننتُ أن مكروهًا قد أصابك" قال الشابّ الغريبُ الواقف أمامي، و قد بدا عليه الارتياح.

مكروهًا أصابني!؟
هه اللعنة، و هل أنتم تهتمّون لأمري أصلًا!

فكرتُ في نفسي.

"من أنت؟" سألتُه ببرود. تقريبًا لقد فقدتُ الإحساس بجسدي منذُ أنني معلّقٌ بهذه الوضعية غير المُريحة إطلاقًا من مدّة.

"أنا المسؤول عن حراستكَ في الفترة الليليّة، العميل جيم" ردّ الشاب متجّهًا لجهةٍ الباب ليتناولَ شيئًا ما.

أرجو من كلّ قلبي ألّا يكون مختلًّا أيضًا. قلتُ في داخلي.

" أحضرتُ لكَ بعض الطعام.. فأنتَ لم تأكل منذُ أيام" أردفَ السيّد جيم، واضعًا سلّة طعامٍ على الطاولة الخشبيّة الموجودة على مقربةٍ مني.

"لكنّي معلّقٌ و مقيّد، كيف سأستطيع الأكل؟" قلتُ بنبرة ساخرة.

" اه أعتذر.. إذن دعني أُطعِمُك بنفسي" ختمَ الغريبُ كلامه بابتسامةٍ صغيرة.

قطّبتُ حاجبايَ مُتفاجئًا، ثم سرعان ما أحسستُ بوجهي يحمرّ خجلًا عندما بدأ بإطعامي كأنّني طفلٌ صغير.

لم أعد أشعرُ بالغثيان بعد أن أكلت، لكن أريد حقًا أن أتخلصَ من هذه السلاسل.

جلسَ السيد جيم في الجهة المقابلة من الغرفة، مُسندًا ظهره للحائط. ينظرُ لي ما بين الحين و الآخر، وما يلبثُ أن يعود للتحديقِ في الفراغ.

أخذَ الإرهاقُ يغزو جسدي..
لكم أتمنى أن أكسر هذه السلاسل، و أستلقي على الأرض.

"ألا يمكنكَ تحريري من هذه السلاسل، ولو لخمس دقائق؟" بدا التعب واضحًا في نبرة صوتي، لا أستطيعُ احتمال هذه الوضعية أكثر.

"آسف. لكن لا يمكنني مخالفة التعليمات، وإلا سأتعرّض للعقوبة" ردّ السيد جيم ببرود، دون النظر إليّ.

"أنتَ لا تريد أن يُعاقب شخص آخر بسببك.. أليس كذلك؟" أردفَ.

نظرتُ له بحَيرة، و لم أفهم ماذا قصدَ بجملته الأخيرة حقًا. لمَ قد يُعاقب أحدٌ بسببي؟ ماذا فعلتُ أنا..!؟

حاولتُ استنباطَ أي شيءٍ من ملامحِ وجههِ أو نظراتهِ، لكن نظراته إليّ حملت شيئًا غريبًا.. كالـ.. حقد؟!

ظَلامْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن