طرقت ايما باب المنزل عدة مرات ففتحها ادم وفرك عينيه بنعاس
-اين مارك
قالت ايما وهي تنظر للداخل
-سأناديه انتظري
-قل له ان يخرج بسرعة
اومئ لها وذهب لينادي مارك
-حبيبتك المثيرة تريدك
ضربه مارك على كتفه وقال بعصبية
-لاتقل عنها مثيرة يااحمق
لم يكترث ادم له وعاد يستلقي في فراشه فخرج مارك وعانق ايما ما ان راها وبعد ان ابتعد عنها امسكت بيده وقالت بحماس
-هيا لنذهب
رفع حاجبه الايسر قائلا بتعجب
-نذهب؟الى اين؟
-لتكن مفاجأة هيا بسرعة
ركضت وسحبته خلفها وصعدت بالسيارة وصعد هو الى جانبها ...
كادت انفاسه ان تتوقف عندما وقفت السيارة امام تلك الكنيسة التي يعمل بها والده ابتلع ريقه بتوتر ونظر لايما التي كانت متحمسة
-لما جئنا الى هنا
-يجب ان تتصالح مع عائلتك يامارك مهما كانو يقسون عليك ومنعوك من تحقيق حلمك الا انهم في النهاية يضلون عائلتك ملجئك الوحيد وملاذك
هز مارك رأسه نفيا
-لا انتي هي ملجأي وملاذي الوحيد ياايما
امسكت بيده وابتسمت
-مارك اذا كنت تحبني فصالح عائلتك من اجلي
زفر بضيق وترجل من السيارة...
مشى بخطوات بطيئة ،كم تمنى ان يتوقف الزمن عند هذه اللحظة ولايضطر للدخول كيف سيواجه عائلته وهو اخر مرة تحدث معهم قبل سبع سنوات ...ماذا سيقول لهم؟ ينتابه الفضول بشدةليعرف حالهم وكيف يعيشون لكنه خائف ..خائف من ردة فعلهم ...استطاع اخيرا ان يدلف للداخل لم يكن هنالك احد فقط والده الذي تسمر ما ان رأه اقترب منه مارك اكثر وبقي يحدق به
لقد غزى الشيب رأسه وتخللت التجاعيد كل مقاسيم وجهه وقف مارك امامه ونظر اليه بحزن ياترى هل سيعانقني الان؟ هل سيقول انه حصل كل هذا بسببه هل سيعترف بأنه كل على وشك تدمير احلامي هل سيطلب مني العودة اليه مجددا؟ لكن للاسف لم يقل والدي أي من هذا مازال كما هو اناني ومتسلط ومتعجرف ...حدق به والده بكره واشمئزاز ثم قال بغيض
-ماذا تفعل هنا؟
-هل هكذا ترحب بي ياابي
ضحك والده ساخرا
-انا لم اعد ابيك في اللحظة التي قررت فيها ان تهرب محوتك من حياتي ومخيلتي كذلك
-ياللعجب ابي هل كنت في مخيلتك
وماذا يوجد في مخيلتك عني؟
تجمعت الدموع في عينيه واكمل
مثلا هل تذكر متى اشتريت لي هدية؟ هل تذكر متى اخر مرة عانقتني؟ متى اخر مرةقرأت لي قصة قبل ان انام؟
اكتفى والده بالصمت والتحديق فيه فأكمل مارك
-لاتبحث في ذاكرتك طويلا لأن أي من هذه الامور لم يحصل كنت منشغلا" طوال الوقت باعمالك في الكنيسة والقاء المواعظ والحكم على مسامع الاخرين لكنك نسيت شيئا مهما وهو ان تلقي هذه الحكم والمواعظ على نفسك
ارتسمت على شفتي والده ابتسامه ساخرةوقال
-انظرو من يتحدث عن الحكم والمواعظ! مغني الروك الذي جاءت الشرطه قبل فترة قصيرة تبحث عنه في منزل والديه لانه متهم بتجارة المخدرات
تجاهل مارك كلامه واستدار ليرحل لكنه وقف في مكانه ونظر اليه وقال
-انت قررت ان تصبح قسيسا" لكي تعلو مكانتك في المجتمع ويتحدث الجميع عنك وليس من اجل مساعدةالاخرين كما تزعم، لطالما كنت انانيا وستضل كذلك صرخ به والده قائلا
-اخرررج بسرعة لاتريني وجهك مجددا
مشى مارك بسرعة وخرج من الكنيسة نادته ايما لكنه لم يتوقف واستمر بالمشي ف امسكت بذراعه واوقفته
-ماذا حصل؟
لم يستطع كبت ضعفه وانكساره في هذه اللحظة فسمح لدموعه ان تتخذ طريقها نحو وجنتيه وقال بنبرة متألمه
-انا شخص فاشل، لا عائلتكِ تريدني ولاعائلتي تريدني ما كان يجب ان أتي الى هنا
امسكت ايما بوجهه بكلتا يديها وقالت.
-انظر الي جيدا" لو وقف العالم بأسره ضدك ف انا لن اتخلى عنك واترك يدك هل فهمتني؟
اومئ لها لتحتضنه بقوة وتمسح على شعره لتهدئه .....
*******************
وضعت اوديا الحاسوب في صندوق دراجتها ثم صعدت على دراجتها وقادت نحو المكان المطلوب وعندما وصلت حملت الحاسوب بيدها ونظرت لهذا المكان...
كان عبارة عن مرآب لتصليح السيارات
دلفت للداخل ونظرت حولها لكنها لم تجد احدا
-مرحبا هل من احد هنا
فنظرت لتلك السيارة التي كانت تخرج منها اقدام شخص
-سيدي لقد طلبو مني اصلاح هذا الحاسوب وجلبه لهذا العنوان هل تعرف لمن هو؟
خرج ذلك الرجل من مكانه ووقف على قدميه والابتسامه تعلو وجهه
سقط الحاسوب من يد اوديا ما ان رأته وتسمرت في مكانها....ايعقل ان يكون هذا احدى كوابيسها عندما كانت طفلة؟ ام انه يقف امامها بالفعل؟ نظرت اليه مطولا وقد خذلها لسانها وتلاشت منه الاحرف ...فتح يديه وقال ممازحا"
-اوديا لاتنظرين ألي هكذا وكأنني كنت ميتا وخرجت من قبري ف انا لاازال حيا" ارزق
لم يتغير ابدا رغم التجاعيد التي ولدها الزمن حول عينيه وفي بقايا وجهه الا انه لايزال يملك تلك النظرةالقاسية التي لطالما ارهبتها...كيف يمكن ان يمتزج شعور الغضب والخوف في آن واحد ...تتمنى ان تهجم عليه الان وتضربه وتشوه وجهه كما شوه طفولتها ...لكنها خائفة شعرت انها لاتزال طفلة امامه

أنت تقرأ
ربيع القلوب
Romansaعندما تجف قلوبنا وتذبل كورقة شجر حل عليها الخريف،فهي تحتاج لمن يرعاها ويهتم بها ليعيد اليها ربيعها