دخل تاي الشقة رقم مائة واثنى عشر لتدخل اينوري خلفه وتسمع تلك الخطواتً الصغيرة المتوجهة نحوهما فتظهر فجأة طفلةً تجري نحو تاي وترتمي في احضانه لتقول بعينين دامعة قد ملأتهما السعادة: لقد تأخرت ! .. يحملها تاي بين يديه ويقبلها بين جبينها ضاحكًا: هل كنتِ تبكين مرة اخرى ريكار .. وفي هذه اللحظات كانت اينوري تنظر له بصدمة لاتخلو من الأشمئزاز: اذًا فيبدو بأنكَ انجبت ابنةً من احدى فتياتك في النهاية .. التفت لها تاي بصدمة: هاه !! كـ-كلا مالذي تقوله ! ان ريكار ليست ابنتي !!!! .. ثم صمت قليلًا ليقول بعينين قد اخترقهما الحزن: انها ابنة اختي .. اينوري" ماذا مع هذه النظرات " .. عندها اخذت ريكار تسحب خد تاي قائلة: نيه تاي من هذا .. نظر لها تاي بابتسامة: انه ايون .. التفتت ريكار لاينوري لتلوح بيدها الصغيرة بابتسامة: اهلًا ايون .. نظرت اينوري لريكار بدهشة: انها لطيفةٌ كاللعنة .. عندها فقط تحدث تاي بغضبٍ مصطنع: اوي توقف عن الاحتكاك بها .. اينوري: هاه اخرس فقط لستٌ منحرفًا مثلك .. تحجر بصدمةٍ عاطفية: مـ-منحرف ! ..
⠀
عندها فقط بدأت ريكار بشد شعر تاي مقاومةً للتثاؤب ليلتفت لها بابتسامة: يبدو بان وقت نوم عزيزتي قد حان .. ريكار بغيض لايخلو من التذمر: كلا لا اريد النوم .. ثم تقوم بمعانقته: اريد رؤية تاي اكثر .. فيربت على رأسها بضحكة: ستريني في الغد كثيرًا ..
⠀
ثم اخذ يمشي في ذلك الرواق ليصل بعد بضع خطوات لجناح النوم الذي يقع مدخله في منتصف الممر فيدخل ويضع ريكار في منتصف ذلك السرير الفاره وقد كانت اينوري قد لحقت به لتجلس على الاريكة المجاورة للسرير واخذت تنظر حول المكان بشرود .. كان هناك مكتبةٌ متوسطة الحجم بيسار السرير ومقابلها خزانةُ ملابس واما الجانب الايمن فوجدت الاريكة التي تجلس عليها ..
⠀
وفي هذه الاثناء اخذ تاي يعبث بشعر ريكار التي سرعان ما غلبها النوم لتغط في سباتها وينظر لها برفق قائلًا بصوتٍ يتخلله الآسى: لقدْ اخبرتُكَ مسبقًا ان عائلتي لديها عادة في التخلص من الفتيات .. تلتفت اينوري بانتباه: ا-اجل لقد قلت ذلك مسبقًا .. اذًا هل عائِلَتُكْ تخلصت منها .. تاي: الأمرُ ليسَ بهذهِ البساطةْ .. لأكون دقيقًا عندما تولدُ احداهن يتمُ وضعها في مَلجْأ عائلتنا الذي لايختلف عن نُزل الخدم وربما اسوأ منه فهو اقرب الى السجن من داخله .. وعندما تُكمل الثامنةَ عشر يتم التخلص منها بأي شكلٍ من الاشكال وفي الاغلب يتم تزويجها لاي شخصٍ عابر او لاحد افراد العائلة وإن حدث ذلك فستعيش وتموت في ذلك المكان .. وبالنسبة لمنزلنا الرئيسي يُمنع فيهِ دخول الفتيات سواءٌ كُنَ من العائلة او خارجها ..
⠀
اينوري باستنكار: اليس هذا كالاستعباد هل يعانون من مشكلةٍ ما في عقولهم ام ان رؤوسهم محشوة بحجارة منذ الاصل .. التفت لها ضاحكًا: ان سمع ابي هذا سيقوم بذبحك لا محالة .. ثم القى بنفسه على السرير بتنهد: بالعودة لذلك فقد قابلُت شقيقتي لاول مرة عندما كُنتُ بعمرِ الست سنوات و التي لم اكن اعرف بوجودها من قبل ..
⠀
:: قبل احدى عشر سنة :: كان تاي واقفًا بأطراف قدمه على كرسٍي بالفناء الخلفي محاولًا التقاطْ طائرته التي علقت بين اغصانِ احدى الاشجار فيفقد توازنه في لحظات ليسقط بوجهه ارضًا .. عندها فقط تهرع فتاةٌ نحوه و التي كانت تُراقبهُ منذ مدة فتساعده على النهوض بقلق: هل انتَ بخير ؟ .. ينهض تاي واضعًا يدهُ على انفه بتألم: اتمنى انه لم يكسر .. وبعد ثوانٍ فقط ادرك وجودها فنظر لها باستغراب: انتِ فتاة ! .. كانت تملكُ شعرًا منسدلًا بلونٍ فضي كشعره وعينان ذهبيتان لاتختلف عنه .. ثم قال بادراك: هل انتِ من الملجأ ؟ .. عندها فقط تُدرك هي نفسها فتتركه لتعود ادراجها بسرعة ولكنه يلحق بها صارخًا: ارجوكِ لاتذهبي ! لن اخبر احدًا بمجيئكِ اريد ان اسألكِ شيئًا ما فقط !! .. عندها توقفت فتوقف هو ايضًا بتقطع انفاس بعد ان كان يجري خلفها بسرعة ليقول بلهاث: يالسرعتك ! .. تقترب منه بقلق: هل انت بخير ! .. ينظر لها ويضحك: هل هذا كل ما في قاموسك .. ظهرت ملامح الاستفهام على وجهها فأدرك تاي بانها لم تفهم ليضحك قائلًا: حسنًا هذه كانت مجردَ مزحة .. ثم قال بحماس: لابد انكِ تعرفين والدتي انها تقطن في الملجأ وتدعى ساسازو .. عندها فقط اتسعت عيناها لتقول بدهشة: مستحيل ! انت هو تاي !! .. تاي باستغراب: هل تعرفينني .. تشير لنفسها بابتسامة: انا شقيقتك التي تكبرك بثلاث سنوات اُدعى كازومي ووالدتي هي ساسازو ايضًا .. فتح تاي فمه بدهشة: واااه لدي شقيقة .. ثم قال بإدراك: اذًا فانتِ تعرفين والدتي ! في الحقيقة انني اتمنى رؤيتها وبشدة ! .. كازومي بارتباك: ايه لا اعلم حقًا قد يكون هذا مستحيلًا ..
⠀
عندها فقط خابت اماله لينظر للارض بأحباط: اذًا فأنا لن اتمكن من رؤيتها ثانيةً .. نظرت له كازومي باهتمام واضعة يدها فوق كتفه: انا اسفة على الرغم من انني اراها كل يوم ولكن لايمكنني مساعدتك .. تاي: لا بأس فهذا ليس خطأك .. اذا مالذي تفعلينه هنا .. عندها فقط سحبته من يده ليجثيا ارضًا وبدأت تهمس: في الحقيقة انني اتسلل خارجًا بعض الاحيان .. تاي: ايه حقًا .. اذًا هل هذا صحيح بانه لايمكنكن الخروج من هناك .. كازومي بتنهد لايخلو من التذمر: ليس جميعنا ولكن الفتيات امثالي لايمكنهن الخروج مطلقًا .. تاي: ياللفظاعة اليس هذا كالسجناء .. في تلك اللحظة فقط سمع تاي صوت شقيقه مناديًا باسمه فاسرع بدفع كازومي: فلتهربي بسرعة هيكاري قادم .. انصاعت له واختفت بسرعة خلف الشجرة بارتباكٍ شديد وبعد ثوانٍ وجده هيكاري فاخذ يتحدث بتذمر: مالامر الم تسمعني ! لقد جف حلقي وانا اناديك .. تاي: هل حلقك كالصحراء ليجف بهذه السرعة .. يبعثر هيكاري شعره: يالكَ من وغدٍ شقي هل شين من لقنك هذا الكلام .. على اي حال لقد اتيتُ لأخبارك بأن صديقكَ جالسٌ بغرفة المعيشة الآن .. تاي وهو يعود ادراجه: ايه ! هل وصل بهذه السرعة .. يلحق به هيكاري: فلتذهب لترى بنفسك ..
⠀
نعود للحاضر وقد اخذت اينوري تتمتم بعدم اهتمام وهي تتناول بعض رقائق البطاطا: يبدو بانني لستُ الوحيد الذي لم اعرف بوجود شقيقةٍ لي مسبقًا ياللعالم .. نهض تاي لينظر لها باستغراب: من اين اتيتَ بهذا ؟ .. اينوري بصوتٍ من القرشمة: لقد اتيت به من المطبخ بينما كُنتَ تسرد قصتك فقد تجولت بالمكان قليلًا .. تاي بصدمة: هاه ! ا-انتظر لحظة هل تقصد بانني كُنت اتحدث مع الجدران .. اينوري: كلا فقد استمعت لك انا ايضًا وليست الجدران فقط .. تاي بغضبٍ طفيف: اوه حقًا .. اينوري وهي تكمل طعامها: اذًا ومالذي حدث بعد لقائكما ..
⠀
اخذ يكمل بتنهد: حسنًا لقد اصبحتُ اراها بين فترةٍ واخرى اثناء تسللها ولكن اخي الاكبر لاحظ هذا فمنع حدوثه مرةً اخرى .. و بعد تسع سنوات من ذلك تم تزويجها لشخصٍ من الطبقة الوسطى والذي اصبح بعد زواجها بشهر خارجًا عن القانون فذاقت اسوأ اساليب العيش معه وبعد سنة من زواجهما تعرض للاغتيال .. فعادت للمنزل بطفلةٍ بعد ان اصبحت مشردةً بلا مأوى ولم يسمح لها بالعودة للملجأ لانها لم تعد فردًا من العائلة .. فدخلت منزلنا الرئيسي واخذت تترجى والدي بان يسمح لها بالعودة لدرجة انه كان على وشك تعنيفها بسبب العار الذي سببته ولكن اخي هيكاري قد اوقفه وفي النهاية تم نبذها للخارج وقد تركت طفلتها في المنزل قبل ان يتم طردها .. ولان ابنتها لم تكن فردًا من عائلتنا تم وضعها في دارٍ للايتام ..
⠀
صمت قليلًا ليكمل بغضبٍ مدفون: لم اتحمل ذلك بحق ! لم يكن للطفلةِ اي ذنب ولكنهم تخلصوا منها بلا اي تردد ! لم استطع تركها .. كانت اينوري تستمع له باهتمام فقالت بتوقع: اذًا هل اخذتها من دار الايتام .. تاي: كلا لم استطع فلازلت تحت السن القانوني لتبني طفل ! ولكن عم شين ساعدني بتبنيها واستأجار هذه الشقة بعيدًا عن اعين افراد عائلتي .. اينوري بتساؤل: عَم شين فعل ذلك وماعلاقته .. تاي: اجل انه والده .. اينوري: هاه ! .. تاي بإدراك: هذا صحيح انت لاتعلم بهذا .. اينوري: بماذا .. تاي: عمه هو والده بالتبني ففي الاصل شين يتيم الاب .. اينوري بدهشة لاتخلو من الصدمة: ايه !! حقًا يتيم !!! لم اتوقع هذا مطلقًا .. تاي: لايعلم الكثير بهذا ..
⠀
عندها ساد الصمت للحظات فاخذت اينوري تنظر لريكار: اذًا هل شقيقتك تعلم بحال ابنتها .. تاي بتنهد: كلا فانا لم اسمع منها خبرًا منذ ذلك اليوم .. ثم صمت لتظهر على محياه ملامحٌ عاجزة: جميع اناث عائلتنا يعشن حياةً فظيعة ومتدهورة لهذا قطعتُ وعدًا لنفسي بلا اقع بالحب ابدًا .. لا اريد ان اورط فتاةً اخرى بعائلتي لذا بدأت بالظهور كفتى لعوب حتى لا يتمسك بي احد .. اينوري بتفهم لايخلو من التفكير: اذًا فهذا سبب كونك شخصًا مزدريًا .. تاي بصدمة: مـ-مزدريٍ ! .. اينوري: هذا كان انطباعي عنك ولكن بعد سماعك الآن يمكنني القول بانني كنتُ محدود التفكير بحق .. عندها فقط ظهرت على محياها ابتسامة عفوية: لقد بدلتُ نظرتي عنك انك شخصٌ جيد .. اخذ تاي يتأمل وجهها: انكَ تملكُ جانبًا لطيفًا بحق بالنسبة لشخصٍ جانح .. اينوري بانفعال: ماذا قلت ! .. عندها فقط ضحك: هاقد عدت لطبيعتك الهمجية الآن ..
⠀
ثم نهض وتوجه نحو الخزانة ليفتحها ويبحث بين ملابسه: على اي حال فقد تأخر الوقت كثيرًا و لا اظن بانني املك ثيابًا بحجم طالبٍ للابتدائية هنا .. نظرت اينوري له باستغراب: مالذي تقصده .. التفت لها تاي: ماذا هل تريد النوم بنفس ماترتديه الآن .. اينوري بسذاجة: حسنًا لم افكر بهذا مسبقًا .. تاي: بالطبع لن تفعل لست اتوقع منك ذلك بتاتًا .. عندها فقط قالت بادراك لايخلو من الغضب: لحظة ! هل تقصد بان ملابس طلاب الابتدائية ستكون لي .. يكتم تاي ضحكته ويتحدث كالعادة: لم اقصد الاهانة ولكن حجمها سيلائمك .. عندها وجد القميص الذي كان يبحث عنه فرماه نحوها قائلًا: انه اصغرُ مالدي .. التقطته لتنظر له بتهكم: ماهذا القميصُ اللعين .. عندها فقط قام تاي بخلع سترته ليستبدل ملابسه ويرد عليها: انه لك فلترتديه .. فالتفتت لتفزع وتقول بغضب: ماهذا الفعل الغير لائق الذي تقوم به .. التفت لها تاي باستغراب: هاه ! غيرلائق ؟ .. نهضت بغضب لتتوجه للحمام قائلة: لم اخطئ عندما قلتُ انك منحرف .. ثم اغلقت الباب بقوة .. كان تاب قد تحجر مكانه واخذ يفكر بعقلٍ فارغ: هل يعقل بانني فعلتُ شيئًا خاطئًا ! ..
⠀
عند اينوري كانت ترتدي ذلك القميص بتذمر: انه عديم الاداب بحق .. ثم اخذت تنظر للمرأة بعد ارتدئها له والذي كان عبارةً عن قميصٍ ابيض يظهر اكتافها بسببِ فتحته الواسعة ويصلُ طوله لتحت ركبتيها واكمامه قد فاقت يديها طولًا .. اخذت تنظر لنفسها بتهكم " ياللعنة انني ابدو كالبلهاء بداخله .. حسنًا لايهم " .. بعد ذلك خرجت لينظر لها تاي وينفجر ضاحكًا: ماهذا تبدو وكانك ترتدي احدى الملاءات .. اينوري: فلتخرس انت وملاءتك هذه .. عندها استلقى على السرير في الجانب الايمن وهو لايزال يضحك: لقد مضى زمنٌ منذ ان ضحكت هكذا .. اينوري بغضبٍ طفيف: فلتضحك لتختنق .. عندها توقف عن الضحك واشار لها للجانب الايسر: يمكنك النوم هنا فالسرير يكفينا جميعًا .. اينوري بعدم اهتمام: ولما لا .. ثم توجهت للجهة اليسرى والقت بنفسها على السرير ليصبح السقف كُل ماتنظر اليه .. فتغمض عينيها محدثةً نفسها " بطريقةٍ ما اشعر انني متطلعةٌ للغد "
⠀
يتبع ...
أنت تقرأ
وحوش كالازهار (متوقفة)
Gizem / Gerilimفي بعدٍ اخر .. بين مجموعة من الكاذبين .. لا اعلم من اصدق ومن لا اصدق .. انه بُعد لم يكن علي الدخول له .. فانا في الاصل لا انتمي لهذا العالم الغريب المليئ بكائنات تدعي بانها بشر .. ولكنها ليست سوى وحوش تجسدت بشكل ازهار انيقة .. قد تعجبون فيهم منذ الن...