" لم يحرمني ابي من اي شيئ .. بل كان كل شيئٍ بالنسبةِ لي .. كان بطلي .. كان عالمي .. كان ابي وامي .. وسيظل ابي "
⠀
:: قبل إثنى عشرة سنة ::
⠀
دخل ليون البالغ من العمر اربعةٌ وعشرون عامًا إلى شقته ليرى ابنهُ نائمًا على الأرض فيسرع بحمله الى سريره .. توجه بعد ذلك إلى غرفته ليجد زوجته مقابل المرآة كالعادة .. فيستند على الباب قائلًا: الم تري شينتشي ملقىً على الأرضِ حين عودتك .. لم تلتفت سايا له وواصلت ماتقوم به لترد بلا اي اهتمام: امم اجل رأيته .. ليون: الم يكن عليكِ على الأقل تغطيته .. قد لاتعلمين هذا ولكن إن اصيب هو بالحمى فستنتقل لكِ وتعيق عملك .. ضحكت سايا لتقول: لاتقلق فأنا نادرًا ما اقترب منه .. لذا لستُ عرضةً لذلك .. ليون بعدم تصديق: وااه انكِ حقًا مثيرةٌ للدهشة هل تتفاخرين بهذا ايضًا .. ثم تقدم ليلقي بنفسه على سريره ويتمتم قائلًا: وهل تسمين نفسكِ امًا .. استدارت له: لماذا انت متعلقٌ بذلك الطفل هكذا .. رد عليها بجدية: انه ابني .. نظرت له بصمت ثم عادت لما كانت تفعله لتتمتم بعدم اهتمام: اجل انه كذلك .. ليون: لست اطلب منكِ الكثير ولكن فقط لاتتركيه يتذكر والدته بطريقةٍ سيئة .. سايا: لن افعل .. انني ابتسم في وجهه كلما التقت اعيننا .. صفق باستهزاء: رائع احسنتِ صنعًا .. سايا: إن الصغار ساذجون جدًا سيحبون اي شخص يبتسم لهم ويعطيهم الحلوـ.. قاطعها: هو مختلفٌ عن بقية الاطفال .. فمعدل ذكائِه يفوق عمره .. سايا: اعلم هذا .. لقد رأيته سابقًا يقرأُ بعض القصص .. يبدو بأنه بالفعل قد اتقن القراءة بالرغم انه لايزال في الخامسة .. ليون: اتقنها منذ الثالثة .. ابتسمت سايا رغمًا عنها: اجل اعلم بانك تعرفه اكثر مني .. لست بحاجةٍ للتباهي .. ليون: لستُ اتباهى بل انني اخبرك بأنه ليس ساذجًا كما تظنين .. نهضت سايا لتستلقي على السرير الاخر وتتمتم بعدم اهتمام: اجل اجل اعلم ذلك .. ثم اطفئت الانوار التي بجانب سريرها ليتنهي يومٌ اخر بروتينهما المعتاد ..
⠀
بعد عدة أشهر حدث يومًا وأن عاد ليون مبكرًا للمنزل ليفاجأ بوجود رجلٍ نصف عارٍ في شقته .. ارتبك الرجل الذي كان يشرب الماء وبدأ في السعال بشكل جنوني .. وفي هذه الاثناء خرجت سايا من الغرفة باستفهام: مالأمـ-.. فتفاجأ بوجود ليون امامها .. اسرع الرجل بأخذ ملابسه من الغرفة وهرب خارجًا فيما اخذ الإثنان ينظران لبعضهما البعض حتى تحدثت سايا: ماذا ؟ .. ليون: هل هذا ماتقولينه بعد ان يمسكِ زوجكِ برفقة رجلٍ اخر .. سايا: لاتثر كثيرًا من الضجة .. زواجنا كان مجرد عقدٍ على ورق .. انت وافقت على كل شروطي منذ البداية فلماذا تتذمر الآن .. ضحك هو باستهزاء: الغريب بأنني لا اشعر بأي شيئ .. يبدو بأنني بالفعل توقفت عن الإهتمامِ بكِ في نقطة ما .. عندها فقط تغيرت نبرته ليقول بحدة: ولكن كيف تجرؤين على فعل مثل هذه الاشياء في المكان الذي يسكنه ابني .. لو كان هو من عاد اليوم .. هل تعلمين كم من الأذى الذي ستسببينه له .. نظرت له بعدم تصديق: ماذا ؟ هل هذا مايهمك .. هل تظنني لستُ حذرة .. انه حتى لايعود في هذا الوقت .. ليون: هل تظنين بأنه لن يشعر او يلاحظ ذلك .. ثم قال بحدة: لاتفعلي ذلك مرةً اخرى هنا .. مافائدة الفنادق اذًا .. نظرت له بعدم تصديق لتدرك تمامًا بأنها حقًا اصبحت لاشيئ بالنسبةِ له .. بعد ان كانت كل شيئ ..
⠀
تخطاها ليتوجه للغرفة ولكنها استدارت لتصرخ بغضب: لماذا تنهي الأمر بكوني الشخص السيئ دائمًا هل تظنني لا اعاني .. انني اتحمل البقاء هنا كل هذا الوقت .. هل تظنني سعيدة بهذا المكان ؟ .. بالرغم من غنى عائلتك الا اننا نسكن في شقةٍ بغرفتين فقط ! .. هل هذا معقولٌ حتى .. استدار لها: وهل هذا خطأي .. سايا: ومن قال لك ان تتزوجني .. نظر لها بصمت فتدرك هي بأنها تخطت الحد ولكنها اكملت بإضطراب: اعني بعد كل شيئ انا لم اجبرك على الزواج بي .. انت من اقترح ذلك منذ الاساس .. رد بهدوء: اعلم ذلك .. ولست نادمًا ايضًا .. فلدي شينتشي الآن .. سايا: يبدو ان ذلك الصغير اصبح كل مايشغل تفكيرك الآن .. ليون: وماذا في ذلك .. انه ابنـ- .. قاطعته صارخةً بغضب: كلا انه ليس كذلك .. لاتجعل الوهم يخدعك ليون .. انه ليس ابنك .. ولن يكون كذلك .. اكتفى هو بالصمت لينتابها شعور الذل والخسارة فكل ماكانت تتفوه به نابعٌ من مشاعرها الأنانية .. عندها قالت بجدية: لننفصل .. نظر لها بتهكم: مالذي تقولينه الآن .. قالتها بكل برود: لا اعتقد بأنني اريد الإستمرار هكذا .. وايضًا انا لم اعد بحاجةٍ لك بعد الآن .. ثم اخذت حقيبتها من الطاولة وخرجت قائلة: سأرسل الأوراق للمحكمة اليوم .. وسأعود بالغد لأخذ مايخصني هنا ..
⠀
اخذ ينظر لها بلا اي تعابير وحالما خرجت ذهب وألقى جسده على الأريكة بتنهد بلا اي كلمة ولا صوت .. دفن رأسه في الوسادة ليحاول محو كل الافكار التي كانت تملئ رأسه .. هو اراد التخلص من كل شيئ للحظاتٍ فقط حتى يتنفس قليلًا .. فقط بضع لحظاتٍ وسيعود لإكمال كونه ليون ..
⠀
في المساء عاد شين للمنزل فأسرع والده باحتضانه وعصره بين يديه: لقد اشتقت لك كثيرًا .. شين بتهكم: لقد رأيتني الصباح فحسب .. اخذ والده يتذمر: انه وقتٌ طويل بالنسبةِ لي .. ثم ابتعد لينظر لشين بإبتسامة .. كان شين ينظر لعينا والده فيقول: ابي .. هل انت بخير ؟ .. تفاجئ من سؤاله حتى اختفت ابتسامته للحظه ولكنه سرعان مانهض مبتسمًا: ولماذا لا اكون بخير .. وشينتشي معي هنا ..
⠀
لاحظ شين عدم وجود حذاءًا ذا كعبٍ عاليٍ عند المدخل فسأل باستفهام: الم تعد امي بعد ؟ .. استدار والده: لديها عملٌ لذا لن تأتي .. صمت قليلًا ليكمل: وربما لن تأتي في المستقبل ايضًا .. ابتسم شين بحماس: اذًا هل استطيع النوم معك .. نظر له والده ليضحك بعدم تصديق: هل هذا كل مايهمك .. شين: استطيع اليس كذلك .. ليون بابتسامة: يمكنك ذلك .. ثم توجه والده للمطبخ: ماذا تريد على العشاء اليوم ؟ .. اسرع شين بوضع حقيبته على الأريكة ليلحق بوالده: اريد مساعدتك .. قهقه ليون: بحقك .. رفع شين اكمامه ليقول بتباهي: تعلمتُ تقشير البطاطا .. ضحك ليون لينظر له " كيف لي ان اتذمر .. ورؤيتك بجانبي هكذا يكفي ليكون كل شيئ بخير "
⠀
في اليوم التالي اتت سايا قرابة المساء ووضبت كل حاجياتها .. وقبل خروجها استوقفها ليون: وماذا عن شينتشي ؟ .. التفتت له: لا اريد ان اسمع عن وجوده حتى .. ليون: لم اتوقع شيئًا اخر منكِ .. سايا: لاتثقل على نفسك لأجلي إن لم تتحمل ذلك فلترسله لدار الأيتام فحسب .. لن الومك لذلك .. ليون بانفعال لايخلو من الحدة: انه ابني لست افعل هذا لأجلك .. سايا: كما تشاء .. عندها فقط تنهدت لتبتسم: شكرًا لك على كل شيئ حتى الآن .. لولاك لما كنتُ ما انا عليه اليوم .. لقد كنتَ صديقًا جيدًا لي حتى النهاية .. انني اقدر هذا .. ليون: اذهبي فحسب .. سايا: لم اتوقع وداعًا حارًا منك .. عندما افكر بالأمر اعتقد بأنني افسدت حياتك حقًا .. ولكن ما باليد حيلة .. انت من عرضت تحمل مسؤوليتي لذلك فهذا ليس ذنبي .. ليون: وهل قال احدٌ شيئًا ! .. سايا: انني اقول هذا فحسب ..
⠀
ارتدت نظاراتها الشمسية لتخرج ولكنها توقفت لتقول بتذكر: اه صحيح .. إن كنت مصرًا على الإحتفاظ بشينتشي حتى النهاية يجب عليكَ العودة لعائلتك .. فلا يمكنك تربية طفلٍ بلا ميزانيةٍ جيدة .. ربما سيعيدون التفكير بالأمر بعد انفصالنا .. انت ابنهم بعد كل شيئ .. ليون: لقد مضت خمس سنوات منذ إخراجي من شجرة العائلة هل تظنين ان الأمر سيهم الآن .. سايا: فلتفعل مايحلو لك .. فهذه اخر نصيحةٍ اسديها كصديقةٍ لك .. سأراك في المحكمة الاسبوع القادم لذا سيكون وداعنا الحقيقي ذلك اليوم .. فلن نرى بعضنا البعض مرةً اخرى .. حالما كانت ستخرج اوقفها مرةً اخرى: انتظري ! .. استدارت ببعضٍ من الإهتمام ليقول: فلترحلي بعد مجيئ شينتشي من المدرسة .. اعطِه رقمكِ وقومي بتوديعه بشكلٍ صحيح .. لاتدعيه يشعر وكأن والدته تخلت عنه .. تنهدت بخيبة امل: لازلت تقوم بهذا حتى النهاية .. وانا التي ظننته شيئًا اخر .. ليون: اصبحتُ ابًا بعد كل شيئ .. سأخرج لبعص الوقت لذا فلتنتظري هنا ..
⠀
دخل شين الشقة بعد عودته ليفاجئ بوالدته تقف بمنتصف غرفة المعيشة .. اخذ ينظر لها بهدوء لتتقدم هي وتبتسم ابتسامتها المصطنعة: لننهي هذا بسرعة .. جلست ارضًا حتى تصبح بمستواه فتقول: يبدو ان والدتك مضطرة لمغادرة المكان .. اكتفى هو بالصمت لتضطرب " ماهذا لا يوجد ردة فعل ؟ .. اه صحيح طلب مني اعطائه رقمي .. فليكن " .. قالت رقمها بسرعة حتى لاتتسنى له الفرصة لإدراك شيئٍ منه ثم قالت: انه رقمي يمكنك الإتصال بي وقتما تشاء .. عندها تحدث فقط ليعيد الرقم مرةً اخرى ويقول: لقد حفظته .. اتسعت عيناها لتنظر له بعدم تصديق فتنهض وتتمتم بإنزعاجٍ واضح: انت ذكيٌ حقًا .. اذكى مما ينبغي .. حدثها شين بهدوء: لاتقلقي لن اقوم بإزعاجك .. نظرت له " كل شيئ يحمله هذا الفتى يذكرني بذلك الشخص .. لذلك لا اطيق النظر له .. ولا اريد البقاء معه .. حان الوقت لنسيانه " .. سحبت حقيبتها وخرجت دون اي كلمةٍ اخرى ..
⠀
بعد مدةٍ من الوقت عاد ليون .. حالما سمع شين صوت الباب ترك كتابه جانبًا واسرع نحو المدخل ليقفز على والده ..احتضنه والده ليربت على رأسه ويقول بصوتٍ مرهف: مالأمر شين .. ابتعد شين لينظر في عينا والده: ابي .. فلننتقل من هنا .. ليون باستغراب: لماذا .. شين: لقد ذهبت امي الآن لذلك لا حاجة للعيش هنا .. فالمكان باهظ الثمن .. يمكننا اخذ مكانٍ اصغر من هذا .. سأكون بخيرٍ في اي مكان طالما ابي معي .. احتضنه ليون ليتمتم بعاطفية: تبًا انني على وشك البكاء .. شين: لماذا .. ابتسم ليون: ليس عليك التفكير باشياءٍ كهذه .. والدك سيحل كل شيئ لذلك لاتقلق .. فالقلق ليس لسنك ..
⠀
ثم نهض ليحمل الأكياس التي جلبها: حان وقت تحضير الطعام .. شين بحماس: هل هناك شيئ غير تقشير البطاطا اليوم .. ليون: تقشير الجزر .. شين بتهكم: انه لايختلف بتاتًا .. رد عليه بتذمر: لايمكنني السماح لك بفعل شيئٍ اخر .. ستؤذي نفسك .. شين: لقد قرأت الكثير من تعليمات المطبخ .. اظنني جاهزٌ للتطبيق الآن .. ضحك ليون: اوه حقًا ! ..
⠀
بالرغم من ان اوضاعهما لم تكن في احسن احوالها .. ولكن وجود كلٍ منهما كان سندًا للآخر .. ولكن يبدو ان هذا لم يستمر لوقتٍ طويل .. فأحدهما اضطر لإكمال طريقه وحيدًا
⠀
يتبع ...
أنت تقرأ
وحوش كالازهار (متوقفة)
Mystère / Thrillerفي بعدٍ اخر .. بين مجموعة من الكاذبين .. لا اعلم من اصدق ومن لا اصدق .. انه بُعد لم يكن علي الدخول له .. فانا في الاصل لا انتمي لهذا العالم الغريب المليئ بكائنات تدعي بانها بشر .. ولكنها ليست سوى وحوش تجسدت بشكل ازهار انيقة .. قد تعجبون فيهم منذ الن...