الفصل الرابع والأربعون: لأنني كاذبة

101 13 6
                                    

في تلك اللحظة لمحت سيكاي اينوري قادمةً فقالت: عند ذكرها فقط .. ضربت كتفهُ بخفة: فلتؤدي عملك على نحوٍ جيد .. ثم ذهبت بعيدًا لتقترب اينوري منه: اوي رين ! متى عدت ؟ .. ولم تخبرني حتى .. استدار لها رين: لقد عدت منذ قليلٍ فحسب .. اخذت تنظر يمينًا ويسارًا لتستفهم بقولها: مالذي تفعله هنا لوحدك .. رين: لاشيئ معين .. على اي حال لقد سمعت بحادثة جرس الإنذار .. اضطربت اينوري لتقول بردٍ سريع: آآه ذلك ! .. لقد كان حدثًا كارثيًا بحق .. رين " اذًا فهي لن تخبرني .. لايبدو بأنه سيكون بهذه السهولة " .. عندها فقط تغيرت نظرته لينظر لها بحنين " انا حقًا لا أريدُ ايذائكِ .. اخبرتكٍ مرارًا بالرحيل من هنا ولكنكِ كنتِ مصرةً على البقاء .. ليس وكأن لدي خيارٌ اخر .. فحياتي تعتمد على هذا " .. عندها فقط اخرجته اينوري من افكاره بقولها: مابال نظراتك المريبة هذه .. عاد لصوابه ليربت على رأسها: لقد كنت افكر بأيامنا السابقة .. انتِ كبرتي حقًا .. ابعدت اينوري يده بعنف: توقف عن معاملتي كالأطفال .. ضحك رين: اراهن بأن طولكِ هو الشيئ الوحيد الذي تغير .. لاتزالين طفلةً كالسابق .. وايضًا ما قصةُ هذه القبعة الغريبة التي ترتدينها .. اينوري: لدى شعري مشاكلٌ صحية .. ضحك ليقول: هل انتِ حمقاء .. أنني افتقد تلك الأيام بحق .. لقد كان ذلك قبل ست سنواتٍ اليس كذلك .. اينوري بتذكر: بداخل قطار الأنفاق .. يوم لقائنا الأول ..
‏⠀
:: قبل ست سنوات :: في إحدى الأيام الممطرة أسرع مجموعة من الناس إلى احد قطارات الأنفاق الذي كان على وشك الرحيل وكان من بينهم طالبُ الإعدادية رين .. استند على الحائط بعد دخوله ليلتقط انفاسه بعد كل هذا الجري ثم اخذ ينظر حوله وقد كانت جميع المقاعد ممتلئة .. بعد مدة توقف القطار بمحطةٍ ما ليدخل اربعةُ طلابٍ من الثانوية ليتوجهوا لمقاعد كبار السن .. وبشكلٍ غير متوقع صرخ احد الفتية نحوهم: فلتنهضوا .. نظر الجميع لما حدث ولكن لم يتحرك احد .. كان رين ينظر لما يحدث بصمت " لستُ أملك الشجاعة الكافية للتدخل .. لن يوقعني هذا الا في المشاكل " .. عندها ركل الفتى المقعد ليقول بغضب: الم تسمعوا ! .. نهض إثنان وتبقت إمرأة والتي كانت تواجه صعوبةً في النهوض .. فصرخ ذلك الفتى بوجهها: مالأمر ايتها العجوز .. الن تنهضي .. عندها فقط تحدثت اينوري من خلفه: توقفوا أيها الأوغاد .. التفت الفتى ليبحث بالأرجاء قائلًا: هل اتخيل ام أنني سمعت صوت احدهم .. ضحك الآخر: اوي فلتنظر للأسفل .. نظر الفتى لها ليضحك ويقول بإستفزاز: فلتذهبي لأمكِ يا صغيرة فهذه ليست لعبةً للأطفال .. تحدث الأخر: تنحي جانبًا أخشى بأن أمشي فوقك واسحقكِ بالخطأ ..
‏⠀
انفجر البقية ضحكًا ولكنها بصقت عليه لتقول بغضب: فلتذهب للجحيم يا هذا .. عندها فقط غضب ذلك الفتى وامسك بيدها لتحاول هي ان تفلت منه: دعني أيها المتوحش .. اعطى الفتى اشارة لصديقه فاستعد صديقه لضربها ليمسكه رين بتلك اللحظة: توقف ! .. نظروا له بإنفعال: مالذي تريده ؟ .. رين بحدة: التعدي على كبار السن وضرب الفتيات الصغيرات لن يجعل منكم رجالًا .. نظر الفتى لرفاقه بضحك ليقول: يبدو أن هذا الوغد يريد شجارًا .. رين: لا اظن بأن الشجار هنا سيكون فكرةً جيدة لذا ..
‏⠀
عندها فقط دفع رين الفتى وحمل اينوري فوق كتفه ليسرع بالخروج من القطار الذي كان للتو قد فتح ابوابه .. اسرع بالخروج من المحطة وقد كان ملاحق من قبل أؤلئك الفتية ..
‏⠀
توجه لزقاقٍ فارغ لينزل اينوري من كتفه: فلتبقي هنا .. ثم يلتفت لهم بابتسامة: فلننهي هذا بسرعة .. بدأ بضرب واحدٍ تلو الآخر .. كان يتفاداهم بسرعةٍ جنونية لم يستطيعوا مجاراتها وقد كانت اينوري تراقب مايحدث امامها: انه مذهل ! .. وبعد ان انتهى من شل حركتهم لفترةٍ مؤقتة امسك بأينوري وأسرع لمكانٍ اخر حتى انتهى بهم الأمر بإحدى المتنزهات العامة ..
‏⠀
القى رين بنفسه على ذلك العشب الموحل ليتنفس براحة: يبدو أنني اضعتهم .. القت اينوري نفسها بجانبه: لقد كان ذلك مذهلًا كاللعنة ! .. عندها فقط ادرك رين حقيقة وجودها ثم نهض ليقول بعدم تصديق: انتِ !!! .. هل جننتِ لقد كدتِ تقعين بورطة ! .. اينوري بابتسامة: ولكنك كنت موجودًا هناك .. رين: وماذا إن لم اكن موجودًا ! هل لكِ ان تتصورين ماكانوا سيفعلونه بك .. اينوري: لماذا اتصور شيئًا لن يحدث .. رين: وما ادراك بأنه لن يحدث .. لاتظني بأن الجانحين امثالهم سيتساهلون معكِ لأنكِ طفلة .. اينوري بحماس: اذًا فلتعلمني كيف أصبح قوية .. رين بتهجم: ماذا ! .. اينوري: لقد كنت مذهلًا هناك فلتعلمني كيف اقاتل مثلك .. رين بضحكة: هذه ليست لعبةً للأطفال يا صغيرة .. اينوري بغضب: لست امزح ! .. أنني اريد ان اصبح قويةً مثلك .. الايمكنني ! ..
‏⠀
نظر لها رين بتمعن: ليس وكأنه لايمكنكِ ذلك فأنتِ تملكين الشجاعة التي لايملكها غيرك .. وبالنسبةِ لبنيتك فأنتِ نحيلة لذا سيمكنكِ التحرك بسرعةٍ مذهلة .. ان كانت قدرة تحملك عالـ.. عندها فقط ادرك نفسه فنهض ليقول بصرامة: لقد كدتِ تخدعينني .. اذًا اين والديك ياصغيرة .. لابد انهما قلقان الآن ..
‏⠀
اينوري بتهجم: ليس لدي والدان ! .. رين بمزاح: هل هربتي من المنزل لأنهما لم يقدما لك الحلوى .. نظرت له اينوري بعينين لاتخلوان من الجدية والصدق: انني لا امزح .. انا لا املك والدين .. صمت رين للحظة " لايمكن لعينان كهذه ان تكذب " .. عندها سحبت اطراف أكمامه لتقول بإصرار: فلتعلمني كيف اصبح أقوى ! .. لأتمكن من الدفاع عن نفسي .. قام رين بسحب وجنتيها بشدة: توقفي عن طلب هذا .. فلتتصرفي كبقية الأطفال .. اينوري وهي تبعد يداه بغضب: دعني !! .. وايضًا انا لست طفلة .. ابعد رين يداه بضحك: اذًا اين منزلكِ يا صغيرة .. اينوري بتذمر: توقف عن منادتي بصغيرة .. فأنا ادعى اينوري .. رين: ياله من اسمٍ جميل .. اينوري: وماذا عنك ؟ .. رين: همم انا ؟ .. اينوري: اذًا هل تظنني اسأل الأعشاب .. ضحك رين: أسمي كينيا رين .. ابتسمت: رين اذًا .. رين: لاتناديني بأسمي الأول .. اينوري: لماذا ! .. رين: لأنني لا احبه .. اينوري بمباغته: رين .. رين .. رين .. ضحك رين وقام بسحب وجنتيها بقوة مدعيًا الغضب: هل تريدنني ان اعاقبك .. اينوري بتألم: آآآآخ اتركني !!! .. رين: فلتعتذري اولًا .. اينوري: انا اسفة سيدي ! فلتتركني .. تركها لتمسك وجنتاها بألم: يالك من متوحش ! .. عندها فقط هربت بعيدًا لتنادي بأسمه بدون توقف فضحك هو: ياللشقية يبدو انكِ تريدين المزيد..

بعد سنةِ من لقائهما .. كانت اينوري تجري نحو مكان اللقاء المعتاد وتلوح له بابتسامة: اوي رين ! .. يلتفت لها رين: اهلًا يا صغيرة .. اخذت تدور حول نفسها بابتسامة: انظر نظر ! .. رين: لقد اصبح شعركِ اطول .. اينوري بحماس: اجل ! يمكنني استخدامه كوشاحٍ في الشتاء .. ضحك رين: ياللحماقة .. اينوري: لاتغضبني .. اقترب منها واخذ يعبث بشعرها: حسنًا حسنًا لن افعل .. ابعدت اينوري يده بعنف: توقف عن إفساد شعري ! .. رين: لقد اصبحتي طفلةً جميلة ..اينوري بإنفعال: لاتقل طفلة .. عندها فقط استغلت اينوري دفاعه المنخفض فوجهت له ركلة لكنه تفاداها بتراجعه للخلف بسرعة وكأنه كان يتوقعها ليبتسم باستفزاز: ولا بعد مئة سنة .. اينوري: اللعنة كيف تمنكت منـ .. قاطعها: ببساطة فأنا لم اخفض دفاعي ولو للحظة .. ثم اقترب منها وبحركة سريعة سكب فوقها علبة ماءٍ مثلج فتفزع هي ليبتسم لها قائلًا: والآن هذا هو عقابك .. يالحماقتك انكِ دائمًا ماتقعين بنفس الفخ .. تهجم وجهها: يالك من وغد .. هذا لأنك دائمًا ماتقوم بها على غفلة مني .. اخرج رين منشفةً من حقيبته ليغطي رأسها قائلًا: هذا لأنكِ دائمًا ماتخفضين دفاعاتكِ .. يجب الا تخفضي دفاعكِ ابدًا .. حتى وإن كنتِ بجانب الأشخاص المقربين لك .. فلتكوني على استعدادٍ دائمًا .. اخرجت اينوري وجهها من المنشفة بتململ: ليس وكأن لدي اشخاصٌ مقربين غيرك .. رين: امم .. ربما سيصبح لديكِ بالمستقبل ..

نعود للحاضر .. رين: لقد كنتِ وحيدةً دائمًا في السابق .. اذًا هل حصلتي على أصدقاءٍ الآن .. اينوري بتفكير لايخلو من التردد: اجل .. اثنان .. رين بحدة: لاتثقي بهما اذًا .. فسيقومون بخيانتكِ في اي لحظة .. اينوري باستنكار: انت لاتعرفهم لتقول هذا .. رين: اذًا هل اخبرتهم بهويتكِ الحقيقية .. استغربت اينوري سؤاله المفاجئ: ماذا ! .. بالطبع لم افعل .. رين: الا يعني هذا بأن صداقتكم مجرد كذبة .. اينوري باستغراب: ايه ! .. رين: انتِ صديقتهم فقط لأنكِ تدعين كونكِ ايون .. انكِ تكذبين عليهم .. وما ادراكِ بأنهم لايقومون بالكذب عليكِ كما تفعلين لهم .. اينوري بإضطراب: انا ليس لدي اي دافع سيئ .. رين: ولكن هذا لايغير حقيقة خداعكِ لهم .. أنتم لستم اصدقاء انتِ تتوهمين ذلك .. فلتعيشي الواقع .. قبضت اينوري يدها بإنزعاج: لماذا انت تتحدث هكذا .. احس رين بأنه قد بالغ في حديثه فرفع يده ليربت على رأسها: انا اسـ .. ابعدت يده بغضب: لاتلمسني .. ثم ابتعدت عنه بلا اي كلمةٍ اخرى ..

توجهت لغرفتها بالسكن وجلست على الأريكة الموجودة بمنتصف الغرفة .. نزعت قبعتها ورمتها نحو الارض بغضب ولكنها سرعان ما احتضنت قدميها واخذت تنظر للأرضِ بإكتئاب " ليس لي حقٌ بالغضب من كلامه .. فـ رين محق .. ليس لي الحق بصداقتهما لأنني كاذبة .. انهما لايستحقان شخصًا سيئًا مثلي " ..

يتبع ...

وحوش كالازهار (متوقفة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن