الفصل الثالث والخمسون: فجوةٌ كبيرة

108 9 17
                                    

في الصباح الباكر دخل تاي منزل شينتشي ليضع ريكار حتى تلهو برفقة ليو وليندا .. وفي هذه الاثناء استيقظت اينوري لتخرج من الغرفة بعينين ناعسة ولكنها تفاجئ بتاي امامها حتى تصحو تمامًا .. نظر لها تاي باستغراب: مالذي تفعلهُ انت هنا .. ارتبكت فلم تعرف اي عذرٍ ستصنع وفي هذه الاثناء تحدث شين الذي خرج من الغرفةِ الأخرى: ذهبنا لحفل زفاف والدتي بالامس .. قطب تاي حاجبيه بعدم استيعاب واكتفى بالصمت ولم تمضي دقيقة حتى خرج بلا اي كلمة .. اينوري بعدم تصديق: كيف تخبره بهذه الطريقة !! .. لابد انه استاء بشدة ! .. شين بلا اي تعبير: لو اخبرتهُ الآن او لاحقًا لاشيئ سيتغير .. دفعته اينوري خارجًا: فلتذهب لإحضاره فحسب .. شين: حسنًا .. ثم خرج بهدوء لتلتفت هي لمصدر الإزعاج وترى ريكار تعبث برفقة الكلاب فتضطرب وتتذكر لقائها بهما ..

:: في الليلة السابقة :: دخل شين المنزل لتليه اينوري وتفزع من نباح الكلاب المفاجئ فتتشبت به من الخلف بغير ادراكٍ منها .! فيحدثها بهدوء: لاتقلق انها أليفة .. تدرك نفسها فتبتعد بتبرير: آآه لقد تفاجئت فحسب ..

جلس يداعب الكلبان بابتسامةٍ خفيفة فتجلس هي بجانبه وتحدق باستغراب .. فيلتفت لها: ماذا ؟ .. عادت لحدسها: هاه ! .. شين: مالذي تحدق به .. اينوري: انها فحسب المرة الأولى التي اراك فيها ودودًا مع احدهم .. شين: حقًا .. اينوري: اجل .. ثم نظرت لهما وقد كانا كالذئاب المفترسة التي تعيش في الغابة فتبتعد قليلًا بإضطراب: لابد انكم مقربون كثيرًا .. شين: انهما جزءٌ من العائلة .. اشار لهما قائلًا: هذا ليو .. وهذه ليندا .. لوحت اينوري لهما مبتسمة رغمًا عنها ليهجم عليها الاثنان فتصرخ بفزع: يا إلهي ارحمني .. ابعدهما شين وساعدها بالنهوض: يبدو انك تروق لهما .. اينوري بشحوب: ارى هذا بوضوح ..

نعود للحاضر وقد كانت تنظر لهما بحقد: هذه الكائنات المتوحشة .. فتسرع بحمل ريكار وتبتعد عنهما ..

عند شين فقد كان يلحق بتاي: الن تتوقف .. استدار تاي باستياءٍ واضح: ماذا تريد ! .. حدثه بجدية: اعتذرعن كذبي عليك .. اضطرب تاي قليلًا ولكنه اكمل: لماذا ذهبت اذًا ! .. شين: لقد كنتُ مترددًا حتى اخر لحظة ولكنني قررتُ الذهاب .. لم اخبرك لأنني اعلم بأنك لاتريد مناقشة الموضوع بتاتًا .. ازداد مزاجه سوءًا بعد سوء: هل هذا سببٌ حتى ! ..  ولماذا ترددت في الذهاب بالاصل .. فلا شأن لك مع تلك المرأة .. شين: لم اذهب لأجلها .. تاي: لأجل ماذا اذًا ! .. شين: تلقيت دعوةً من خالتي وقد ذكرت بأن لديها حديثٌ مهم تخبرني به .. تقبل تاي الامر قليلًا ولكنه اكمل بنفس النبرة: وماذا كان لديها ! .. صمت شين ليكسو وجهه بعضًا من الضيق .. فيحدثه تاي بقلقٍ لم ينجح بإخفائه: مالامر .. مالذي حدث ! .. شين: عندما كنتُ اخرج مع والدي سابقًا .. كان جميع الناس يستغرب قرابتنا .. فكثيرٌ منهم اكد انعدام الشبه بيننا .. بالرغم من هذا انا لم اعر الامر اي اهتمام .. ولكن خالتي بالامس قالت بأنني لم اكن ابن والدي .. لذلك انا فهمت الامر الآن فقط .. رفع تاي حاجبيه بعدم استيعاب ليقول باستنكار: ماذا ! .. مالذي تقوله الآن .. مالذي يعنيه هذا .. شين: انه يؤدي الى حقيقة واحدة .. وجودي ليس سوى نتيجةً عن خيانةٍ من والدتي .. تاي بعدم تصديق: مستحيل هل هذا يعقل حتى .. شين: لست استغرب هذا منها ابدًا .. انه شيئٌ هي ستفعله .. ولكن مع هذا فقد شعرت بخيبةٍ قليلًا .. تقدم تاي ليمسك بكتفيه ويهزه بانفعال: بالطبع ستشعر بالخيبة والحزن والكثير .. فهذا ليس شيئًا عاديًا ابدًا .. هل انت احمق .. شين: مالذي تفعله .. تاي: احاول تحريك المشاعر التي بداخل هذه الصخرة .. شين بتهكم: توقف .. ابعد تاي يديه: حسنًا كُنت امزح .. ثم سأله بجدية: هل انت بخير ؟ .. شين: هل ابدو لك كذلك .. رد ببعضٍ من السخرية: تستحق ذلك لذهابك دون علمي .. ثم امسك بذراعه ليسحبه عائدًا ادراجه: سأتاكد من بقائك بخير لبقية حياتك .. لذلك انسى كل ماحدث واعتمد علي فحسب ..

بعد عودتهما وجدا اينوري جالسة في الزاوية بهالةٍ سوداء تملؤها الكآبة .. فيحدثها تاي باستغراب: مالذي حدث هنا ! .. استدارت وبدأت بالشكوى: لقد تمكنت تلك الكائنات المفترسة من اختطاف ريكار مني .. انفجر تاي ضاحكًا: بحقك لاتقل لي بأنك تعاركت مع الكلاب ايضًا .. اينوري: اخرس هذا ليس مضحكًا .. تاي: ريكار صديقةٌ لهم وليست فريستهم .. انظر لها كم هي سعيدة برفقتهم .. ليس كإحدهم هنا يخشى الكلاب .. اينوري: هاه ومن يخشى الكلاب هنا .. انفجر تاي ضاحكًا فألقت وسادةً سحبتها من الاريكه على وجهه .. فينبطح ضحكًا .. وفي هذه اللحظات لاحظت شين الذي كان واقفًا بهدوء اكثر من المعتاد " لابد انهما قد تصالحا برؤية ذلك الاحمق يموت ضحكًا .. ولكن يبدو وكأن شين سينباي لازال مكتئبًا "

بعد توقفه عن الضحك قام بحمل ريكار بابتسامة: هل اشتاقت لي صغيرتي .. ثم التفت للآخرين: اوي الم يحن وقت الافطار بعد .. فريكار ستموت جوعًا .. اينوري: الست تتحدث عن نفسك .. وجه تاي نظره لشين ليستدير شين للمطبخ قائلًا: حسنًا سأعد الإفطار حالًا .. لحقت به اينوري: سأقوم بالمساعدة .. سحبها تاي من قميصها باستنكار: وهل يعرف شخصٌ مثلك ماهو المطبخ حتى .. ابعدت يده باستهزاء: اراهن بأنني اعرفه افضل منك .. تاي: انظرو من يتحدث ..

دخل شين المطبخ وكان كلاهما قد لحقا به فتحدث بتهكم: لنضع تاي جانبًا فهو لايعرف سوى كيف يأكل .. تاي: وتقوم بإهانتي امامي ايضًا .. نظر شين لها: ماذا عنك .. ردت بثقة: استطيع الطبخ افضل من احدهم هنا .. تاي: كما تعلم ذلك الذي تتحدث عنه يقف بجانبك .. شين: ومالذي يمكنك طبخه .. اينوري: شعيرية سريعة التحضير .. صمت شين ليستفهم تاي: وماهذا الطبق .. اينوري: بحقك الا تعرفه .. تاي: لم يتم تقديمه لي من قبل .. اينوري: لا فائدة منك حقًا .. شين: لا فائدة من كليكما فلتخرجا فحسب ..

خارج المطبخ تحدثت اينوري بخيبة: لقد تم طردنا .. تاي: لم اتوقع شيئًا اخر .. اينوري: لاتقارني بك ياعديم الفائدة .. تاي: وكأنك خارجٌ من الصورة .. عندها فقط تغيرت نظرته فأمسك بذراعها وسحبها للفناء الخلفي .. سحبت اينوري يدها بعدم تصديق: مابالك فجأة هل جننت .. تاي: هل تظنني سأتغاضى عن الامر .. اينوري: هاه ! .. اخذ يتذمر: لماذا انت من ذهب برفقة شين بالامس .. منذ متى اصبحتما صديقين حتى .. اينوري: ايه ! اممم لا اعلم ان كان يراني كصديقٍ له .. ولكننا مؤخرًا اصبحنا نتحدث في كثيرٍ من الأحيان .. خرجت ضحكة استهزاء من فمه ليرفع حاجبه باستنكار: تتحدثان ؟ .. انت وشين .. ليست حتى نكتة مضحكة .. عقدت حاجبيها بانفعال: انها الحقيقة نحن نتحدث .. تاي: بحقك شين لايتحدث الا لشخصٍ واحد وهو انا .. هو لن يتحدث لأحدٍ غيري .. هو لايتحدث حتى لعمه .. اينوري: ولكنه يتحدث معي ايضًا .. تاي: وماذا يقول ! .. اينوري: لقد اخبرني عن كاتبه المفضل .. انه يدعى ايتشيكي كيوسكي .. وقد حدثني عن خالته ايضًا .. واخبرني مرةً عن مشاعره تجاه والدته .. والكثير من الاشياء .. رد بعدم تصديق: ماذا ! .. اينوري: انه لايتحدث كثيرًا ولكن ربما بدأ يعتادني قليلًا .. ثم نظرت لتاي الذي كان ينظر لها بتهجم لايخلو من الاستياء فتسأله باستغراب: مالأمر .. عاد للداخل: لا شيئ ! " وكان قد اخبرني بأنه لايثق به ولكنه الآن اصبح مقربًا منه !! "

وفي اثناء تناولهم للفطور كانت الهالةُ حولهم مريبةٌ جدًا فأحدهم كان يستشيط غضبًا والثاني قابعٌ في افكاره السلبية والثالث تملكه الإرتباك بينهم.. والرابع مجرد طفلة .. ولم تمضي دقائق حتى نهض شين لتلتفت له اينوري: ولكنك لم تأكل شيئًا .. شين: لست اشعر بالجوع .. اينوري: هاه .. ونهض الآخر بعده لتنظر له باستنكار: وماذا عنك انت ايضًا .. رد بتهجم: لاتحدثني .. اينوري: هااه ! ومالذي اخطأتُ انا بفعله .. انتهى بها الحال برفقة ريكار لتنهض هي ايضًا وتأخذ الطفلة معها بتهجم وتبدأ في التذمر: انني اعلم بأن شين سينباي يمر بوقتٍ عصيب .. ولكن مابال ذلك الاحمق الذي غضب فجأة !! .. ثم رفعت ريكار لتقابلها وجهًا لوجه: نيييه ريكا ! مالذي علي فعله .. ابتسمت ريكار: احمق .. تضحك اينوري: اجل انه احمق ..

مضى الوقت بسرعة حتى اقترب المساء فخرجوا ليوصلوا ريكار للشقة ثم يتوجهون نحو المدرسة قبل حظر التجول .. بعد وصولهم توجه كلٌ منهم لغرفته بلا اي كلمة .. القت اينوري بنفسها على السرير: هاقد عدتُ اخيرًا .. ثم نهضت لتشرب بعض الماء ولكنها صادفت تاي في منتصف الغرفة .. نظرا لبعضهما وقد استدار ليعود ادراجه ولكنها استوقفته بغضب: مامشكلتك بحق خالق الجحيم ان كان هناك شيئًا فلتقله .. تاي: اسف .. تفاجئت من سرعة خضوعه: ايه ! .. التفت لها: لقد كنت اتصرف بطفوليةٍ لذلك انا اعتذر .. اينوري: ولكن لماذا .. جلس تاي على الأريكة وقال بقليلٍ من التردد: شين شخصٌ كتومٌ جدًا ولايثق بأي احدٍ بسهولة .. وكنت انا الشخص الوحيد الذي يثق به ويتحدث معه بكل حرية .. نوعًا ما كنت اشعر بأنني مميزٌ بالنسبة له .. لذلك عندما اخبرتني بأنه اصبح يتحدث معك ويثق بك شعرت بالغيرة الشديدة وبدأت اتصرف بطريقة غبية .. انا حقًا اسف .. اينوري: ايه !!! ولكن بالتأكيد شين سينباي يفضلك اكثر مني ! .. اعني انتما مقربين جدًا وتعرفان بعضكما منذ الأزل .. تاي بتهكم: هل تحاول مواساتي الآن .. اينوري: وهل ترد علي هكذا بينما افعل ذلك !! .. عندها ضحك الأثنان فقال تاي: انني سعيدٌ بذلك .. فـ شين اصبح لديه شخصٌ اخر يهتم به .. فهو دائمًا مايجعل كل من حوله اعداءً له .. ثم نظر لها بتهكم: على الاقل افضل من شخصٍ يتعارك مع كل من يمر بجانبه .. اينوري: انا لا افعل هذا ! .. تاي: انت تعاركت مع احدهم بحفل الزفاف اليس كذلك ! .. اينوري: ايييه ! كيف عرفت ذلك .. تاي: ايييه ! هل فعلت ذلك حقًا .. اينوري: اخرس لم يكن خطأي لقد كان احدهم ينعتني بالقصير .. انفجر تاي ضاحكًا: اصدق شيئٍ قد سمعته اليوم .. رمت اينوري وسادةً على وجهه ثم عادت لسريرها: إن استيقظت غدًا على موسيقاك الصاخبة سأقتلك ..

قرابة منتصف الليل استيقظت اينوري عطشًا لتذهب وتشرب كأس الماء الذي نسيت ان تشربه سابقًا .. وحين عودتها وقفت لتنظر للنافذة .. والتي كانت تطل على حديقة الاشجار الموجودة خلف السكن .. فحدث وأن لاحظت شخصًا يجلس على احدى المقاعد لتقول بدهشة: أهذا شين سينباي !! .. بالرغم انني لا ارى وجهه ولكنه هو بالتأكيد ..

تسللت خارجًا لتسرع بالذهاب له .. اخذت تنظر له من الخلف بصمت وكانت على وشك العودة ولكنه فاجئها بقوله: الم تستطع النوم ؟ .. التفتت باستغراب: ايه هل رأيتني .. استدار شين: رأيت انعكاسك من زجاج المصباح .. اينوري: وكيف تراني من شيئٍ صغير كهذا .. ثم جلست بجانبه: مالذي تفعله هنا .. شين: افكر .. اكملت: بماذا تفكر ؟ .. شين: بالكثير من الاشياء .. اينوري: هل كنت تفكر بما سمعته في الزفاف طوال الوقت .. فقد بدوت هادئًا طوال اليوم .. شين: ومتى لم اكن هادئًا من قبل .. اينوري: كلا لقد كنت هادئًا اكثر من المعتاد .. انت حتى لم تضحك عندما كان تاي يسخر مني .. شين: ولماذا قد اضحك .. اينوري: انك تضحك دائمًا في هذه المواقف .. شين: منذ متى .. اينوري: لن تعرف لأنك لاترى نفسك انا من اراك تفعل ذلك ..

عندها فتحت ذراعيها: ان كنت لاتشعر انك بخير يمكنني اعارتك كتفي ثانية ان اردت ذلك .. هذه الطريقة لها تأثيرٌ كبير .. نظر لها لبرهة حتى يقول بجفاء: لا اريد .. شعرت بضربة الرفض ولكنه اكمل: انني بخيرالآن لذلك لست بحاجةٍ له .. ولكن ايمكنك اعارتي اياه ان احتجته مستقبلًا .. ردت باستغراب: ايه ! .. بـ-بالطبع .. ثم عاد ينظر للارجاء مجددًا: على اي حال من علمك طريقةً كهذه .. بتفاجؤ: ايه ! .. ثم ردت باستيعاب: آآه كان ذلك شخصًا بالإعدادية .. شين: همم .. أكان فتى ؟ .. اينوري: كلا كانت فتاة .. ولكننا لم نكن مقربين كثيرًا فقد انتقلت بين العديد من المدارس في الإعدادية .. لم تتسنى لي الفرصة لمعرفتها جيدًا .. عندها فقط ادركت نفسها: يبدو انني اثرثر كثيرًا باشياء لاداعي لها .. شين: كلا .. يروقني الاستماع لك .. اينوري: حقًا .. شين: اجل .. اينوري: ليس من عادتي التحدث كثيرًا ولكن بطريقةٍ ما فأنا اتحدث بلا اي ادراك عندما اكون برفقتك ..

ساد الصمت بينهما لبرهة حتى تحدثت هي بجدية: نيه سينباي .. التفت لها: ماذا ؟ .. اينوري: انت تعرف عني اليس كذلك .. تفاجئ من سؤالها ولكنه حافظ على تعابيره المتجمدة واخذ يسايرها: اعرف عن ماذا ؟ .. ادارت وجهها بارتباك: كلا لاشيئ .. وكانت تصرخ داخليًا " لأي درجةٍ من الغباء قد وصلت لأسئله شيئًا كهذا !! يا إلهي اريد شنق نفسي .. مالذي كنت افكر به هل جننت !! " .. عندها نهض قائلًا: تأخر الوقت .. لنعد للداخل .. نظرت له: اه اجل .. ثم نهضت هي الاخرى ..

يتبع ...

وحوش كالازهار (متوقفة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن