٢) الليلــةُ الماطِـرة.

5.5K 411 72
                                    


صوت طرقات على الباب اخترقت ماضيَِ كالصاعقة في السماء،.

"أدخل".

قلتها ولم أعِ أني فعلت... لم يكن بالي في مكانه... كنتُ مشوشاً وتائهاً بين دهاليز الماضي.

"سيد مروان، هل أقلك إلى ....

قاطعته بصرامة.

"كلا، سأعود سيراً على الأقدام".

"حسنٌ، طابت ليلتك".

وأغلق الباب خلفه دون أن يحاول مناقشتي فهو أكثر دراية من غيره بمزاجي.

كان سكرتيري يُقلني بسيارته في الآونة الأخيرة إذ أن سيارتي في ورشة التصليح، ولكنني لم أشأ العودة إلا على أقدامي في مثل هذا الطقس، اليوم تحديدًا، اِنتابتني رغبة مفاجئة في السير تحت المطر.

اتجهتُ إلى مكتبي حيث تركتُ الرسالة التي لم أكمل قراءتها بعد. لم يكن لي مزاج لإكمالها حين ذاك. لذا وضعتُها في الجيب الداخلي لسُترتي وارتديتُ معطفي كي أعود إلى المنزل.

كنتُ أحتفظ بمظلة في غرفة المكتب، أخذتُها وخرجتُ من المكتب وشرّعتُها عندما وصلتُ إلى درج المدخل، ومضيتُ سائراً على الرصيف عائدًا إلى منزلي.

كان الشارع خاويًا في تلك الساعة من الليل، وكانت قطرات المطر تؤنس وحدتي تلك الليلة، تلطم خدي، تبلل قدمي، وتطرب مسامعي.

توقفتُ عن السير فجأة عندما لمحتُ طفلين يقفان أمام متجر للأطعمة، سمعتُ همهمات من كلامهما وكان أكبرهما يقول زاجرًا الآخر..

"انسَ الأمر، أنفقتُ كل النقود لشراء ماطلبته والدتنا، أنى لي أن أشتري لك حلواك تلك".

تذمر الأصغر سنًا وأخذ صوته يتهدج وهو يناجي شقيقه ليشتري له الحلوى.

حاولتُ المضي في طريقي ولكن قدمي ّ
تصلبتا وحثتاني على التوجه إلى الولدين.

كان أحدهما يحمل مظلة قديمة ويحاول الاستظلال بها مع من خلته يكون شقيقه الأصغر.

تخطيتهما ودلفتُ إلى داخل المحل.

جلتُ بنظري في محتوياته متجاهلاً عبارات الترحيب من صاحب المحل، أخذت مجموعة متنوعة من الحلوى ودفعت ثمنًا سخيًا عليها وسط دهشة البائع.

خرجتُ من المحل وكان الولدان في مكانهما أحدهما يخاصم والآخر يناجي.
مددتُ كيس الحلوى إلى الطفل الباكي، فتهلل وجهه وابتدلت دموعه بابتسامة ملئ شدقيه.

أشِقّاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن