فصل إضافي ٤|لأنك ولِـدت.

1.4K 120 63
                                    

..
..

١٤ نيسان/ أبريل ٢٠٢١

داس بقدميه على العشب الأخضر النضر وأخذ نفسًا عميقًا ليُدخل لجوفه ما استطاع من عبق أنسام ذلك الصباح الربيعي، انتبه لها وهي جالسة على مقعدٍ منفردٍ طاويةً ركبتيها وتتصفح كتابًا، ابتسم واقترب منها على أطراف أصابعه وقد بدا له أنها مُغيَّبةً الذهن، وقف خلفها تمامًا وقبل أن يُفاجئها اتسعت عيناه حين رأى ما كانت تقرأ فلم يتمالك ضحكةً مدويةً صدحت منه وأفزعتها.

التفتت إليه مشدوهةً وهي تراه غارقًا في ضحكه، ولم تتمالك ابتسامةً تسللت إلى شفتيها؛ فقلّما تراه يضحك هكذا.

"تبدو في مزاجٍ جيد".

تنحنح وقال وهو يسحب الكتاب الذي كانت تقرأ منه:

"يبدو أن قراءة الكتب بالمقلوب عادة متوارثة في العائلة".

انتبهت لتوّها أنها كانت شاردة الذهن لدرجة أنها لم تلحظ أن الكتاب كان مقلوبًا! فقالت محاولةً التملص من سخريتِه:

"أتعرف ما هو اليوم يا أبي؟".

قرّب كرسيًا ليجلس بقربها وأجاب:

"هل هو اليوم العالمي لقراءة الكتب مقلوبة؟".

تقلص وجهها حرجًا، يبدو أنها لن تسلم من تعليقاته لبضعة أشهرٍ أخرى، تمالكت أعصابها وقالت وهي تلاعب إحدى خصلاتها البنية:

"اليومَ سأبلغ الخامسة عشرة".

لم يتفاجأ، كان مدركًا لهذا، بل كان ينتظر هذا اليوم دون غيرِه لسببٍ غامضٍ لم يكلف نفسه عناء محاولة فهمه، أليس بلوغ الخامسة عشرة يدعو للابتهاج والاحتفال؟ أليس أكثر الأيام تميزًا وروعة؟ أليس ذلك معجزةً في حد ذاته؟

••••••••••

١٦ أيار/ مايو ١٩٩٧


تردد صدى لوقع قدميه خَلّفه الهدوء الذي يلف المكان، مرر أصابعه على أغلفة الكتب وهو يسير حذاء الأرفف الممتدة أفقيًا لعِدة أمتار، شاردَ الذهن.

تسللت إلى شفتيه ابتسامةٌ ناعمة وهو يتذكر ليلة أمس، حين أعد له أخوه مأدبةً لبلوغه عامه الرابع عشر، أفلتت ضحكةٌ من بين شفتيه حين تذكر مذاق كعكة الشوكولا التي أعدّها، واسوداد وجه شقيقه بعدما تذوقها.

لم يتمالك نفسه من الضحك حينها، متناسيًا أن يخبره بأنها ألذ كعكةٍ تناولها، كيف لا؟ وقد اجتهد أخوه لإعدادها له بكل حب.

أشِقّاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن