١٤) الأخُ الكبير.

2.1K 179 86
                                    

...
..

"أوه! مرحبًا يا صديقـي".

هتف يحييني رافعًا يده عاليًا، متظاهرًا أنه تفاجأ برؤيتي.

مشيتُ للباب وتخطيته وأنا أقول دون النظر إليه:

"لا أذكر أني صرتُ صديقك".

بقي لثوانٍ معلقًا يده في الهواء ثم لحق بي وسار بجانبي وهو يلكزني:

"ما هذه القسوة! ظننتُ أننا صديقان".

"صحِّح ظنونك".

"همممم لم أتوقع أنك بهذه الجلفة، إذًا لا جدوى من إخبارك بما لدي".

فُتِح المصعد فدخلته وبقي فراس خارجه وهو يقول بلا مبالاة:

"رغم أن الأمر يتعلق بأخيك".

أغلِق باب المصعد في وجهه فأعدتُ فتحه واستقبلتني ابتسامته الماكرة،  جذبته من قميصه للداخل وضغطتُ على زر الطابق الثالث،  وأنا أقول دون أن أنظر إليه:

"قُل ما لديك".

أطلق ضحكةً عاليةً استمرت بغير انقطاعٍ حتى وصلنا للطابق الثالث،  سألته بسخرية ما إن فرغ:

"أهذا كل ما لديك! ".

"لا.. ليس كله..  لدي الكثير".

"قل وخلصني".

"ليس هُنا؛ فالحيطان تنقل الكلام كما تعرف".

زفرتُ بنفاد صبر وأنا أتبعه للمكان الذي نستطيع التكلم فيه،  خرجنا من باب الطوارئ الذي في آخر الممر،  وصعدنا السلالم الحديدية الضيقة حتى بلغنا بابًا حديديًا أحالته عوامل الزمن والرطوبة للون البني،  فتح فراس الباب فاندفع منه الهواء البارد المُشبع برائحة المطر.

خرج وتبعته ووجدتُ نفسي واقفًا في السطح،  كان بحجم ملعبي كرة سلة،  فرد فراس ذراعيه كأنه يستعد للطيران وهتف بصوت مرتفع وهو يقف في منتصف السطح والهواء يداعب خصل شعره الذي يصل لرقبته:

"أرأيتَ كم أن المكان رائع".

أجبته بصوتٍ يُعادِل علو صوته وأنا ما أزال واقفًا عند الباب:

"أنسيتَ ما أتينا لأجله؟ ".

"لا..  تعال إلى هنا".

تأففتُ ومشيتُ نحوه مرغمًا، لم أفهم إن كان قد أحضرني لنتكلم بهدوء أم ليأخذني في جولةٍ سياحية.
كنا واقفين على علو ستة أطباق،  في سطح بذلك الاتساع وبجدران منخفضةٍ تُمكِّننا من رؤية ما خلفها بسهولة.

أشِقّاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن