١٢) تجاوز المُهلـة.

1.4K 180 22
                                    

...
..
أبــي؟

نقلتُ بصري بينهم في اندهاش، كل من في الغرفة كان يعرف ما عداي.
نظر المدرس لابنه وعيناه تقدحان شررًا وقال بنبرةٍ خفيضة مرعبة:

"أأنتَ من فعل هذا بالصبي! ".

رغم كراهيتي ومقتي لذلك المدعو ماهر إلا أن نظراته الفزِعة ورجفة جسده تحمل ألد أعداءه على اشفقة حياله، تمتم بصوتٍ بالكاد يُسمع وهو يبحث عن الأحرف فلا يجدها إلا فُرادى:

"أ.. أ.. بـي هـ ـو"..

لا أعرف كم ثانيةً استغرقها والده لعبور الغرفة والوصول لابنه لكن دوي الصفعة أصم آذاننا قبل أن ندرك أنه تحرك من مكانه.

"أهكــذا ربيتُــك؟ "

زمجر المدرس في وجه ابنه الذي اغرورقت في عينيه الدموع، فقام المدير وقال بحزم:

"ما هكذا يُربى الأبناء يا فؤاد".

لكن المدرس لم يسمعه واستمر بإطلاق وابل من الشتائم لابنه ختمها وهو يشير بيده لخارج الغرفة:

"إنقَلـِــع".

فخرج ماهر بعد أن حدجنا-أنا وأمجد-بحقد.
جلس المدير بإنهاك وهو يُعاتب المدرس"فؤاد" على تصرفه، وأنا بدوري كنتُ مندهشًا مما فعل.
لم أتخيل من قبل أن ثمة آباء بتلك القسوة، خلتُ أن جميعهم حنونين عطوفين على أبناءهم حتى وإن كانوا على خطأ.

غادرنا نحن أيضًا وكان أمجد ما يزال خافضًا رأسه.

"ارفع رأسك.. فلا شيء يستدعي خفضك له".

لكنه لم يُصغ إلي، كعادته.
تدافعت لذهني حين وصلنا كلماتٌ من قبيل
"المحل.. العمل.. رافع".. تأخرت!

..
..

"أتعرف كم الساعة الآن! ".

تساءل رافع بغضب لم أعهده عليه من قبل حين وصلت المحل، وبدل أن أجيب حاولتُ تبرير سبب تأخري لكن الكلمات كانت تتلاشى قبل عبورها لفمي.

"أمهلتُك ساعة! ساعة واحدة.. وتأخرتَ ساعةً أيها المنضبط! ".

حين طال صمتي قال بهدوء وهو يسترخي في كرسيه:

"ستُحرم من المهلة ولن تغادر هذا المحل قبل الرابعة.. أتسمع! ".

"لم تكن بإرادتي.. صدقــ".

بالكاد عثرتُ على كلمات تساندني لكنه أخرسني حين أشار بيده كي أصمت واستأنف كلامه بحنق لا يليق به:

أشِقّاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن