...
..
مر أسبوعان على شروعي في العمل، لم أكن أتأخر دقيقةً واحدة، بل كنتُ آتي عادةً قبل مجيء رافع بدقائق فارتأى هذا الأخير إعطاءي نسخةً من المفاتيح حين رأى جديتي وكي لا أقضي الدقائق التي تسبق مجيئه تحت وطأة الشمس، وكنتُ أذهب لإيصال أمجد إلى البيت والعودة قبل انتهاء المهلة "ساعةٌ فقط"، كان ينتظرني عادةً خارج بوابة المدرسة، رغم أني طلبت منه مراتٍ لا تُحصى ألا يخرج قبل مجيئي، كنتُ أسمع همزًا ولمزًا في بعض الأحيان كما حصل ذلك اليوم حين اصطحبته.."هذا هو الفاشل الذي يدرس مع من يصغرونه سنًا"،
التفت لمصدر الصوت ولم أميّز صاحبه،
شددتُ قبضتي بغيظ، لكني تمالكتُ نفسي وتقدمته في السير، لا جدوى من إهدار انفعالاتنا على كل من نصادفه، اعتدتُ ابتلاع الإساءات ولكني لم أقبل أن يُساءَ لأخي،"لا تكترث لهذا الهراء"
،قلتُ بينما نسير في محاولةٍ مني لتهوين الأمر متظاهرًا بأنني لم أكترث لما قيل، كنتُ أمشي أمامه فلم أنتبه لاهتزاز فكه واسوداد وجهه وللدموع التي تساقطت من عينيه بصمت.
كنتُ غبيًا لأني لم ألتفت...
..خلال ذانك الأسبوعان كسبتُ ثقة رافع وكَذا احترامه وتقديره لجهودي الصادقة.
كنتُ ما أزال في طَور التدريب والملاحظة، أراقب أساليب العم في إقناع الزبائن بكل هدوء،، وكنتُ أقتنع نيابةً عن كل زبون يأتي.
دخل في تلك الظهيرة رجلٌ وامرأة، كنتُ أرتب بعض الأقمشة حتى سمعتُ رافع يقول:"هذا الفتى سيُرشدكما".
تعرقت يداي ولم أستطع إخراج صوتي، لحظة.. احظة.. لستُ مستعدًا بعد!
نظرتُ إلى الزبونين فقالت لي السيدة:"هل لديكم قطعة قماشٍ بنقوشٍ فضية وذهبية؟ ".
كدتُ أقول "لا"، لكن نظرات رافع كانت تترصدني من خلف الزبونين، فجذبتُ لفافة قماش بنقوش فضية وسوداء وعرضتُها عليهما.
قال الرجل وهو ينظر إليه فينظر لي:"ألا تفرق بين الأسود والذهبي! "
ابتسمت زوجته وامتقع لوني لكني حاولت تمالك نفسي كي لا يسخر رافع مني حين يُغادرا ولأثبت له جدارتي، قلتُ وأنا أسحب قدرًا من القماش موجهًا كلامي للسيدة:
"أنظري يا سيدتي لتناسق لونيهما وتباينهما الآسِر فالأسود يُبرِز جمال اللون الفضي والفضي يُبرِز فخامة الأسود".
مطت شفتيها بتفكير واقتربت لتفحص القطعة والحيرة بادية عليها:
"تستطيعين ارتداء هذين اللونين مع أي قطعةٍ تريدينها فهما يتلاءمان مع كل الألوان".
قلتُ بتشجيع.
أنت تقرأ
أشِقّاء
Romantikفي حُجرةٍ ضيقة... إضاءتها خافِتة... فتحَت الكتاب وبدأت بقراءة القصة لطفلها... كانت تقرؤها له دومًا... فتعلق بها وأحبها... فسمّى شقيقه على اسم بطلها... الذي عاش وحيدًا... ماتت أمه... فأضحى شقيقه يعني له كل شيء... كل شيء... كما قال يومًا... "ل...