فرَنسـا، ينـايِر ١٩٣٠.
كَيف يُمكِن لطفلة السَبعةِ أعوام أن تصمُد وحيدَة؟
حتمًا إنتابَها الخوف،الهلَع،الحُزن..جميعَها أحاسيس كانَت تأسُر قلبِها المُحطم طِوال هَذه الأشهُر الكَبيسة الماضِية.كانَت صغيرة،ساذِجة..كالتائِهة في بحرٍ هائمٍ في عالمٍ مريبٍ،لم تملِك فكرَة عن كيف الحَياةِ بمُفردها،كيف يُمكِنها الحُصول على الدِفئ بدون عِناق والِدتَها لها بشتاءِ يناير القارِص،لقد كانَت تمُر بأيامٍ عَصبية.
كانَت ليلة مُمطِرة غابِرة،إنزلَق الليل بوحشيةٍ مرهِبًا قلبَها المُضطرِب،سارَت ترتچِف بقوةٍ بين شوارِع الزُقاق الضيقِ في سبيلٍ للوصولِ إلى بيتِها الخاوِي بسُرعةٍ،في يدِها قبَضت على كسرةِ خُبزٍ جامِدة،حاولَت الحِفاظ عليها رَغم ضعف أطرافِها المُتجمِدة.
بالكادِ كانَت تستطيع تحديدَ الطريق فيمّا أمامَها،لِذا حينَما إصتدَمت بشيءٍ صلبٍ لَم يساعِدها چسدها الهزيلَ كثيرًا وهِى تسقُط على الأرضِ بقوةٍ متأوِهةً بآلمٍ.
جاهدَت في رفعِ رأسَها مُنهكة مِن دَقيقِ الأمطارِ العَنيفة على وچهِها؛لتُشاهِد وچه ذلِك الرجُل الَذي إستقام أمامِها بثباتٍ،وعلى ضوءِ المصباحِ الزيتي الَذي أنار طريقَه الضبابِي،إستطاعَت رصد إبتسامة مُبهمةٍ على طرفِ شفتيه.
"ياللَّصغيرة المِسكينة. أنتِ ترتچِفين."نبَس بشفقةٍ،وهو يُساعِدها في الِاتزان،مراقِبًا ملابِسها الَتي إتَسقت على چسدِها النحيل،ولمَعت عيناه بمكرٍ. "هل أنتِ جائعة،أيتُها الصغيرة؟"
تفرَست بملامِحه للحظاتٍ،قبل أن تومِئ بأستحياءٍ مُنكمِشة على نفسِها ببَردٍ. إبتَسم الرجُل بتعاطُفٍ مزيفٍ،رَيثما يقودَها إلى دربٍ معاكسٍ لطَريقها،وقِناع الخُبث يتشكَل بمحضِ الظلَام الدامِس،والشِتاء القاسِي.
-
فرَنسـا، نوڤَمبـِر ١٩٤٩.
الحادِية عَشر والرُبع مسـاءً.شَق الرعـد بَريق السماءِ.
إنتفَضت مِن نومتِها بفَزعٍ،چسدِها تحدَى برودَة الطقسِ البارِدة وغرَق في بُحيرةِ ساخِنة من العَرق الغَزير. لهَثت بأنفاسٍ مخنوقةٍ وعيناها تجوب نحو النافِذة الَذي طرَقها المطَر بعُنفٍ،وسكَن الخوف بچفنيها الذارِفتَين لعبراتٍ مرتچِفة.إلتَقطت رداءَ نومِها ودثَرت بِه چسدَها المُتقلِص رَيثما تخرُچ إلى الرُدهةِ الفَسيحة الَتي ردّتها بطوافٍ من الهواء الصامِت. زحفَت خطواتِها نَحو الجِهة الشرقِية للطابِق،مُحاوِلة تناسِي كابوسَها الرَهيب الذي إقتبَس ماضيّها المَرير.
توقَفت أمام غُرفتِه وحدَقت بالبابِ بتوچسٍ يشوبَه الِارتباك.
هِى لم ترغَب بالبقاءِ وحيدة،ذِكريات ذلِك الكابوس تركَت آثارًا بذِهنها المُتجلجِل وچسدِها المُرتچِف،لقد خشَت البقاء بمُفردِها في لَيلةٍ كئيبةٍ كتلك.
أنت تقرأ
لَيـالي آوبلَڤـلِت.
Fanfictionأن الفَرق بين السَـيدة النَبـيلة وبـائِعة الـوردِ لَيس بِكَـيف تتـصرَف، بل بِكَـيف تُـعامل. ▪ كُل الحِقوق محفوظَة®. ▪ لَيالي آوبلَڤلِت [ رِوايـَة - لِويس تـوملينسِون ]. ▪ مُستوحاة مِن قِصة سيّدتي الجَميلة لِلكاتب آلِـن چاي ليـرنِر.