1- الأزيز

962 67 28
                                    

Part 1

فاكر كويس اوي اليوم اللي بدأت أفقد فيه حاسة السمع، فاكره كويس عشان حصل فيه حاجتين مهمين اوي
اولاً عشان يومها اخدت حقنة تخدير عند واحد من دكاترة السنان وكانت مؤلمة جدا، وثانياً والأهم عشان بنتي يومها حد اغتصبها وسابها شبه ميتة في مقلب زبالة قريب من الحرم الجامعي بتاعها!

جالنا تليفون الساعة 4 بعد نص الليل، لما بيجيلك تليفون في وقت زي ده، ده بيكون معناه حاجة واحدة بس، حاجة متمناش إن أي حد يجربها!
قبل ما ترفع السماعة بتبقي عارف ان في حاجة غلط حصلت، حاجة هتغير حياتك كلها، حاجة هتهدم كل أحلامك بس برضه مفيش في إيدك غير حاجة واحدة بس... إنك ترفع سماعة التليفون... وترد!
الصوت جالي من الناحية التانية مليان ألم وهو بيقولي: "دكتور باريستر... آسف إني بكلمك في وقت متأخر زي ده... بس الموضوع بخصوص... بنتك!"
عمري ما هنسي لما سمعت الكلام ده، مش هنسي البرد اللي ملي جسمي لدرجة إنه جمد الدم في عروقي وعصر قلبي، بنتي... حبيبتي، بصيت بمراتي بدون كلام، بصتلي ومن نظرة عينيّا عرفت إن بنتها حصلّها حاجة، ولما صرخت دي كانت اخر مرة سمعتها فيها وهي بتصرخ.

في لحظات إتبدل حالنا من ناس نايمة مرتاحة لناس مجانين، الخوف والرعب بيغلوا جواهم وهمّا بيدوروا علي رحلة طيران يروحوا بيها علشان يطمنوا علي بنتهم، الموضوع بدأ تقريبا في التوقيت ده بس أنا مكنتش مهتم، عندي حاجات أهم أقلق عليها أكتر، لما الطيارة بقت في الهوا هيلين مراتي بدأت تصلي وتدعي ربنا وأنا بدأت أحس بوجع في ودني الشمال، بعدها بدأت أسمع صوت زي صوت صفارات الانتظار، مش عارف أوصفهالكم ازاي؛
حطيت صابعي في ودني، بدأت أحركه يمين وشمال كمحاولة لتخفيف الألم لكن مكانش فيه أي نتيجة، والصوت كان مزعج، حاد ومؤلم!
أول ما الطيارة بتاعتنا وصلت نسيت كل حاجة عن موضوع ودني دا تماماً، جرينا من المطار المستشفي بأقصي سرعة، إيميلي كانت نايمة علي السرير في غيبوبة ومتوصلة بكمية كبيرة من الأجهزة، كنت حافظ الأجهزة دي بحكم شُغلي وعارف كل جهاز بيعمل ايه وبتاع ايه، بس في اللحظة دي، كل حاجة كانت غريبة عليّا، الحاجة الوحيدة اللي أعرفها كانت بنتي!

قعدنا جنبها، مامتها بتسرحلها شعرها وأنا بقولها إحنا بنحبها أد إيه، افتكرت علي طول المرة التانية اللي كنا معاها في المستشفي، كان عندها 6 أو 7 سنين تقريباً، كان معاد نومها جه وهي مش عاوزة تنام وعاوزة تسهر زي أخوها الكبير، كانت بتتنطط علي السرير وبتضحك، لفيت وشي ثانية أبُص علي حاجة وسمعتها بتقع من فوق السرير، راسها إتخبطت في الأرض جامد ووشها إتملي دم وكانت بتصرخ جامد.
لما هديناها وبصيت علي الجرح لقيته محتاج غُرز، هيلين لبستها هدومها وكتمت الجرح بحتة قماش قديمة، أنا هوديها المستشفي اللي أنا بشتغل فيها وهيلين هتقعد مع الولد في البيت.

كانت قاعدة في الكرسي اللي ورا بتبصلي في مراية العربية وبتسألني وهي بتحاول تكتم الجرح بخوف: "بابا... أنا هتوجع؟"
حاولت أهديها وأنا بقولها: "لا ياحبيبتي... بابا مش هيخليكي تتوجعي"
بصتلي بفضول وهي بتسألني: "إزاي؟"
ضحكت وأنا بقولها: "مش إحنا قولنا قبل كده إن بابا بيشتغل دكتور تخدير... وبيخلي الناس تنام؟"
ضحكت وقالتلي: "اه"
قولتلها بهدوء وأنا مبتسم: "بابا كمان ساعات بيخلي أجزاء معينة في الجسم تنام عشان الدكاترة يشوفوا شغلهم وحبيبتي الصغيرة متحسش بأي وجع"
سألتني برجاء: "هتفضل معايا طول الوقت؟"
جاوبتها وأنا مبتسم: "طبعاً ياحبيبتي"

تقريبا بعد 3 أيام بدأت تفوق، في التوقيت ده كان السمع في ودني السما بدأ يضعف جداً، الحاجة الوحيدة اللي كنت سامعها كانت الصفارة أو الأزيز


  بيب..بيب..بيب

                  
مكانش ده الوقت المناسب عشان أقلق علي نفسي فيه، مينفعش أقلق وعائلتي محتاجاني، عشان كده مقولتش علي موضوع ودني لأي حد
حالة إيميلي كانت بتتحسن ببطء، كانت بتقول أنها مش فاكرة أي حاجة عن الحادثة، مش فاكرة حاجة عن الشخص اللي هاجمها واغتصبها، كانت متكتمة تماماً عن أي تفاصيل بخصوص الموضوع ده، حتي مع مامتها اللي هيّ أمينة أسرارها كلها، بنتي اللي الضحكة مكانتش بتفارق شفايفها أبدا، بقت كائن محطم نفسياً وكل مرة كانت بتبصلي في عينيّا، قلبي كان بيوجعني وبيتحطم 1000 حتة!
عمري ما حسيت إني عاجز زي ما أنا حاسس الفترة دي من حياتي.
لما سمحولنا نمشي بيها من المستشفي، قررت هيّ إنها مش هتروح الجامعة تاني لفترة، وهتيجي تقعد معايا أنا ومامتها، تقريباً معظم الوقت كانت بتقضيه قافلة علي نفسها باب أوضتها وقاعدة لوحدها؛
وفي الوقت ده صوت الأزيز في ودني بيزيد
بيب..بيب..بيب

Already happened- حدث بالفعلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن