19- حديقة السيئين

206 41 0
                                    

في حاجات في العالم بتفضل ثابتة مهما حصل، مهما مر عليها زمن مش بتتغير...

حاجات زي الحروب...الفلوس....الجشع.

كل جيل علي الارض شاف كراهية وموت غير مبررين، كل جيل علي الارض شاف مآسي، وبرغم كده الحاجات اللي احنا شايفنها او علي الاقل....فاهمينها!

لكن في حاجات تانية انا عارف ومتاكد انها حقيقية، حاجات فضلت ثابتة رغم تغير الزمان والمكان، لكن العالم تغافل عنها!

بيت مدام بيكر اللي في نهاية الشارع...!

عارف ان اللي انا بقوله ده ممكن يكون غريب جداً بس اديني دقيقة اشرحلك الموضوع.

مدام بيكر او السيدة بيكر مكانتش زيها زي اي ست عجوزة في الشارع بتاعنا، في الحقيقة احنا مكناش بنبص ليها علي انها امرأة اصلا، هي كانت اقرب للتاريخ، شخص موجود في الشارع من قبل اهلك ما يتولدوا، وغالباً هتستمر في الشارع بعد مانموت، السيدة بيكر كان عندها بيت قديم في نهاية الشارع، البيت قديم ومسكر والطلاء بتاعه مقشر وواقع.

الاطفال اللي من سني كانوا بيطلعوا عليها اشاعات انها خالدة ومش بتموت، السيدة بيكر متولدتش....السيدة بيكر مش هتموت....السيدة بيكر موجودة وبس.

بس المنطق بيقول عكس كده، عشان كده الحقيقة كانت ان السيدة بيكر انتقلت من فرنسا عشان تعيش في الولايات المتحدة وخصوصاً في الشارع بتاعنا، اسمها كان كاميل بيكر، بس محدش نهائياً يجرؤ يندهلها باسم كاميل،  جوزها امريكي، جابها امريكا واتجوزها بعد قصة حب ساخنه دارت احداثها في باريس، وفي النهاية مات وسابها....وحيدة....بدون اصدقاء.....بدون اطفال.

لوحدها تماماً في بيتها القديم!

السيدة بيكر مش مؤذية، علي العكس تماماً هي لطيفة وودودة، هوايتها المفضلة كانت انها تقعد علي كرسيها الهزاز قدام بيتها وتنشغل في تطريز المناديل اليدوية اللي هي مشهورة بيها، الحاجة الوحيدة المميزة في السيدة بيكر هي ان ملامحها مش بتتغير مع مرور الزمن.
بس مش ده السبب اللي مخليني اكلمكم عن السيدة بيكر دلوقتي....
السيدة بيكر مكانتش ودودة مع اطفال الحيّ، الاشاعات بتقول انها مش بتحب الاطفال، هي وماما كانت علاقتهم كويسة ببعض، عشان كده لما كنت بروح مع ماما عند السيدة بيكر كنت بتكلم معاها، كانت لطيفة معايا، دايماً بتديني كوكيز وشوكولاتة، كانت كمان بتسمح ليا العب مع (فلافي) القط الجوز بتاعها، مكانتش بتتكلم معايا كتير، يمكن عشان هي مش بتحب الاطفال زي ما بيقولوا عليها.

الاشاعة دي اتنفت تماماً في صباح ابريلي غائم.....

كنا في اجازة من المدرسة وانا متعود ايام الاجازات اصحي بدري جداً عشان اتمتع بأكبر قدر ممكن من الوقت، كأي طفل مزعج كنت بجنن ماما لدرجة انها كانت بتسمح ليا العب برا البيت حتي لو الوقت بدري جداً.
كنت بلعب قدام بيتنا لما لاحظت ان السيدة بيكر واقفة قدام بيتها وبتتفرج عليا!
بيتها كان علي بعد 4 بيوت من بيتنا، من المسافة دي مش عارف احدد لو كانت مركزة معايا فعلاً ولا مجرد باصة ناحيتي، بس انا حاسس انها باصة عليا وبتراقبني، كنت حاسي انها بتنده عليا بدون صوت، ويبدو انها نجحت لان فضولي خلاني امشي ناحيتها ببطء.

Already happened- حدث بالفعلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن