Already happened- حدث بالفعل

6- سُكان الشوارع

أنا بحب اللافتات بتاعتهم
اللافتات اللي بتعرفني سواء أنا أو غيري من الناس اللي بتمُر بيهم طول اليوم معلومات عنهُم.
لافتات صُغيرة مصنوعة من الكارتون المقوي أو مكتوبة بخط ردئ علي ورق مش نضيف بتقول للناس الباقية ببساطة إن صاحب اللافتة محتاج ياكُل أو محتاج مُساعدة
اللافتات دي مؤثرة جداً.
أكيد حد فيكم بيشوفهم زيي، بقايا بشر شايلين لافتات مش نضيفة قاعدين بيترعشوا جنب عواميد نور.

خليني بس أقولكم حاجة..
محدش بيصدقهم، كتير منهُم محتاج يبذل جُهد أكبر عشان الناس تصدقه وتتعاطف معاه، وكتير منهم محتاج لافتات أحسن ومكتوبة أحسن من كده.
لافتة كبيرة، كبيرة بشكل يخليك متقدرش تتجاهلها، تجبرك إنك تنتبه لها وتقرأها غصب عنك، ورقة نضيفة وخط كويس جداً وحجم مُمتاز يشد عين أي حّد معدي، الجُملة اللي مكتوبة علي الورقة تجبر أي حد علي التعاطف مع الشخص اللي قاعد وراها..
"كُنت بخدم بلدي... بخدمكُم... ساعدوني أو اخدموني"
شُفت لافتة قبل كده خلت ناس كتير تتعاطف مع الست اللي حطاها، اللافتة كانت بتقول: "أم وحيدة مش عارفة تأكل أولادها"
مش مُهم حجم اللوحة ولا الخط في بعض الأحيان، كتير من الأحيان بيكون الأكثر أهمية هيّ الرسالة شث.
فعموماً أنا مش بدي فلوس إلا للشخص اللي بحس إنه بيتعب أكثر  بغض النظر عن هوّ محتاج ولا لا.

عمري ما كُنت زي بقية الناس اللي بتبص للناش المشردين او الشحاتين دول وتنصحهم نصايح زي: "شوف شغل" او "قوم من نص الطريق"

أنا شخص عندي قيم ومبادئ وأهداف أكتر من أي حد فيكم، عمري ما افترضت في حد منهم إنه مش محتاج او إنه غني او اي حاجة من دول، عمري ما تخيلت واحد من الشحاتين دول لابس بدلة أرماني وبيبون وحذاء ماركة بيلمع، شكله هيكون مضحك جداً.
عموماً أي حد بيصرخ فيهم إنهم يقوموا من نص الطريق ويشوفوا شغل، 90% منهم محتاج يشوف شغل او يتعلم ازاي يتكلم مع غيره بدل ما هو بينشر بؤسه علي الغلابة دول.

اكتشفت مؤخراً إن في محلات وأماكن بتمنعهم من انهم يمشوا حتي قُدامها، تخيلوا، مش بس ممنوع عليهم يدخلوها او يقعدوا قُدامها... ده ممنوع عليهم يمشوا من قُدامها !!

كل واحد بيعدي من قُدامهم ويبصلهم بقرف هيسهر مع واحد صاحبه بالليل في مطعم عشان يشتكوا لبعض عن صعوبة الحياة، عن ضرورة تدخل الحكومة عشان تسهل عليهم الحياة شوية، عن صعوبة كل حاجة متجاهلين الناس الشحاتين النايمين في الشوارع في البرد ده.
لكن لو طلبت منه سِنت واحد هيبصلك باشمئزاز ومش هيفكر يساعدك، العالم للأسف مليان بناس ميعرفوش معني الإنسانية.

بس لحسن الحظ انا مش واحد منهم، كل اللي بطلبه من الناس دول هو لافتة حلوة، لافتة تقنعني إنه محتاج مساعدتي، لافتة تجبرني اني أدي صاحبها الفلوس اللي في جيبي.