2- الكابينة 28

376 53 4
                                    

Part 2

صحيت فجأة علي صوت صرخة مكتومة، الصرخة دي كانت جاية غرفة المعيشة، عينيا كانت مفتوحة علي آخرها، قبل ما أتحرك فوجئت بإيد باردة بتتحط علي شفايفي عشان تمنعني من الكلام، اللمسة دي جمدتني مكاني، فجأة سمعت صوت خايف بيهمس: "هشششش، اعمل نفسك نايم، لو عرفوا إنك صاحي هيقتلوك"
عينيا كانت بتوسع أكتر من الخوف، برغم الظلام شوفتها، بنت صغيرة قاعدة جنبي، سنها ميزيدش عن 10 سنوات، جسمها رفيع جداً، عينيها كان فيها نظرة غريبة، نظرة مُخيفة وشاحبة، شالت إيدها بهدوء وببطء وهي بتبصلي.
بصيت علي بريت اللي كان نايم وكأن مفيش حاجة بتحصل، كان في صرخة مكتومة تانية من غرفة المعيشة، صوت ست بتصرخ بوحشية، صوت ست بتصرخ بألم ملوش حدود، أصوات تانية بدأت تبقي أوضح، أصوات مراهقين بيتألموا، الغريبة إن الصراخ كان بيقف للحظات وبعدين يكمل تاني، حسيت إن في محادثة بتدور برا بس أنا مش قادر أسمعها بشكل كويس، البنت شاورتلي علي شفايفها عشان تفكرني أفضل ساكت.
الصوت زي ما يكون حد بيتعذب في الجحيم برا، أصوات عذاب، صوت لحم بيتقطع، عضم بيتكسر، مش عارف المُدة اللي استمر فيها العذاب ده !!

في اللحظة دي بالذات أدركت إني ماسك إيد البنت الصغيرة، إيدها الباردة، زي ما أكون مختفي في شجاعة بنت عندها 10 سنين، الدموع كانت مغرقة وشها، كانت بتهمسلي من وسط دموعها: "همّا تقريباً خلصوا، أنا لازم أمشي من هنا، بس إنت.... لازم تفضل هنا".
صوتها كان مليان حزن وقهر، اكتشفت إن أنا كمان كنت بعيط.
سابتني وقامت، مشيت لحد الباب، وخرجت، الصمت ملي الكابينة كلها بعد كده، كُنت عاوز أصدق إن ده حلم مش حقيقة، بس أنا كُنت عارف إن ده واقع م خيال، حاولت أصحي بريت لكنه كان نايم باستسلام ورافض تماماً إنه يصحي، كان بيتنفس بعمق دليل علي إنه في مرحلة النوم العميق، فجأة حسيت بالإحساس اللي كُنت خايف منه، كأن الرئة بتقفل وبترفض تستقبل او تخرج أي هوا، بترفض تشتغل تاني وبتعلن إضرابها، ده كان بسبب إني كاتم نفسي طول ما كُنت سامع صوت القتل والتعذيب برا، الضغط والخوف سببولي واحدة من اسوأ الأزمات اللي ممكن تتخيلوها.
دورت حواليا علي الأرض ثواني قبل ما أفتكر إن شنطني كلها برا والبخاخه الطبية بتاعتي جواها !

حاولت أتنفس بهدوء وأنظم تنفسي بس الموضوع كان بيتحول للأسوأ، كنت عارف إن مفيش أي أمل، لو مخرجتش عشان أجيب البخاخه... هموت
حاولت أهدي نفسي شوية بإن الأصوات برا وقفت تماماً، خرجت من كيس النوم ومشيت ناحية الباب بهدوء، فتحت الباب ومشيت ناحية المطبخ، الكابينة مظلمة وأنا مش عاوز أعمل أي صوت، من بعيد صوت حفلة لسه مستمرة في كابينة من الكباين.
طلعت البخاخة الطبية بتاعتي، استعملتها بسرعة، الرئة بدأت تشتغل تاني والهوا بدأ يملىَ صدري، الريحة هنا كانت سيئة جداً، تقريباً كده بدأت أتكيف إن مفيش حد في الكابينة خالص، لأن لو فيه حد كان المفروض يسمعني من فترة.

خرجت الكشاف بتاعي من شنطتي، مشيت بخوف ناحية أوضة النوم التانية، لما النور كشفلي إيه اللي كان جواها، الخوف شلّ كل عضلة ف جسمي.

صدقوني لما أقولكم إني طول ما أنا حيّ مش هنسي اللي شفته ده.... أبداً !!

قدامي في الأوضة كان في 3 جثث، واحد  علي الكنبة القديمة متغطية ببطانية مليانة دم، إتنين علي الأرض، الإتنين شابين في سن المراهقة، كان واضح بدون ما أقرب منهم إنهم متعذبين ومقتولين، الدم كان في كل مكان.
بس مكانش في أي علامة علي البنت الصغيرة !
في اللحظة دي حسيت إني إتجننت، جريت علي أوضة النوم التانية وبدأت أصرخ وأنا بهز بريت بجنون: "بريت... اصحي... لازم تصحي"
صحي وبصلي بخوف وعدم فهم، صرخت فيه تاني: "كُلهم... كُلهم ميتين !"
الخوف بان في عينيه وهو بيقولي: "يعني إيه؟، إنت شوفت حاجة فعلا زي ما بيقولوا !!".
مكانش عندي أي فكرة عن اللي هو بيقوله، وماكنتش مهتم بصراحه، جريته من إيده بالعافية لحد باب الأوضة ومنها لأوضة النوم التانية..
وهناك... مكانش فيه أي حاجة !

الحيطان كانت متغطية بورق حائط عادي، مفيش أي دم، مفيش جثث، مفيش كنبة... مفيش أي حاجة !
عيطت وأنا بقوله بخوف: "بريت، كان هنا جُثث، 3 جُثث... لازم تصدقني"
بريت بصلي وعينيه مليانة خوف وهو بيسألني: "حد قالك عن الأسطورة بتاعت المكان ده... صح؟"
صرخت فيه: "محدش قالي حاجة، أنا معرفش حد هنا غيرك ياغبي، كان في دم وكنبة هنا"
قالي بهمس مخيف: "لا مكانش في حاجة، الأوضة دي من أول ما جينا"
بصيت لبريت... بريت عارف حاجة أنا معرفهاش !
خرجت المطبخ وشلت شنطتي وأنا بصرخ فيه: "أنا هخرج من هنا... حالاً"
فتحت الباب وخرجت وسط البرد وظلام الليل، بريت خرج ورايا بسرعة، مشينا لحد الكابينة اللي فيها الحفلة، خبطت علي الباب جامد، خرجت بنت حلوة جداً وسكرانة جداً، سألتها إذا كان عندهم تليفون ممكن أستعمله، بصت علي وشي وهي بتقول: "من الخوف والرعب اللي علي وشكم... أقدر أقول إنكم كنتم في كابينة 28... صح؟"
مردتش عليها، مشيت لحد التليفون واتصلت ببابا، في أقل من ساعة كان هنا بعربيته، كان حاسس بالغضب طبعاً، أنا وبريت متكلمناش طول الرحلة للبيت، قولتله بس إني مكنتش قادر أصحيه أثنا حدوث الجريمة اللي سمعتها.
قولي بصوت واطي: "كنت سامعك بس مش قادر اصحي، كنت بحلم بكابوس مرعب مش تقدر أحكيهولك... أنا خايف منه"

مشوفتش بريت تاني طول حياتي بعد الليلة دي، اليوم اللي بعد كده صحيت تعبان، لما تحسنت كان وقت رجوعنا من الأجازة جه.
بريت مجاتلوش الفرصة يقولي إيه اللي يعرفه أو ليه كل الناس عرفت إننا كُنا في الكابينة 28.

دورت علي قصة الكابينة 28 علي الإنترنت من أسابيع، بريت عن حادثة القتل البشعة اللي حصلت لواحدة ست وأولادها الإتنين في الكابينة دي، وقضية اختفاء بنتها اللي عندها 12 سنة
اللي لقوا هيكلها العظمي في شلال ميه مش بعيد عن مكان الكابينة بعد ما ماتت ومحدش لقي جثتها وتحللت، الأولاد كانوا نايمين في الأوضة اللي أنا وبريت نمنا فيها، أنا شوفت مسرح الجريمة شوفت الجثث لما إتسحبت وإتحطط في الأوضة، أنا مش فاهم حاجة وخايف أوي.

النهاية
_________

Already happened- حدث بالفعلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن