4- عقدة ذنب الناجية

288 47 2
                                    

Part 2

بعد ما خلصنا أكل السجّان سابنا ومشي، كان في دماغي فكرة بتختمر، أحسن حاجة بخصوص اليد المكسورة إنك ممكن تخرجها من جوا القيد بتاعها فتبقي هي حرة، مكسورة مش بتتحرك، بس حرة، الحلو في الموضوع هو حرية اليد التانيةاالي مش مربوطة في حاجة دلوقت رغم السلسلة المربوضة عليها، كارلا كانت بتتفرج عليّا وأنا بخرج إيدي المكسورة من السلسلة الحديد، عينيها كانت بتنصحني آخد بالي ومعملش صوت، بصيت ناحية إيدي وتجاهلتها تماماً، الحاجة السيئة في الموضوع إن إيدي لما تخرج مش هتدخل تاني.

استخدمت إيدي السليمة في إني أدور علي الأرض براحتي، كنت بدوّر علي أي حاجة ممكن أستخدمها، عاوزة أفك قصدي وأهرب، كارلا هزت دماغها وهي بتقول: "اللي بتعمليه ده مالوش اي قيمة"
ساعات وساعات بدوّر علي الأرض بإيدي السليمة، ملقتش حتي مسمار او طوبة صغيرة، مفيش أي حاجة خالص، كنت بدور بصبر وحنون علي أي حاجة، الليل جه وكارلا زهقت مني ونامت، وبعد شوية... لقيت حاجة !

لقيت فار لسه مولود، من غير ما أفكر مسكته، إتكسر في إيدي، هو كان لسّه ضعيف وأنا مقدرتش كويس مدي قوتي، كان بيقاوم وعايز يهرب رغم كسوره لكن أنا كنت مسكاه كويس، مش عارفة إزاي ممكن أستخدك فار لسه مولود في إني أهرب من هنا، بصيتله فشفت عينيه، كانوا مليونين خوف، فجأة فهمت كل حاجة، فكرة مجنونة جاتلي، لو مش هقدر يفتح القفل الكبير بمسمار... فممكن بـ...

كارلا كانت نايمة، غمضت عينيّا، الموضوع مكانش سهل ولا بسيط، لسه حاسّه لحّد اللحظة اللي بكتب فيها الجواب ده بطعم دمه وطعم الفرو في فمي، قطعت راسه وفتحته بسناني، كنت عاوزة حاجة معينة من جواه، كسرت رقبته الأول، مكنتش عاززة أعذبه، دخلت إيدي جواه وبرفق بدأت بدور علي اللي أنا عاوزاه، وشي كان مليان دم، إيدي غرقانة دم، بس ده مكانش مهم، خلعت عموده الفقري براحة، هو ده الي يهمني، وأخدته ورميت الباقي بعيد بدون تفكير ولا رحمة !

قضيت ساعة تقريباً بحاول يفتح القفل بالعمود الفقري بتاع الفار اللي لسه مولود، محتاجة أفك القفل الكبير ده وساعتها السلسلة كلها هتتفك وأقدر يهرب من هنا، كنت حريصة أوي، مش عاوزة أكسر العضم اللي في إيدي، الحرية كانت بتقرب مني، مش عارفة الموضوع خد وقت أد ايه، بس في النهاية سمعت صوت تكة القفل وهو بيتفتح، حسيت بالحماس فصرخت بنصر وفرحة !

صرختي صحت كارلا، مكنتش مُهتمة، فكيت السلسلة عن إيدي ورجليّا بسرعة، كارلا بصتلي بفزع وهي بتصرخ: "لا، لا... كفاية..."
بس أنا تجاهلتها، أنا كنت بقيت حُرة خلاص، مش قادرة أقف علي رجليّا، الألم هيموتني، الجوع بينهش فيّا بس عايشة وحُرة، ومستعدة أخرج من هِنا.

صرختي مش بس صحّت كارلا، سمعت صوت السجّان بيفتح الباب، بصلي بهدوء للحظات، الخوف شلّ جسمي فيهم، كنت مستعدة أقاتله لو أحاربه، كنت بستعد أموت، كنت عاوزة أموت وأنا بحاول بس معنديش استعداد أموت مستسلمة، السجّان بصلي من فوق لتحت من ورا القناع بتاعه، مشي ناحيتي ببطء وهدوء مخيف، مشي من جنبي وسابني ووطي علي كارلا، كارلا اللي كانت بتعيط بهيستيريا، بصلي وهو موطي عليها وشاورلي بإيده ناحية الباب.
سألته بصدمة وعدم تصديق: "إنت... إنت عاوزني أمشي؟"
هز راسه بالموافقة، شاورلي بإيده، بإيده التانية شاور علي رقبة كارلا كأنه بيدبحها، فهمت معني إشارته، هيقتل كارلا، وقفت أفكر للحظات، الإنسانية قبل كل شئ، كارلا شخص لطيف وحاولت تساعدني أكتر من مرة، إزاي أهرب وأسيبها تموت
كارلا كانت مستسلمة، مدافعتش عن نفسها، كانت بس بتعيط وهيّ بتبصلي، لما عيني جت في عينها عرفت أنا لازم أتصرف إزاي...

هربت، جريت من البيت الفظيع ده بدون تردد، مبصتش ورايا ولو للحظة واحدة، كُنت عريانة، خليفة وبتألم، كنت بصرخ عشان حد يساعدني، جريت مسافة كبيرة، ممكن تكون أكتر من كيلو، في النهاية لقيت بيت ولما شافوا حالتي ساعدوني وطلبوا النجدة، الإسعاف تحرك بينا بسرعة علي المستشفي عشان يعالجوني الأول...

وعشت، مش ده اللي ربنا خلقنا عشانه، إننا نعيش، مهما كانت الصعوبات، لحّد دلوقتي كارلا بتطاردني في أحلامي، في صُحياني وفي كل لحظة في حياتي، كان لازم هيّ اللي تهرب وتعيش، هيّ كانت الأقوي، هيّ اللي كان لها حياة، إرنست قالي إن مش أنا اللي قتلت كارلا، السجّان ده هو اللي قتلها، في الحقيقة هروبي هو اللي قتل كارلا.
محتاجة أخلص الجواب ده دلوقتي، هقراه قُدام الجميع بكره، إرنست بيقول دايماً إن العودة لمكان الحادثة حتي لو في الذاكرة، هتساعدنا كتير، بس أنا مش مقتنعة بده.

مش عارفة ليه إرنست صمم إني أكتب ده، يمكن عاوز يشوف الموضوع من زاويتي ومن وجهة نظري، مبسألش علي طرقه في علاج الأمر، أنا بس عاوزة أرتاح، عاوزة بس أحس إني تصرفت صحّ، ياريت السجّان كان قتلني أنا، للأسف السجّان متمسكش لحد دلوقتي، لقوا جثة كارلا مذبوحة في للعلية بس.
عقدة الذنب تجاه النجاة... هل ممكن هتخلص منها في يوم من الأيام؟

إرنست قالي لا، لإنها لو راحت وتخلصت منها، يبقي إيه الدافع اللي خلي السجّان يسيبني أمشي؟
السجّان قتل كارلا جسدياً، بس قتلني أنا معنوياً وهفضل طول عمري عايشة بعقدة الذنب.

النهاية
___________

Already happened- حدث بالفعلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن