1- الأزيز

533 61 18
                                    

Part 2

كل تركيزي في الوقت ده كان علي قضية إيميلي بنتي، كنت عاوز أساعدها علي أد ما أقدر، مشكلتي لازم تستني شوية، بدأنا نشوف هنساعدها إزاي، أدوية وعلاج... علاج طبيعي... علاج نفسي...
جربنا كل حاجة، والموضوع أخد شهور تقريباً، لكن في النهاية الفزع بتاعة بالليل بدأت تختفي، وواحدة واحدة إيميلي رجعت تبتسم وتضحك تاني!
كنا بنحاول نناقشها عن الوقت اللي هترجع فيه الكلية عشان السنة متروحش عليها لما الموضوع بدأ يبقي مخيف ومش مريح!

في يوم كانت إيميلي عندي في المستشفي اللي بشتغل فيها، كانت جاية تتغدي معايا، كُنا قاعدين في الكافتيريا، الأكل قُدامنا وبنتكلم سوا في الكورسات والمحاضرات اللي فاتتها وإزاي هتعوضها لما ترجع، فجأة وسط كلامها سكتت تماماً وملامح وشها تبدلت، وشها بقي شاحب وملامحها إتملت ألم، سألتها بخوف: "حبيبتي، إنتي كويسة؟"
نظرها كان ثابت علي حاجة ومش بيتحرك، بصيت علي الحاجة اللي بتبص عليها وكان واقف 3 أشخاص بيتكلموا سوا، بصيتلها تاني، فجأة وقفت وعينيها إتملت دموع وهيّ بتقول: "أنا لازم أمشي، بحبك"
وقفت وحرفياً جريت برا المستشفي.

بصيت تاني علي التلاتة اللي واقفين، إتنين منهم أعرفهم كويس وواحد معرفوش، اللي أعرفهم رئيس قسم الأطباء والتاني طبيب أورام، اللي معرفوش كان شاب صغير، تقريباً من سن إيميلي ومن طريقته في الكلام مع الرئيس هقدر أقول إنهم قرايب ومن فرق السن هقول إن ده حفيده.
كل ما كنت ببصله أكتر... كل ما الصوت اللي في ودني بيزيد
بيب..بيب..بيب

لما روحت البيت الليلة دي، إيميلي كانت قاعدة في الجنينة بتاعة البيت، دخلت بصمت وقعدت جنبها، سألتها بهدوء: "إنتي كويسة؟"
هزت راسها بدون كلام، حاولت أهديها وقولتلها: "بخصوص النهاردة....."
قاطعتني بهدوء وهي بتقول: "فيكتور"
سكت تماماً خُفت أقاطعها تسكت تاني، كملت كلامها: "معايا في الجامعة، في محاضرات الأحياء تحديداً، لما عرفنا إننا ساكنين قريب من بعض بدأنا نتكلم، عرفت بعدها إن إنت وجده بتشتغلوا في نفس المستشفي، بعدها الموضوع تطور وبدأت أبعتله صور وحاجات تانية"
"حاجات تانية!"
كأب كنت عارف إني لازم مسألش لأن دي حاجة مينفعش الأب يعرفها عنها فسكتّ تماماً.
كملت: "الموضوع كان بدأ يمشي بخطوات سريعة، مكنتش حاسه بحاجة ناحيته فطلبت منه نرجع أصحاب تاني، بس هو مكانش عاوز كده، قالي أنه هينزل الصور والحاجات اللي معاه علي النت، لما قولتله إنه لو عمل كده هرفع عليه قضية بدأ يغضب"
صوتها كان بيتملي حزن وهيّ بتحكي: "فيكتور استناني برا مطعم كنت باكل فيه، لما خرجت حاول يقنعني نروح بيته سوا ولما رفضت، جرني من شعري لشارع مهجور، وهاجمني، و... و..."
مقدرتش تكمل فحضنتها، بدأت تهدي بعد شوية وتكمل: "هددني بعدها إني لو قولت أي حاجة هيفضحني وينزل الصور والحاجات علي الأنترنت، وهيوصل الموضوع لجده عشان يطردك من شغلك، قال إنه هيعمل كده"
طلبت منها كتير إننا نبلغ الشرطة... لكن كانت خايفة وبترفض.
تاني يوم لما روحت الشغل، دخلت مكتب الرئيس وأنا مستعد أكلمه وأحكيله كل حاجة، لما شافني ابتسم وسألني كنت فين،  قالي إنه من الصبح بيدور عليا، قالي إن الموضوع بخصوص حفيده اللي هيعمل عملية وهو محتاجني كطبيب تخدير في العملية دي، قلبي إنه كمان ميقدرش يثق في طبيب تخدير غيري.
كنت عاوز أرفض، كنت عاوز أصرخ وأقوله إن حفيده وحش... شيطان
كنت عاوز أقوله إني عاوز أموته لو لقيته، لكن مقدرتش أعمل كده، ابتسمت وأنا بقوله: "طبعاً، دا شرف ليّا"
ابتسم وربت علي كتفي وهو بيقول: "كويس إنك وافقت، العملية الساعة 2:30 مع دكتور ليام"
لما كنت خارج من مكتبه، الصوت اللي في ودني كان بدأ يبقي أعلي ومزعج أكتر...
بيب..بيب..بيب

الساعة 2:30 كنت في أوضة العمليات مع فيكتور، دكتور ليام لسه بيستعد وهيدخل بعد التخدير، فيكتور كان نايم قدامي علي السرير، مكانش متوتر خالص وفهمت من ده إنه مش عارف أنا مين لحد دلوقتي، مكنتش متفاجئ من ده، سألته بهدوء: "أول مرة تعمل عملية؟"
قوالي بابتسامة لطيفة: "لا"
قولتله من ورا القناع: "عارف طريقة التخدير بتشتغل إزاي؟"
ابتسم تاني وهو بيقول: "أعد من 10 لـ1 ببطء، صح؟"
هزيت راسي بدون رد، حطيت القناع علي وشه والمفروض إني أبدأ معاه محادثة صغيرة لحد ما ينام، هو كان بيعد وانا كنت بسأله:
10

"علي فكرة إنت تعرف بنتي"

9

سألني: "فعلاً؟"

8

"آه... إيميلي"

7

قالي: "آه فعلاً... أعرفها"

6

"عمرها ما قالتلك لك أنا بشتغل إيه؟"

5

كان بدأ يدوخ: "مش عارف"

4

"أنا بخدر الناس يافيكتور"

3

كان دايخ جدا وبدأ ينام: "إيه؟؟"

2

"ساعات بخدرهم ومبيفوقوش تاني... أبداً"

1

الصوت اللي في ودني كان بيزيد، بيبقي أعلي ومزعج أكتر، صوت جهاز ضربات القلب بدأ يعمل نفس الصوت، في نفس التوقيت مع ودني، صوتهم كان واحد!

بيب..بيب..بيب

بعد بداية العملية بتلت ساعة تقريباً، ضغط الدم بتاع فيكتور نزل مرة واحدة وبطريقة واحدة، الصدمة حطته في نوبة تشنجات، الجراح كان بيصرخ وبيدي أوامر للكل، بس انا الوحيد اللي كنت عارف إن مفيش أي أمل.
جرعة زيادة من المخدر يعني كارثة... كارثة رهيبة.
الناس كانت بتحارب عشان تحافظ عليه حي، وانا كنت بمثل إني بعمل زيهم، صوت جهاز ضربات القلب وصوت ودني بدأ يتغير..
بيب..بيب..بيييييييييييب

فيكتور مات بالظبط الساعة 3:02

في نفس الوقت اللي صوت جهاز ضربات القلب وقف فيه، صوت الأزيز اللي في ودني وقف، دي كانت آخر حاجة سمعتها علي الإطلاق بودني الشمال، كنت أسعد واحد في الكون وأنا بغطي وش فيكتور بالملاية البيضا.

ومن ورا الكمامة مكانش في حد يقدر يشوف ابتسامتي !

النهاية
* * * *

Already happened- حدث بالفعلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن