17- لم اكن وحيدة

187 40 0
                                    

بكره امشي لوحدي في الظلام، في الحقيقة الظلام مش هو اللي بيخوفني، بالعكس انا بحب السما وهي مظلمة، بحب نور القمر الضعيف وهدوء الليل، الحاجات دي بتريحني نفسياً، الوقت الوحيد اللي بحس فيه براحه نفسية هو الشوية اللي بمشي فيهم وسط الظلام.
لكن كوني انسانة وحيدة في مدينة كبيرة بيتطلب مني اكون علي اهبة الاستعداد طول الوقت، لازم اكون مستعدة طول الوقت، خصوصاً بالليل، انا ساكنة في الجزء الشمالي من المدينة، بعيد تماماً عن الاحياء سيئة السمعة واماكن اطلاق النار، لكن ده مش معناه اني آمنة طول الوقت.

يوم الخميس اللي فات مثلاً في شابة من سني تقريباً اتخطفت، علي بعد حاجا بسيطة عن بيتي، لقوا جثتها مذبوحة ومسروقة في الشارع، الموضوع مسبب ليا رعب طول الوقت.
فاضل 10 تقريباً واوصل لبيتي، صديقتي وزميلتي في السكن كان المفروض تعدي عليا بالعربية عند الشغل ونروح سوا، بس هي قابلت حبيبها وسكروا سوا ونسيتني، دخلت علي النت عشان اشوف مواعيد الاوتوبيسات
لكن لسوء حظي مفيش اي اوتوبيس قبل 45 دقيقة تقريباً، قررت امشي لحد البيت، وانا بقول لنفسي ان الموضوع مش كبير ولا خطير.

الجو كان برد جداً، نفخت في ايديا عشان ادفيهم شوية، مكانش لازم انسي القفازات بتاعتي النهاردة، درجة الحرارة تقريبا 8 تحت الصفر، دورت حواليا علي اي تاكسي او عربية اتطفل عليها لكن الشارع كان فاضي تماماً، لمدة 10 دقايق تقريباً، مفيش اي عربية من اي نوع عدّا الشارع، كنت وحيدة تماماً، حاولت اطلع تليفوني عشان اطلب اوبر لكن افتكرت انه فاصل شحن، لفيت حواليا بدور علي اي مكان ابعد فيه عن البرد ده، مفيش قدامي غير مقبرة حزينة، تصميمها لطيف وانا بحب شكلها جداً، قررت ادخل اختصر الطريق من جوا المقبرة، الجو كان برد ومش قادرة استحمل وفعلاً المقبرة هتختصر عليا طريق طويل جداً.
اكتر قبر كنت بحب شكله كان قبر هيلينا كرينشاو، شاهد القبر بتاعها علي شكل شجرة رخامية مكتوب عليها انها ماتت سنة 1845، ابتسمت لما شوفت شاهد القبر بتاعها وتمنيت لما اموت يختاروا ليا شاهد قبر باللطف ده.

الوقت تأخر والجو برد ليه اليوم ده تحديداً تليفوني يفصل شحن؟، ليه اليوم ده تحديداً انسي القفازات بتاعتي، ليه اليوم ده تحديداً اقرر ادخل المقبرة؟، هزيت راسي عشان اطرد منها كل الاسئلة دي، بدات اسرع خطوتي شوية، وصلت لنص الطريق، هانت نص الطريق بس واخرج من المقبرة واكون قدام بيتي، خمس دقايق تقريبا مش اكتر، خمس دقايق وهكون في البيت بشرب قهوة سخنة تدفيني، خمس دقايق وهكون تحت الغطا مع قطتي وكتاب جديد اقرأ فيه لحد ما انام.
صوت خافت تردد من علي يميني، يمكن صوت الفئران، المقابر مليانة فيران، انا عادة بكره الفئران وبخاف منهم.
لكن طريق المقبرة اقصر وادفي من الشارع الرئيسي، بدأت احس برقبتي دافية، بعد شوية حسيت ان ايدي بتسخن، حاسة ان شلال دفا بيغمر جسمي كله، احساس غريب اول مرة احسه، فيه حاجة غريبة، ببص علي ايدي فوجئت انها مليانة دم...
مليانة دم!
حسيت بألم حارق في رقبتي، حاسه ان جسمي بقي اخف، حسيت بحد بيمسكني، بيشدني لورا، بيشدني بعيد عن بوابة المقبرة، بيرجعني ورا ناحية قبر هيلينا كرينشاو، القبر اللي تمنيت لو ليا قبر زيه!

Already happened- حدث بالفعلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن