-ما فيش بصمات على سكينة الكهرباء
قالها حسام وهو ما زال ناظرًا في الملف.. نهض في تلك اللحظة غيث من مقعده بانفعال، وتحدث مشدوهًا:
-يعني أييه!
أجاب حسام بحيرة:
-مش عارف يا فندم.. بس اكيد كان لابس أوقية، وعامل احتياطاته
-طب وعقب السيجارة! وباقي الحاجة اللي لقوها هناك؟
-السيجارة قديمة من قبل الحادثة بيوم تقريبًا، واظن انها تكون لفرد الامن اللي بيمر من هناك
قالها حسام بأسف، فنظر له غيث بصدمة، وخرج من خلف المكتب، وحسام يواصل:
-والحاجات التانية ما لهاش اي فايدة، او معنى
طوى الملف، ووضعه امامه فور انتهاءه من تلك الجملة.. زفر غيث بضيق، ثم صخب بانفعال قائلاً:
-يعني أيييه؟ يعني ما فيش اي دليل؟ يعني ايه مش فاااهم!!
حاول حسام تهدئته قائلاً:
-لسه في محاولات تانية يا فندم.. ما تيأسش.. احنا لسه هنحلل العينات، واحتمال كبير توصلنا لحاجة
وضع غيث يديه على رأسه بضيق، واغمض عينيه وهو يهتف محاولاً خفض نبرة صوته:
-كل مرة بتقول كده يا حسام، وكل مرة بقول لسه في حلول تانية.. انما خلاص انا زهقت.. القضية دي شكلها هتضرب سمعتي
-ما تقولش كده يا فندم.. بإذن الله هتتحل
لم يجب غيث، وبعد لحظات جلس فوق الأريكة الموضوعة بجانب باب المكتب، وطأطأ راسه وهو يطوقها بيديه ساندًا ايهما على فخذيه، وبعد وقت قليل مر في صمت، تحدث غيث بتحدي ناظرًا لحسام بعدما ابعد يديه عن وجهه:
-انا هجيب القاتل في القضية دي لو على رقبتي
* * * *
تركت فنجان القهوة من يدها التي أتى بها الساعي لها منذ دقائق، بعدما وصلت إلى المشفى، وطلبتها كالمعتاد فور دخولها مكتبها.. بدأت في تفحص الملف الموضوع امامها، وكتابة بعض التفاصيل في اوراق أخرى عن تلك الحالة.. أمسكت فنجان القهوة مجددًا وهي تتفحص الملف بانهماك، وشرعت في ارتشافها، ثم تركتها، والتقطت القلم من فوق الاوراق، وبدأت في كتابة مخطط للعلاج حتى تتبعه، وبعدما انتهت، وضعت الاوراق بداخل الملف وطوته، ثم نهضت من مقعدها، والتقطت الملف والقلم من فوق المكتب، وخرجت من خلفه متجهة إلى الباب.
خرجت وأغلقت الباب خلفها متجهة نحو احد غرف حالاتها.. دقت الباب دقتان، ثم فتحته ودلفت إلى الغرفة، وتركت الباب كما هو مفتوحًا.. سارت بخطوات بطيئة داخلها وهي تنظر لذلك الهزيل الذي يرقد فوق الفراش، شاحب الوجه صامتًا بعدما اشف المرض جسده، ثم تحدثت بهدوء:
-صباح الخير يا معاذ
لم يجيبها، فاقترب أكثر وهي تضيف:
-عامل ايه النهار ده؟
* * * *
تبحث كندا عن عنان في كل مكان بالمشفى بعدما ذهبت إلى مكتبها ولم تجدها به.
وهي تمر في احد الممرات سمعت صوت عنان يأتي من احدى الغرف.. توقفت وهي تنظر داخل الغرفة المفتوحة، حملقت بها حتى تأكدت من كونها هي.. دلفت إلى الغرفة بهدوء، وتوقفت امام الباب من الداخل، وقبل أن تتحدث لفت انتباهها الحديث الذي يجري بين عنان وهذا المريض الذي يبدو عليه أنه يبلغ العشرين من عمره.
-ششششش
قالها هو بجمود، فتحدثت عنان بهدوء ممزوج بتعجب:
-مش عايزني اتكلم ليه بس! انا عايزة مصلحتك وخايفة عليك
-ما حدش بيخاف عليا.. ما حدش بيحبني
قالها وهو ما زال ينظر أمامه بعيدًا عن عنان، وملامحه جامدة لم يبدو عليها أي شعور.. تحدثت عنان في تلك اللحظة بحنان:
-لا صدقني في ناس كتير بتحبك، وانا برضه بحبك وخايفة عليك
-ششششش
قالها ثانية بغضب، فهتفت هي بهدوء واستفسار قائلة:
-ايه بس؟
-اطلعِ برة بسرعة
-ليه!
قالها بتوتر فأجابت هي مصطنعة عدم الفهم.. صمت لحظات، ثم نطق قائلاً بجدية:
-القنبلة هتنفجر.. انا مش فارق معايا.. انا عايز اموت.. لو انتِ بقى عايزة تموتي خليكِ
نظرت له بشفقة، وشرعت في الرد، ولكن سريعًا بتر ردها صوت كندا تناديها:
-عنان.. بدور عليكِ.. عوزاكِ
التفت عنان ونظرت لها بصمت، ثم عاودت النظر له مجددًا وقالت:
-هعدي عليك تاني
تركته، والتفت مولية ظهرها له، ومتوجهة نحو كندا، وصمت هو كما كان.
خرجا الاثنان من الغرفة، وأغلقت عنان الباب وهي تتحدث بصوت خفيض:
-ايه يا كندا خير؟
-كنت عايزة أستشيرك بخصوص حالة معايا.. تعالي نقعد عندك في المكتب، ونتكلم
-ماشي تعالي
قالتها عنان، ثم سارا الاثنان متوجهان نحو مكتب عنان بصمت، وعنان تطالع الملف وتدير صفحاته سريعًا حتى وصلا إلى المكتب.
* * * *
استيقظ حسام من نومه.. نظر بجواره وهو يتمطى، فلم يجد "لميس" بجانبه.. ابعد الغطاء عنه وتحدث بصوت خافت لا يسمعه غيره:
-يا سلام لو كل يوم اصحى ما أشوفش وشك.. تبقى حياتي حلوة والله
نهض من الفراش، وهو ما زال يتمطى بخمول، ثم سار بترنح خارجًا من الغرفة.. ذهب إلى المرحاض، وبعد نصف ساعة انتهى من الاستحمام وعاد إلى غرفته.. ارتدى ملابسه المكونة من سروال من الجينز اسود اللون، وقميصًا من اللون النبيتي، وفوقه سترة تشبه سترة البذلة سوداء أيضًا، ثم ارتدى حذائه، وشرع في تصفيف شعره، ووضع بعض العطر الخاص لديه الذي يميزه من بين الكثير، ثم التقط ساعته من فوق الكومود، وبعدما ارتداها التقط هاتفه المحمول ووضعه بجيب سرواله، ثم خلع "دبلته" من بنصره الايسر، ووضعها فوق الكومود، ثم اتجه إلى المرآة ثانية حتى يصلح للمرة الأخيرة من هندامه كنوعٍ من التأكيد عليها، وعلى الفور ركض خارجًا من الغرفة وهو يضبط طوق قميصه، ثم يضبط وضع ساعته، ويدندن بصوت خفيض احدى اغنيات "كاظم الساهر" الذي كان المطرب المفضل لديه:
-"علمني حبك سيدتي اسوء عادات.. علمني افتح فنجاني في الليلة آلاف المرات.. واجرب طب العطارين، واطرق باب العرافات.. علمني اخرج من بيتي امشط ارصفة الطرقات، واطارد وجهك في الامطار، وفي اضواء السيارات، والملم من عينيكِ ملاين النجمات.. يا امرأة دوخت الدنيا.. يا وجعي، يا وجع النايات..."
بتر هيامه صوت "لميس" تحدثه بابتسامة:
-صباح الخير يا حسام
صمت، ونظر لها بحنق، ثم اجاب بتقزز:
-أهلاً
-مالك؟ وحشتني
قالتها، وما زالت الابتسامة ترتسم على وجهها، فابتعد عنها بعض المترات وهو يقترب من المائدة التي يُرص عليها طعام الفطور، والتقط واحدة من الكعك، واجاب:
-ما تشوفيش وحش
صمت، وقطع جزءًا من الكعكة بأسنانه، وتذوقه وهو متجهًا نحو باب الشقة.. لحقته هي بالكلام قبل أن يغادر المنزل هاتفة:
-طب مش هتفطر؟ انا محضرة لك الاكل مخصوص.. مين هياكله!
نظر لها بتهكم وهو يفتح الباب قائلاً:
-قولي لأمك تيجي تأكله
تركها، وخرج، ثم جذب الباب خلفه ليغلقه بعنف.
وقفت هي في ذهول، ودهشه، وتترقرق الدموع بعينيها.. هرولت إلى غرفة النوم.. جلست فوق الفراش، وانهارت في تلك اللحظة فاقدة اعصابها، وضعت كفيها على وجهها وهي تنتحب بقهر حتى هدأت بعد دقائق.. باعدت كفيها عن وجهها مستنشقة نفسًا طويلاً وقبل أن تغمض عينيها ثانية، وقع بصرها على الكومود.. على الفور جمدت كل حواسها، ومشاعرها، والتقطت الدبلة الخاصة بزوجها وهي تتأملها، ثم هتفت بصوت مُلتاع:
-خرجتني من حياتك يا حسام!
ارتخت اعصابها في تلك اللحظة أثر حزنها، فسقطت الدبلة من بين اصابعها، وظلت تتدحرج حتى سكنت في ركنًا غير معلوم.
* * * *
-رامز.. قوم يا رامز تليفون عشانك من الشركة
قالتها زوجة رامز وهي تدلف الغرفة، وتقترب من الفراش الذي يرقد فوقه هو.
نهض في تلك اللحظة، واعتدل في جلسته هاتفًا باستفسار:
-مين؟
-مش عارفة.. واحد بيقول انه من الشركة.. اسمه استاذ...
.......
#بسمه_ممدوح
أنت تقرأ
جريمة ضد مجهول
Mystery / Thrillerالروايه بقلمي ، تابعه لصفحه " روايات بسوم " عبر الفيس بوك .... تحكي الروايه عن نهايه الغيرة و الحقد ، و عدم الرضي بما قسمه الله لنا .. و توضح نهاية كُل شخص يتفنن في عمل الجريمة لأي سبب ما .... الروايه غموض بوليسي ، لغز حول جريمة قتل تبحث فيه شرطة ا...