* الفصل الرابع والعشرون *

203 33 0
                                    

انتهى حسام من ارتداء ملابسه إلا من سترته، فجاءت لميس من خلفه حاملة أياها لتساعده في ارتداءها، وبعدما انتهت وقفت بجواره والتقطت زجاجة العطر من فوق طاولة الزينة وبدأت في التقطير عليه، ثم وضعت قليلًا منها في كفيها، وتركت الزجاجة واحتضنت وجنتيه وذقنه بكفيها لتنقل لهم العطر، ثم عدلت من هندامه والابتسامة مرتسمة على وجهها، وعلى وجه حسام أيضًا.
ذهبت لتأخذ هاتفه المحمول وعلبة سجائره وقداحته من فوق الكومود، ثم عادت إليه لتضعهم في جيبا سترته، ثم نظرت له بحب، وتحدثت بحنان:
-طول عمرى نفسي اعمل لك كل حاجة برموش عنيا كده
ابتسم وهو يربت على ظهرها، ثم قبلها من جبينها، وتقدمها قائلاً:
-هحاول ما أتأخرش.. خلي بالك من نفسك
تبعته وهي تهتف بسعادة:
-طول ما انا في بيتك انا في أمان.. خلي بالك انت من نفسك
اومأ لها بابتسامة، ثم فتح باب الشقة، وغادر المنزل على الفور.
انتظرت هي لحظات حتى رأته أستقر المصعد، ثم أغلقت الباب، وعادت إلى غرفتها.
                             * * * *
وصل حسام المشفى.. صعد إلى المعمل ليتابع تحليل العينة، وفور سؤاله عنها أخبره طبيب المعمل أنها جاهزة.
أنتظر بضع دقائق، ثم أستلم تقرير النتيجة، وغادر المعمل في الحال، ثم المشفى أيضًا.
دلف سيارته الواقفة أمام المشفى، ثم شرع في السير موليًا شطره نحو قسم الشرطة، قاصدًا مقابلة العميد "غيث".
                            * * * *
وصلت المحاليل المعلقة له لأخر قطرات بها بعد مرور ساعتان.. ضغط على زر الجرس المعلق على الحائط بجانبه، فجاءت الممرضة إليه بعد دقيقتان.. أخبرها بانتهاء المحلول، فتأكدت بنفسها، ثم حررت القنية "Cannula" من ذراعه، ووضعت فوق مكانها ضمادة، وسمحت له بالخروج.
نهض على الفور راكضًا خارج الغرفة، متوجهًا إلى غرفة العمليات.
ظل واقفًا بعض الوقت أمام الغرفة، ويتساءل عنها بقلق أي شخص يراه داخلًا غرفة العمليات أو خارجًا منها، حتى خرج الطبيب بعد مرور أكثر من ساعة.
هرول إليه وقدميه وكفيه يرتعشان، ثم تحدث بتلعثم وتوتر متسائلًا عن حالها، فحاول الطبيب تهدئته، ثم ربت على كتفه قائلاً:..
                            * * * *
وصلت عنان القسم، ثم دلفت مكتب العميد غيث بعدما سمح لها أحد العساكر بالدخول.
جلست فوق أحدى المقعدان الساكنان أمام مكتبه، ثم تحدثت بجدية بعدما رحب بها، وأتى لها بمشروب مع قهوته ليرتشفانهما سويًا:
-هو فاضل كتير يا فندم؟
تنحنح غيث وهو يترك فنجان القهوة من يده فوق المكتب، ثم أقترب أكثر من المكتب، وظل يحرك في القلم أمامه بعشوائية يبدو بها التوتر.. نظرت عنان على يديه، ثم نظرت له بقلق متحدثة بعدم  فهم لما لاحظته من أرتباك ف حركاته:
-في حاجة يا غيث بيه؟
-ما فيش حاجة يا أنسة عنان.. بس القضية معقدة شوية
نطق بها غيث باندفاع، فلاحقته عنان بالكلام بضيق:
-يعني ايه؟ يعني مش هنعرف القاتل!
فعل بأصابعه حكة في أنفه بحركة لا إرادية، ثم أجاب:
-هنعرفه أكيد
-ضغطت عنان على أسنانها بفقدان صبر، ثم هتفت باستشاطة:
-انا اتصلت بحضرتك اكتر من مرة ومش بترد عليا، وانا فهمت دلوقتي مش بترد عليا ليه.. واضح جدًا على حضرتك أن ما فيش أمل توصلوا للقاتل.. بس مش معنى كده أنكوا تفضلوا معلقينا بأمل كداب.. يا ريت حضرتك تكون صريح معايا أكتر من كده
تنحنح غيث ثانيةً بارتباك، ثم تحدث بتحفظ:
-أنسة عنان.. أرجوكِ أهدي.. انا فعلاً ما بكدبش عليكِ.. كل الحكاية أن فعلاً القضية كلها عقد لكن انا مش ساكت، وبإذن الله خير.. أتمنى بس حضرتك تصبري معايا شوية كمان
زفرت عنان، ثم همت واقفة، ومدت يدها لغيث لتصافحه قائلة بضيق:
-تمام يا غيث بيه.. انا مضطرة امشي دلوقتي عشان عندي شغل
صافحها غيث وهو ينهض من مقعده قائلاً:
-بإذن الله هكلمك في أقرب وقت وهنكون وصلنا للقاتل
-أتمنى
قالتها عنان ببغض، ثم خرجت من المكتب على الفور.
سارت بانفعال متجهة إلى خارج القسم وهي تتفحص هاتفها ولم تنظر لطريقها، حتى أفاقت على اصطدام قوي بينها وبين شخص ما جعل هاتفها المحمول يسقط من بين يدها، ويسقط معه أيضًا من يد الشخص الأخر ملف، لتنظر له فتجده "حسام".
مرت لحظات بينهما في صدمة، حيث كانا لم يرا أحدًا منهما الأخر منذ أيام عديدة.. عاد حسام من صدمته وشروده، ثم حنى ظهره في صمت، والتقطت ملف التقرير وهاتف عنان، ثم عاد إلى موضعه، وناولها هاتفها بصمت، فأخذته عنان وتأففت بضيق وهي تبعد عنه سنتيمترات.
أولاها ظهره في تلك اللحظة دون أن يعطيها أي رد فعل، توقفت عندما لاحظت فعلته، ثم ادارت وجهها ونظرت عليه بصدمة، وظلت هكذا لحظات حتى أبتعد عنها وكاد أن يختفي عن ناظرها.
في تلك اللحظة التف فجأة لتقابل عينيه عينيها.. ارتبكت وسقط هاتفها ثانية ويديها ترتجف، فقهقه هو، ثم أستدار ثانيةً ليبتعد بعض الخطوات الإضافية، ثم طلب من العسكري مقابلة العميد غيث، ودلف مكتبه فور خروج العسكري منه بعدما أبلغه بوجوده في الخارج.
                           * * * *
وضع حسام الملف فوق المكتب، ثم جلس فوق المقعد بعدما صافح غيث، فجلس غيث هو الأخر، ثم تحدث بأهمية:
-طمني.. النتيجة طلعت؟
اومأ له حسام قائلاً:
-أيوة يا فندم
التقط في ذلك الوقت غيث الملف من أمام حسام وفتحه، ثم شرع في قراءة محتواه، وفجأة بدون سابق إنذار قذف بالتقرير بعيدًا بغضب مما جعل حسام ينتفض، ثم نهض غيث من مقعدة هاتفًا بانفعال:
-يعني ايه سلبية؟ يعني خلاص كده ما فيش أمل! سمعتي اتضربت؟ الصحافة مش هتلاقي سيرة غير قضيتي تتكلم فيها؟ طب هقول ايه لعنان اللي لسة ماشية دي بعد ما عاطيتني درس في الأدب؟ قولي أعمل أييه! مش غيث اللي يفشل.. مش انا
صمت وهو يمسح على وجهه باستشاطة، وحسام يحاول تهدئته، ولكن عندما فشل قرر الذهاب والنفاد من الموقف بطريقة سريعة، فأستأذنه بحجة انشغالات لديه، وغادر المكتب على الفور.
استقر سيارته فور خروجه من القسم، ثم أخرج هاتفه المحمول من جيبه، وشرع في البحث عن رقمٍ ما والشرود مسيطر عليه، ثم طلبه فور العثور عليه.
انتظر بضع ثواني حتى أتاه صوت من الهاتف، فتحدث هو بعدما تنحنح:
-السلام عليكم
قالها وأبتلع ريقه، وفجأة...
.....

#بسمه_ممدوح

جريمة ضد مجهول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن